لا تظهر كلمة البهارات في اللغات الأوروبية إلا في نهاية القرن الثاني عشر الميلادي , وقد سحرت البهارات والتوابل عقول الأوروبيين عندما اكتشفوها لأول مرة فألوانها الجميلة , وروائحها القوية، وطعمها الشهي، كل ذلك ساهم في الإعجاب بها والإقبال عليها, والواقع أنها كانت معروفة من قبل القدماء في العصور اليونانية والرومانية، بل وكانوا يستخدمونها في تحنيط الموتى في الحضارة المصرية القديمة..
ثم جاء عهد الامبراطورية الرومانية التي احتلت عرض البحر الأبيض المتوسط كله وساهمت في اكتشاف الطرق التي تؤدي إلى التوابل والبهارات , ومعلوم أن كليوباترا استخدمتها في الطهي لكي تجذب يوليوس قيصر , وقد انتشر الزعفران بكميات كبيرة في شوارع روما احتفالاً بدخول الامبراطور نيرون إليها.
وكان الرومانيون يقبلون بشدة على هذه البهارات التي تشهّي الطعام وتجعل مذاقه محبباً إلى النفس , ولكنهم كانوا أحياناً يتناولون كميات كبيرة من الفلفل والتوابل مع الأكل، وهذا إفراط لا ضرورة له.
التوابل الطبيعية: صيدلية متنقلة للعلاج
.
البعض يرى ان التوابل تستحق أن تنقل من دولاب المطبخ الى رفوف صيدلية المنزل لما لها من فوائد طيبة وصحية للإنسان , وتعد التوابل أحد أسرار الطبيعة والطعام اللذيذ معا لأنها تعطيه النكهة وتكسبه الرائحة الزكية التي قد تميز الشعوب بعضها عن بعض لكن الكثير من النساء قد لا تدري ان هذه التوابل قد تحافظ على صحة افراد الاسرة .
وهناك من يرى أن بعض التوابل يستحق ان ينقل من دولاب المطبخ الى رفوف صيدلية المنزل لما لها من فوائد طيبة وصحية للإنسان بعد ان اثبتت الابحاث ان بها مكونات طبيعية تدمر الميكروبات والفطريات وتقاوم التسمم الغذائي وتفيد في علاج بعض الأمراض.
ويقول الطبيب هنري عوض اكد استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية والخبير في العلاج بالأعشاب والنباتات اهمية ان تزود ربة المنزل مطبخها بالتوابل والاعشاب التي تحتوي على فوائد صحية.
ويشير عوض الى ان تناول الزنجبيل مفيد في علاج احتقان الحلق وتوسيع الدورة الدموية أما اذا خلط مع القرفة والمحلب فانه يزيد من نشاط الدورة الدموية وحرارة الجسم موضحا ان القرفة الدارسين تعد ايضا فاتحة للشهية ومنشطة للجهاز الهضمى .
واضاف ان الكراوية تفيد في علاج التهابات المعدة واضطرابات القولون وتطرد الغازات والبلغم كما انها مهضمة وتعطى للأطفال الذين يعانون من تقلص بالأمعاء اما اليانسون فيفيد في علاج النزلات الشعبية وطرد الغازات كما يعد مهدئا للجهاز العصبى .
ولفت عوض الى ان كوبا واحدا من البابونج المغلي يعتبر صيدلية كاملة فإذا غسل به شعر الرأس اكسبه لمعانا واذا غسل به الوجه أزال الدهنيات العالقة به والتجاعيد او كغسيل للعيون او كمضمضة يقوى اللثة ويمنع التهابات الحلق كما ان شربه مهضم ومهدئ .
أما الشمر نافع للقولون ومدر للبول ويعد وصفة جيدة للقولون العصبى الذي لا يزال يحتار في علاجه على مستوى العالم ويعانى منه الكثيرون كما انه ينشط الكبد ويعالج الدوخة والصداع. وذكر ان الزعتر المشهور في بلاد الشام ويرتبط استخدامه بزيت الزيتون فدائما ما يكونان معا جبهة قوية لمقاومة الأمراض مشيرا إلى أن الزعتر يحتوى على مواد قاتلة للميكروبات تحمى الجسم من امراض الجهاز الهضمي وتقاوم أنواع التسمم الغذائي .
واضاف عوض ان حصى اللبان والمرمرية من التوابل المعروفة في المنطقة العربية وقد عرفها المصريون القدماء وتستخدم حصى اللبان كمنشط للجهاز الهضمى ومانع للتقلصات وهاضم للمواد الدهنية فيما تغلى المرمرية لتهدئة المعدة .
وذكر عوض ان البردقوش يفيد في علاج امراض الجهاز الهضمي والروماتيزم والأرق وآلام الطمث كما ان الكمون مفيد صحيا كهاضم للأطعمة ومدر للبول ومثله الكزبرة التي تستعمل أيضا في علاج الصداع المزمن .
وذكر ان الكركم بلونه الاصفر القوى الذي يستخدمه الهنود في صنع الكارى فانه يحتوى على مواد لها تأثيرات مضادة للتجلط والاكسدة ومخفضة للكوليسترول وسكر الدم ومثبطه لبعض الاورام.
أما الشطة فذكر انها تعد من اهم التوابل الفاتحة للشهية وتستخدم اما طازجة او مطحونة كما تستخدم في الصناعات الغذائية مثل التخليل وحفظ الاغذية واللحوم ومكسبات الطعم والرائحة وهي مصدر لفيتامينى أ وَ ج كما تستخدم في الطب الشعبى , وأضاف ان الشطة تقوى الدورة الدموية وتنشط القلب لكنه نصح بعدم الافراط في تناولها لان لها بعض الاعراض الجانبية مثل البواسير كما يجب منعها في حالات الاصابة بقرحة المعدة او سوء الهضم .
واشار عوض الى ان الفلفل الاسود يعتبر “ملك البهارات” على اختلاف انواعها واشكالها وباستطاعته القضاء على عدد كبير من الميكروبات وهو مسيل للعاب وفاتح للشهية وهاضم جيد وطارد للغازات واستخدمه البعض كعلاج للسعال والربو وبعض امراض القلب .
وبين ان النعناع يعمل على تخفيف تشنجات الأمعاء ويزيد افراز العصارة الهاضمة في المعدة والامعاء فيما يساعد الحبهان (الهيل) ذو الرائحة العطرة الزكية على الهضم ويمنع الغثيان والقيء كما يضاف الى الشاي والقهوة لتطييبهما .
واكد ان قائمة التوابل التي يشتهر بها العرب طويلة وممتدة وتضيف إلى الطعام أو الشراب الكثير من الفوائد الصحية فمنها ما يفتح الشهية لتناول الطعام ومنها ما يحفظ الطعام من الفساد ويقاوم التسمم ومنها ما يحمى جسم الانسان من الأمراض .
وهناك من يرى انه لولا التوابل ما اكتشف كريستوفر كولومبس العالم الجديد منذ اكثر من 500 عام واصبحت اميركا قطبا رئيسيا في العالم اذ لم يكن هدفه اكتشاف امريكا وانما الوصول الى الهند موطن سائر البهارات عندما احتلت تجارة التوابل في ذلك الوقت مكانة استراتيجية .