في شهر أيلول عام 1859 تعرضت الأرض لعاصفة مغناطيسية مكونة من سيل قوي من البروتونات وصفت حينها بأنها «عاصفة القرن» حيث تعطلت أجهزة الاتصالات المعروفة آنذاك «التلغراف» لفترة من الوقت وظهرت الأضواء الشمالية المعروفة «بالشفق القطبي» Aurora وصلت إلى حدود جزر الهاواي.
خلال الأسبوع الجاري، التقى عدد كبير من الصحفيين وكتاب المقالات العلمية في واشنطن من اجل البحث حول مدى إمكانية تعرض الأرض لخطر عاصفة مغناطيسية قوية شبيهة بتلك التي حدثت في القرن التاسع عشر، خاصة أننا مقبلون على دورة مغناطيسية شمسية قوية نهاية العام القادم 2012 .
إن تعرض الأرض - لا قدر الله - لمثل هذه العاصفة المغناطيسية الشمسية هو أكثر خطورة من تلك التي حدثت سنة 1859 وسبب ذلك التطور العلمي والتكنولوجي الذي وصل إليه الإنسان في أبحاث وتكنولوجيا الفضاء، حيث انه بمجرد حصول هذه العاصفة الشمسية فهذا يعني تعطل مولدات الكهرباء وانقطاع التيار الكهربائي عن عدد كبير من دول العالم لأسابيع وربما لشهور، ما يعني غرق هذه الدول وخاصة الصناعية منها بظلام دامس الأمر الذي يتبعه خطر على السلامة والأمن القومي في دول العالم وخاصة المتقدمة منها.
كما أن العاصفة المغناطيسية يمكنها قطع الاتصالات الفضائية والتشويش عليها أيضا، كما ستعطل أجهزة تحديد المواقع GPRS وهي أجهزة مهمة جدا في الملاحة البحرية والجوية، كما تتأثر اتصالات البورصات العالمية وتعطيل التجارة الدولية وما إلى ذلك.
وعلى اثر ذلك، فقد أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» عن التحضير لاجتماع المئات من خبراء الطقس والمناخ والاتصالات الفضائية والفيزياء الشمسية ضمن مشروع « طقس الفضاء» Space Weather Enterprise لبحث سبل مواجهة عاصفة مغناطيسية شمسية قوية مثل تلك التي حدثت سنة 1859 م ومحاولة التقليل من أخطارها المرتقبة.
يقول الخبير في فيزياء الشمس «مايكل هيسيه» Michael Hesse مدير مختبر طقس الفضاء GSFC»» Space Weather Lab وأحد المتحدثين في المؤتمر: إن التكنولوجيا الحديثة يمكنها رسم صورة ثلاثية الأبعاد للنشاطات المغناطيسية، وذلك باستخدام أسطول من المركبات الفضائية والتلسكوبات الخاصة برصد الشمس في الفضاء أو التي تدور حول الشمس، وهذا يتيح لنا التنبه مسبقا لهذه العاصفة المحتملة والتحضير لمواجهتها قبل أن يبدأ تأثيرها الفعلي على الأرض.
كما سيتم استعمال شبكة حواسيب متطورة جدا في المشروع بحيث يمكنها تحديد مقدار التيار الكهربائي المتدفق من الأرض والناتج عن العاصفة المغناطيسية الشمسية، وهذا كله يمنحنا درعا قويا «درعا شمسيا» Solar Shield يمنحنا نوعا من الاطمئنان على الحياة الأرضية من مثل هذا الخطر الداهم.
(منقول )