ونكون إزاء الغاية الفنية للقانون إذا تعلق الأمر بالنظام القانوني المتعلق بفرع من فروع القانون كالقانون التجاري الذي ينبغي أن يلبي مطالب خاصة تفرضها ضرورات الحياة التجارية، غير أن هذه النظم القانونية المختلفة ما هي إلا أجزاء من القانون في مجمله، لذلك وبغرض البحث عن غايته البعيدة التي تمثل الهدف المثالي له، لابد من النظر إلى القانون في شكله المتكامل.
وعلى هذا الأساس، نجد أن الغاية الأساسية التي يرمي إلى تحقيقها القانون هي محاولة الترجيح بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع في آن واحد طالما أن كل واحد منهما لا غنى له عن الآخر، فالفرد لابد له من مجتمع من أجل أن يحيا حياة سوية بكل جوانبها، ومن جهة أخرى، لا يمكن لمجتمع أن يوجد إلا بوجود الفرد، باعتبار هذا الأخير عموده الفقري وعنصره الأساسي.
صحيح أن القانون يهدف إلى السمو بالمصلحة العامة للجماعة ككل، ولكن دون أن تتعارض هذه المصلحة مع مصلحة الفرد وحريته الخاصة، فالهدف هو الترجيح بين المصلحتين كما سبقت الإشارة، لأن المصلحة العامة تتعلق بأفراد المجتمع كوحدة متكاملة.
ونشير إلى أن الدراسة الاجتماعية للقانون قد أثبتت أن الفرد لا يكون حرا إلا من خلال تنظيم اجتماعي يمكنه من إبراز مواهبه وقدراته، فحرية الفرد إنما هي تنظيم اجتماعي ضروري لبناء المجتمع باعتبارها جزء لا يتجزأ منه، أضف إلى ذلك أن علاقات الأفراد فيما بينهم تتطلب حدا أدنى من المجتمع الذي يعتبر عنصرا فعالا وقادرا على تنظيم هذه العلاقات، مما يعني وجود نوع من التوفيق بين الحرية والسلطة، أي بين حقوق الفرد والمصلحة العامة للمجتمع، أي التوفيق بين القيمة السامية للإنسان وبين متطلبات الصالح العام مع الإشارة إلى أنه في حالة النزاع بين هاتين المصلحتين، فلابد من ترجيح الكفة لجهة المصلحة العامة تحقيقا للخير العام.
وبناء على ما سبق، يمكن القول أن للقانون ثلاث قيم يهدف إلى تحقيقها وهي العدالة والأمن والخير العام