شهد عام 2013 إكتشافات طبية مُذهلة والتيمن خلالها يُمكن مساعدة مَلايين المَرضى في العَالم كله بعضها تم اختباره بالفعل والبعض الآخر يَفتح آفاقا مستقبلية للتغلب على تلك الأمراض.
وفيما يلي نحاول إلقاء الضوء على بَعض من أهم هذه الاكتشافات في التخصصات المختلفة سواء على صَعيد التشخيص أو العِلاج أو الوقاية.:
- لقاح ضد الإيدز
التوصل إلى لقاح ضد مَرضى الإيدز. ظهر أمَل جَديد لمرضى الإيدز، حيث أعلن أطباء كنديون في شهر سبتمبر (أيلول) المَاضي عَن نجاح التجارب الإكلينكية في المرحلة الأولى Phase I لإنتاج تطعيم أو لقاح وَاق من الإيدز SAV001 - H. وقالوا إن تجارب المرحلة الأولى لم تنجح فحسب بَل أيضا سَاعدت في تحفيز إنتاج أجسام مُضادة في المَرضى الذين تم تجربة اللقاح عليهم. ومن المَعروف أن المرحلة الأولى من تجربه أي لقاح تلي مُباشرة التجارب على الحَيوانات، ويتم تجربة اللقاح على عينة صَغيرة من الأشخاص الأقل فرصا في الإصابة بالمرض أو مضاعفاته. وهذه المَرحلة تستمر نحو عام أو عام ونصف، وفى حَالة نجاحها يتم تجربتها على عينة أكبر وأكثر فرصا للتعرض للمَرض والمضاعفات وصولا للمرحلة الثالثة والأخيرة والتي يتم تجربتها على آلاف الأشخاص وهى المَرحلة النهائية وتستغرق عده سنوات. وكانت النتائج البشرية مُشجعة للقاح، وهو عبارة عن الفيروس كامل مقتولا بَعد تعديله بالهندسة الوراثية ثم حقنه عن طريق الحقن العضلي في عَينة من المرضى بالإيدز من الرجال والنساء ولكن لم تظهر الأعراض عليهم تتراوح أعمارهم من 18 وحَتى 50 عاما وتم اختبار اللقاح مقابل عَقار وَهمي وأثبت فاعلية كبيرة وهو الأمر الذي يعني أن اللقاح سيكون جَاهزا في غضون سَنوات قليلة.
- التهاب الكبد الوبائي
التوصل إلى عِلاج جَديد لمرضى الكبد الوبائي «سي» C. تمكن العُلماء مَن التوصل إلى علاج دَوائي عن طريق الفم على شكل أقراص لمرض الالتهاب الكبدي الوبائي المزمن (سى) وهو الأمر الذي يمكن أن يساعد ملايين من المرضى في العالم كله. وَمن المعروف أن المَرض شديد الخطورة ويؤدى إلى فشل الكبد وتلفه ويزيد من فرص الإصابة بسرطان الكبد وَيؤدى لاحقا إلى الوَفاة ويمثل مُشكله صحية كبرى في كثير من الدول مثل مصر والتي تعتبر أعلى نسبة إصَابة في العَالم. وينتقل المرض عن طريق الدم ومشتقاته ومِن خلال أي إجراء يمكن أن يثقب الجلد ويصل إلى الدَم. وقبل التوصل إلى هذا العَقار كان العِلاج الفعال الحالي هو عبارة عن الحقن بعقار الإنترفيرون، الذي يزيد المناعة مَرة واحدة أسبوعيا. ويعاني المَرضى من الآثار الجَانبية لهذه الحقن رَغم فاعليتها، فضلا عَن المُدة الطويلة اللازمة للعِلاج والتي تبلغ نحو 48 أسبوعا، بينما الدواء الجديد يتم تناول القرص بشكل يَومي لمده تتراوح بين 8 أو 12 أسبوعا. وأشارت التجارب للدواء إلى أنه تمكن مِن شفاء تقريبا مُعظم المرضى الذين شملتهم التجربة 97%. وَقد حَصل الدواء عَلى موافقة إدارة الغذاء والدواء FDA ويَبقى العائق أماَم انتشاره هو ارتفاع سِعره.
- علاج عمى الألوان
التوصل إلى علاج عَمى الألوان. في شهر فبراير (شباط) من العَام الجاري أعلن العلماء عن توصلهم إلى عَدسات من نوع معين يلبسها المريض قادرة على عِلاج عمى الألوان colour - blindness خاصة عَدم تفرقة المصابين به بَين اللون الأخضر والأحمَر وهو أشهر أنواع عَمى الألوان (عمى الألوان هو عَدم التمييز بدقة بين ألوان معينة وذلك نتيجة لغياب صبغة مُعينة حساسة للضوء من خلايا الشبكية والمَرض يعاني منه في الأغلب الرجال بنسبة نحو وَاحد لكل عشرة رجال، ولكن يًمكن أن تعاني منه السيدات بنسبة أقل تصل إلى سيدة من كل عِشرين والمرض وراثة وَيوجد منذ الولادة). وقد حققت هذه العَدسات والتي تسمى أوكسي آيزو Oxy - Iso lenses نتائج إيجابية عِند استخدامها َوتمكن المَرضى من الرؤية الصَحيحة بشكل جَيد للمَرة الأولى ولكن هذه العدسات لا تعالج إلا عَدم التفرقة بَين الأحمر والأخضر فقط.
- أشعة مجسمة
استخدام أشعة للثدي ثلاثية الأبعاد. شهد هذا العَام بداية استخدام أشعة الثدي ثلاثية الأبعاد 3D mammography التي تعتبر أحدث التقنيات في فحَص الثدي والكشف المبكر عَن أي أورام في مرحلة مبكرة وكانت هذه التقنية قد حصلت على مُوافقة إدارة FDA الأميركية في عام 2011 إلا أن الاستخدام الموسع لها حدث في هذا العام، حيث كانت هناك دِراسات تشير إلى خطورتها الصِحية ولكن بعد التأكد مِن فوائدها تم استخدامها بشكل مكثف هذا العَام. وهذه التقنية لم تستبدل بقية الوَسائل التشخيصية الأخرى، ومنها أشعة الثدي العَادي (الماموغرام ثنائي الأبعاد) حتى الآن ولكنها أكثر تقدما بطبيعة الحال وتعطي صُورة شديدة الوضوح خاصة وأن تكوين الثدي نفسه والقنوات اللبنية لا تظهر بشكل كامل في الأشعة العادية ثنائية الأبعاد. وبالتالي فإنها توفر فرصا أكبر للعِلاج وأيضا أقل أضرارا خاصة في استئصال الأنسجة سَواء من الثدي أو الغدد الليمفاوية أو العضلات المحيطة بالثدة لأنها تحدد مَكان الإصابة بدقة شديدة، كما توضح الخلايا السَرطانية المحاطة بأنسجة طبيعية وهو الشيء الذي لا يظهر بوضوح في الأشعة العَادية.
-علاج الصداع
طريقة جديدة لعِلاج الصداع والصداع النصفة. هذه الطريقة تنهي معاناة الآلاف من المرضى الذين يَعتمدون على المسكنات بشكل كامل في أوقات حدوث الصُداع. وكان العلاج المُستخدم موجها إلى تنبيه حزمة الأعَصاب المسؤولة عن الألم، والتي تقع خلف الأنف. وقد قام العلماء بابتكار جهاز صغير في حجم اللوزة يقوم بتنبيه العَصب ويتم زرعه مِن خلال شق جراحي صغير جدا في اللثة العليا ويتم وضع الطرف الرئيسي على جانب الوجه في المكان الذي يعاني منه المَريض من الألم. وكلما شعر المَريض ببوادر حُدوث الصداع النصفي التي يعرفها جيدا يقوم بالضغط على ما يشبه أداة التحكم من بَعد (الريموت كونترول) ويتم توجيهه إلى الخد والذي يقوم بدوره بتحفيز حِزمة الأعصاب وَينهي الصُداع في مدة من نحو خمس إلى عشر دقائق. وفى التجارب الأوروبية أظهرت النتائج تحسن 68% من المَرضى الذين استخدموا الجهاز، وَساعدهم الجهاز في تخفيف حِدة الألم فضلا عن تباعد فترات النوبات، وقد تمت المُوافقة الطبية على استخدام الجهاز في أوروبا.
- استخدام الفيمتو ثانية في علاج المِياه البيضاء
شهد هذا العاَم استخدام تقنية شعاع الليزر الفيمتو ثانية في إجراء جراحات المياه البيضاء Femtosecond Laser Cataract Surgery في العين. وعلى عَكس المشرط الجراحي الذي يقوم بالقطع فإن شعاع الليزر يقوم بفصل الأنسجة وقد حاز على موافقة إدارة FDA. وسوف يحدث استخدام هَذه التقنية ثورة في جراحات العيون ويجعل إجراء عَملية المياه البيضاء أكثر دقة، ويتيح للجراحين أن يقوموا بعمل العمليات في العَدسة بأقل فتحة جراحية مُمكنة، وَيساعد في التئام الأنسجة سَريعا، كما أنه يقلل مِن احتمالية الالتهاب داخل العين لصغر حَجم الجرح وكذلك يضمن ثبات العَدسة الجَديدة، التي يتم زرعها. ومن المعروف أن الفيمتو ثانيه هي جزء متناهي الصغر مِن الثانية (10 قوة - 15 من الثانية).
- إنتاج جلد بشري
استخدام الخلايا الجذعية في زراعة الجلد. استطاع عُلماء إسبان التوصل إلى إمكانية زراعة الجلد مِن الخلايا الجذعية من الحبل السري، ثم بعد ذلك يمكن تخزين الجلد الذي تمت زراعته في بنوك الأنسجة واستخدامه عند الحاجة، مما يتيح الزراعة الفورية للمرضى الذين يعانون من فقد مِساحة كبيرة من الجلد مِثل مَرضى الحروق الشديدة أو مرضى سرطانات الجلد. ومن المَعروف أن التوسع في العِلاج بالخلايا الجذعية ازداد في الآونة الأخيرة وَلكن تعتبر هذه المَرة الأولى التي يتمكن فيها العلماء من زراعة الجلد مِن خلال الخلايا المأخوذة مِن الحبل السُري، خاصة وأن نوعيه الخلايا مختلفة. وكان نفس الفريق الطبي الذي توصل إلى هذا الاكتشاف قد حصل عن أبحاثه السَابقة على اعتراف المنظمة العالمية لهَندسة الأنسجةWorld Congress on Tissue Engineering.
- تشخيص أسهل لسرطان الجلد
تشخيص أسهل لسرطان الجلد. في هذا العَام أيضا حصل جهاز صَغير يتم حَمله باليد لتشخيص سَرطان الجلد (الورم القتامي) melanoma على موافقة FDA لاستخدامه للتفرقة بين الإصابات المختلفة في الجلد ومَرض سرطان الجلد في وقت مُبكر خاصة وأن مرض سرطان الجلد يصيب الملايين من البشر كل عام. ولا يقوم الجهاز الجديد بثقب الجلد وَلكن يستخدم تقنية تحليل الضوء من 10 أمواج ضوئية معينة مُختلفة في طول الموجة ويتم تسليطه عَلى الجزء المصاب والذي يكون في الأغلب عِبارة عن شامة mole، وهي وَرم حَميد على الجلد يمكن أن يتحول إلى ورم خبيث. ويقوم الجهاز بتبين تركيبة الأوعية الدقيقة micro - vessel structure تحت سطح الجلد ثم يتم مقارنة الصورة بعشرة آلاف صُورة لسرطان الجلد والأمراض الجلدية الأخرى وذلك في أقل من دقيقة وَاحدة.. يذكر أن الجهاز تمكن مِن تشخيص 98% من حالات سرطان الجلد بشكل صَحيح بعد التأكد من ذلك مختبريا وهو مَا يجعل هذا الجهاز حدثا طبيا مذهلا.
- دعامة جديدة للشرايين
دعامة جديدة للشرايين. عَلى الرغم من النجاحات الكثيرة في جرَاحات القلب ودعامات الشرايين إلا أن وجود كثير من المرضى الذين يعانون من مُشكلات في الشريان الأورطى أو الشرايين الكلوية الذين يخضعون إلى عَمليات توسيع أجزاء من الشرايين بالبالون، تصبح تلك الأجزاء عرضة للتمزق والانفجار في أي وقَت. وهذا ما يمكن أن يتسبب في مُشكلات صحية خطيرة تصل إلى الوفاة، خاصة وأن نسبة من المرضى من 20 إلى 40 في المَائة في الأغلب يعانون من عيوب تشريحية في تكوين الشريان يصعب معها استخدام الدعامات الموجودة حاليا بالأسواق. وَشهد هذا العَام ظهور الدُعامة الجَديدة المبتكرة التي يمكن أن تتعامل مع العيوب التشريحية وتصلح لكثير من الشرايين وتعالج الأجزاء المنبعجة المُعقدة مثل «حالات أم الدم المعقدة» complex aneurysms ، وحصلت هذه الدُعامة على موافقة FDA حديثا.
- علاج لنوبات الصرع
التوصل إلى عِلاج لنوبات الصَرع. شهد هذا العام أيضا التوصل إلى عِلاج لنوبات الصرع من خلال زرع شريحة إلكترونية تحت فروة الرأس تراقب التغيرات العَصبية في المُخ التي تؤدى إلى حدوث نوبة الصرع وتمنعها قبل حدوثها.. يذكر أن استخدام الشرائح الإلكترونية في عِلاج الأمراض العصبية حدث من قبل في مَرض باركنسون (الشلل الرعاش). وكانت أكبر مشكلة واجهت فريق البَحث هي حدوث عَدوى نتيجة الزرع ولكن تم التغلب عَليها وحصل الجهاز أخيرا على موافقة FDA ولكنه غالي التكلفة بالطبع ويعتبر أول جهاز يتم زرعه ويستجيب للتغيرات العَصبية في المخ.
-نظام النقل في الخلايا
اكتشاف نظام النقل في الخلايا. عل الرغم من أن هذا الاكتشاف يَبدو أكاديميا أكبر منه إكلينيكيا، الآن أن الحقيقة أن هذا الاكتشاف الفسيولوجي سوف يقود إلى نتائج طبية مذهلة مُستقبلا وَهو الأمر الذي جَعل المسؤولين عن مَنح جائزة نوبل للطب يعتبرون هذا الاكتشاف كأهم حَدث طبي في عام 2013 وهو الأمر الذي مكن العلماء الثلاثة (اثنان مِن العلماء الأميركيين وَعالم ألماني) الذين توصلوا إلى معرفه نظام النقل في الخلية من الفوز بالجائزة في هذا العَام، حيث إن التوصل لكيفية الانتقال بين الخلايا يمهد الطريق لعلاج كثير من الأمراض مثل مَرض السكري أو الأمراض المناعية. وتعتبر كل خلية بمثابة مَصنع تنتج وتصدر الجزيئات. وعَلى سبيل المِثال يتم تصنيع الإنسولين وإطلاقه في الدم ويتم نقل هذه الجزيئات حَول الخلية في حِزم صَغيرة تسمى الحويصلات، وَقد اكتشف العُلماء الطريقة التي تتحكم في كيفية توصيل هذه الجزيئات إلى المكان الصحيح وفى التوقيت الصَحيح في الخلية، حيث إن المرض يَحدث عند حدوث خلل في نظام النقل في الخلية وَخاصة في التوقيت وَمن خلال التوصل إلى الكيفية يمُكن التحكم في المُعوقات التي تعوق وصول الجزيئات إلى الخلية في التوقيت الصحيح ومن ثم علِاج المَرض.