بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَىُّ شَىْءٍ أَكْبَرُ شَهَٰدَةًۭ ۖ قُلِ ٱللَّهُ ۖ شَهِيدٌۢ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ ۚ وَأُوحِىَ إِلَىَّ هَٰذَا ٱلْقُرْءَانُ لِأُنذِرَكُم بِهِۦ وَمَنۢ بَلَغَ ۚ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخْرَىٰ ۚ قُل لَّآ أَشْهَدُ ۚ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌۭ وَٰحِدٌۭ وَإِنَّنِى بَرِىٓءٌۭ مِّمَّا تُشْرِكُونَأتى أهل مكّة رسول الله فقالوا أما وجد الله رسولاً غيرك ؟ ما نرى أحداً يصدّقك فيما تقول ولقد سألنا عنك اليهود والنصارى فقالوا أنّه ليس لك عندهم لك عندهم ذكر فأرِنا من يشهد لك أنّك رسول الله كما تزعم . فأنزل الله هذه الآية (قُلْ) يا محمّد لهؤلاء الكافرين (أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً)1 على صدقي كلام الله أم كلام الناس ؟ فالله أعلم بالأشياء من الناس وهو الذي أرسلني والقرآن كلامه ، فلماذا تصدّقون كلام اليهود والنصارى وتكذّبون كلام الله ؟ (قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ) يسمع أقوالكم ويرى أفعالكم ، وكلامه القرآن يشهد لي بأنّي رسول الله إليكم (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ) من عذاب الله وعقابه إن لم تؤمنوا وتتركوا عبادة الأوثان (وَمَن بَلَغَ) أشدّه أيضاً ينذر بالقرآن وهو يشهد لي أيضاً . ونظيرها في آخر سورة الرعد وهي قوله تعالى {قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} . يعني ومن عنده علم الكتاب فهو يشهد لي أيضاً ، ويريد به المهدي وكذلك قوله تعالى (وَمَن بَلَغَ) يريد به المهدي وذلك من قوله تعالى في سورة الأحقاف {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ..الخ} ، وهذه الآية في وصف المهدي وهي في سورة الأحقاف .
(أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى) هذا سؤال على وجه الإنكار والتوبيخ وتقديره كيف تشهدون أنّ مع الله آلهةً أخرى بعد وضوح الأدلّة وقيام الحجّة على وحدانيّته (قُل لاَّ أَشْهَدُ) كما تشهدون (قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ) به .
وجاء في كتاب مجمع البيان في المجلّد الرابع صفحة 282 قال : "وفي تفسير العياشي قال أبو جعفر وأبو عبد الله (ع) من بلغ معناه من بلغ أن يكون إماماً (يعني المهدي) فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به رسول الله . وعلى هذا يكون قوله ومن بلغ في موضع رفع عطفاً على الضمير في أنذر ."
------------------------------------------------------
1 قال المفسّرون وفي الآية دلالة على أنّ الله تعالى يجوز أن يسمّى شيء . أقول لا يجوز ذلك لأنّ لفظة شيء معناها المادّة ، وإنّ الله تعالى يجلّ عن المادّة ، فقد قال تعالى في سورة الشورى :{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} .
__________________________________________________ _________--
من كتاب المتشابه من القرآن لمفسر القرآن محمد علي حسن الحلي