2014/01/09 21:59
"بسكويت" يسمّم أطفال العراق.. رصاصة الفساد تُخطيء الهدف
بغداد/المسلة: تتفاعل حادثة الكشف عن شحنة بسكويت فاسدة معدة للتصدير في الاردن الى اطفال المدارس في العراق، محدثة جدلاً في الاوساط السياسية والنيابية في العراق ، مثلما في وسائل الاعلام، فيما كشف السفير العراقي في العاصمة الارنية عمان، جواد هادي عباس، في احدث تصريح عن القضية، الاربعاء، عن أن "السفارة العراقية بعمان كان لديها معلومات مسبقة، حول (شبهات الفساد)، التي تدور حول البسكويت الفاسد المصدّر لبلاده"، مشيرا في حديث نشرته صحيفة "كرامة" الاردنية الالكترونية، إلى أنه "وَضَعَ وزارة التجارة العراقية في صورة التطورات الأخيرة التي طرأت على الموضوع". وكانت صحيفة "الغد" الاردنية، كشفت في تقرير معزّز بالصور، عن شحنة بسكويت فاسدة منتهية الصلاحية في أيلول (سبتمبر) 2013، وتم تمدّيدها الى عامين إضافيين لغاية 2015، ليصدّر الى العراق حيث يوزّع على المدارس هناك، على رغم كونه غير صالح للاستهلاك البشري. وفي الوقت الذي افاد فيه التحقيق الاردني، ان التزوير لتاريخ هذه المادة الغذائية يجري في مستودعات تابعة لوزارة الصناعة والتجارة الاردنية، مستأجرة من قبل برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، فان الوزارة "نفت وجود مستودعات لها مؤجرة في منطقة الجويدة". وقالت الوزارة، أنها "لا تملك أصلا أية مستودعات في الجويدة وان المستودعات التي يتم فيها تخزين مادتي الشعير والنخالة هي مستأجرة لصالحها من الشركة العامة الأردنية للصوامع والتموين". وتفاعلت قضية البسكويت المنتهي الصلاحية، بين الاوساط النيابية ، اذ رفعت لجنة الصحة والبيئة في مجلس النواب الاردني، الاربعاء، تقريرا موسعا الى رئيس المجلس عاطف الطراونة حول ما سمته "قضية التلاعب بتواريخ صلاحية البسكويت لأطفال العراق التي تتم في مستودعات حكومية على أرض المملكة". و اقترحت اللجنة في تقريرها الرسمي إعادة تصدير الشحنة الى بلد المنشأ للتخلص منها حسب القوانين المعمول بها في الأردن. وعلى الصعيد البرلماني العراقي، أكدت لجنة التربية النيابية، الأربعاء، دعوتها الى تشكيل لجنة "تقصي حقائق" بشأن "الادعاءات" الخاصة بتوزيع بسكويت تابع لبرنامج الغذاء العالمي، "منتهي الصلاحية" على طلاب المدارس، مبينة أن "وزارة التربية نفت الموضوع". وقال رئيس لجنة التربية النيابية، عادل شرشاب، إن "اللجنة اطلعت منذ أشهر على وجود شحنات كبيرة من البسكويت المنتهي الصلاحية، وغير الصالح للاستهلاك البشري خاصة ببرنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، مخصصة لطلبة المدارس العراقية"، مشيراً إلى أن "شرطة الحدود العراقية رفضت منذ شهور، دخول كمية من البسكويت من الأردن، لانتهاء صلاحيته". وبحسب شرشاب، فأن "مدير قسم الصحة والبيئة في وزارة التربية، ذكر أن تلك الشحنات أعيدت من الحدود ولم تدخل العراق أساساً ". وذكر شرشاب، أن "اللجنة ستستضيف ممثل البرنامج الأممي في بغداد، للاستفسار منه عن تفاصيل الموضوع"، وتابع "التحقيق بالموضوع سيكشف حقيقته تمهيداً لاتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المقصرين". وكان برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، طلب في الرابع والعشرين من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي من المؤسسة العامة للغذاء والدواء "السماح بإصدار موافقة من أجل إعادة طباعة تاريخ الصلاحية ليتوافق مع واقع حال الشحنة، والتي تنتهي بعد 24 شهرا من تاريخ الإنتاج"، وفق الممثل المقيم والمدير القطري للبرنامج مها أحمد، مستندة بالوثائق الرسمية إلى الشهادات الصادرة عن الحكومة العراقية ومختبرات الغذاء والدواء الأردنية. غير ان منسّق "تحالف إنسان" أحمد عوض اشار إلى العديد من "الانتهاكات" التي كشفها التحقيق الاستقصائي الذي نشر عبر صفحات "الغد"، والتي تمس "الحق بالحياة"، و"الحق بالحصول على غذاء صحي"، مؤكدا أن "تزوير تواريخ انتهاء صلاحية المواد الغذائية سيؤدي عاجلا أم آجلا الى الإضرار بصحة البشر الذين سيتناولونه، ويهدد حياتهم بالخطر". واعتبر عوض، في تصريح إلى صحيفة "الغد"، أن هذه "انتهاكات يجب أن تحاكم عليها جميع الأطراف ذات العلاقة، سواء في برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة أو وزارة الصناعة والتجارة أو "الخارجية" أو المؤسسات الرسمية العراقية". وتتوفر في اسواق العراق الكثير من الاغذية الفاسدة من دون ما يشير الى وجود محاسبة قانونية لمستورديها وبائعيها بسبب القصور في تنفيذ القوانين في وزارتي الصحة والبيئة والمنافذ الحدودية. ويتحدث مواطنون ووسائل الاعلام، عن تجار يهربون مواد غذائية من منافذ غير خاضعة للرقابة، الكثير منها غير صالح للاستهلاك البشري. وفي اكتوبر 2013، قالت عضو اللجنة الاقتصادية النيابية نورا البجاري إن "اللجنة سجلت عبر رصدها الشهري وجود عدد كبير من الاغذية الفاسدة تنتشر في مختلف اسواق البلاد لاسيما العاصمة بغداد".. و في ايلول 2013، اتلفت السلطات المعنية أكثر من 14 طنا من المواد الغذائية المتنوعة التالفة والفاسدة خلال حملة تفتيش نفذتها وسط مدينة الديوانية، جنوبي بغداد. ويرتبط العراق مع الدول المجاورة من خلال 13 منفذا حدوديا إضافة إلى خمسة منافذ جوية وخمسة منافذ بحرية ويعتبر منفذا الوليد وربيعة مع سوريا، ومنفذ طريبيل مع الأردن، ومنفذ عرعر مع السعودية، ومنفذي الشلامجة والمنذرية مع إيران، ومنفذ إبراهيم الخليل الذي يربط العراق بتركيا، من ابرز المنافذ الحدودية. وفي نهاية العام 2012، اعلن مدير عام مديرية مكافحة الجريمة الاقتصادية التابعة لوزارة الداخلية في بغداد إن "أغلب البضائع المنتهية الصلاحية تدخل إلى العراق عن طريق المنافذ الحدودية وبصورة شرعية"، عازياً الأمر إلى "تواطؤ بعض القائمين على حماية هذه المنافذ". ويعد الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، التابع لوزارة التخطيط العراقية، المسؤول عن فحص البضائع عند منافذها الحدودية. ويفحص الجهاز شهرياً بين 1300 – 1500 نموذجا استيرادياً.