بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
مرّ (عبدالله بن عمر) براعٍ مملوك، ومعه غنمُ سيِّده، فأراد أن يمتحن صدقه وأمانته، فقال له: هل من جزرة (يعني شاة تصلح أن تُجزَزَ، أي تُذبَح)؟!
قال الراعي: ليس ها هنا ربّها!! (أي إنّ صاحبها غير موجود).
قال ابن عمر: تقول إنّ الذّئب أكلها!! (اي تدّعي أنّ الذئب قد أكلها).
فقال له الراعي: إتّقِ اللهَ يا رجل!!
فسرَّ ذلك ابن عمر، فاشترى العبد من سيِّده وأعنقه، واشترى الغنم، ووهبها له لصدقِهِ وحُسن أمانته.
- الدروس المُستخلَصة:
1- في غياب الرقيب قد تتجرأ النفس على ارتكاب القبيح، ولكنّ شعور الرقابة والمعيّة الإلهية تجعل الإنسان تحت رقابة دائمة، فعندما قال (ابن عمر) للراعي: (تقول إنّ الذِّئبَ أكلها)، أراد له أن يكذب، وقد يُصدِّقه الراعي إذا عاد، لأنّ الذّئب عادةً ما يهجم ويأكل بعض الأغنام والشِّياه.
ولكن كيف يكذب والله تعالى يسمعه ويراه، وهذا ما عبّر عنه بعبارة الزّجر والتنبيه (إتّقِ الله يا رجل)، أي أتريد أن أكذب على سيِّدي والله تعالى مُراقبي؟
2- (إتّقِ الله) حينما تُشهر بوجه المُغرِّر والمُزيِّن للمُنكر. مثلها مثل رشقة ماء على وجه الغارق في غيبوبة، تعيدهُ إلى وعيه وصوابه، فكأنّه انساقَ مع إغرائه وشيطانه ونفسه الموسوسة، فتأتي (إتّقِ الله) لتعيده إلى الجادّة (الطريق المستقيم) بعد أن حادِ أو زاعَ عنه.
وكلمة (إتّقِ الله) لا تُقال للآخر فقط، يمكن أن نُخاطب بها أنفسنا إذا أمرتنا بالسوء، وهو من أروع المُهذِّبات وأفضل المؤدِّبات.