حسن الخفاجي
للراحل الكبير شمران الياسري أبو كاطع حكاية كتبها في إحدى مقالاته مختصرها - بتصرف - عاشر حصان احد الفلاحين فرس شيخ العشيرة الإقطاعي ، الذي سبق وان ابلغ حاشيته بضرورة إبلاغ جميع الفلاحين بوجوب ربط كل فلاح لحصانة ، لان فرس الشيخ بحاجة إلى حصان .
احد الفلاحين لم يكن قد سمع بإعلان الشيخ وترك حصانه طليقا ، بعدها مسك الشيخ حصان الفلاح متلبسا بالجرم المشهود مع فرسه !.
اصدر الشيخ أمرا برحيل الفلاح من القرية فورا. عمل الشيخ ذلك لان فرسه تتمتع بحصانة تمنع حصان فلاح فقير ان يتعدى تلك الحصانة ويعاشرفرسه!!.
حصانة فرس الشيخ لا تختلف كثيرا عن حصانة بعض النواب العراقيين ، لأنها حصانة باطلة شرعا وقانونا .
ثمة خلط وسوء فهم وتشويه مقصود لمعنى الحصانة البرلمانية في العراق. الحصانة تمنح للنواب في كل البرلمانات في العالم الحر تقريبا. تمنح الحصانة للنائب داخل قبة البرلمان وخارجها في بعض الأحيان كي يمارس مهامه البرلمانية في تقويم ومراقبة أداء الحكومة دون خوف أو خشية من الحكومة ، إذا انتقد أدائها ، وإذا كشف انحرافها وتجاوزاتها. أما ان يمنح من يسرقون المال العام ، ومن يرتكبون الجرائم ، ومن يقاومون قوات الأمن بالسلاح ، ومن يعتدون على شرف اسر عراقية ، ومن يحرضون على العنف والطائفية ، ومن يملكون مليشيات وفرق موت ، ويمنح الفاسدون والمرتشون حصانة تمنع مقاضاتهم حالهم كحال بقية الشعب ، هذا ما لا يقره شرع أو قانون أو عرف .
عام كامل انقضى والنائب احمد العلواني متغيب عن جلسات البرلمان دون ان تحرك رئاسة البرلمان ساكنا ، وتفتح ملف غيابه وغياب الكثير من أمثاله عن جلسات البرلمان لمدد طويلة ، وتمتعهم بكامل حقوقهم . الانكى ان: "النائب العلواني متمتع بإجازة مرضية مفتوحة" مثلما قال البعض من زملائه !!.
نشاهده من على شاشات التلفاز بكامل صحته ولياقته ، يتوعد حينا ويسب ويشتم أحيانا أخرى :"العلواني بادر بإطلاق الرصاص على قطعات الجيش " هكذا قالت بيانات الجيش ، مع ذلك نسمع من يذكرنا بالحصانة ووجوب إطلاق سراح العلواني !!!.
أنهى الراحل الكبير ابو كاطع مقالته عن الفلاح المطرود من قريته والذي لجأ إلى العاصمة وتدرج في الأعمال إلى ان امتلك مطعما ، بعد ثورة تموز١٩٥٨ الخالدة وبعد أن أطيح بالإقطاع ، جاء الشيخ الإقطاعي جائعا مشردا ، دخل المطعم يسأل عن ارخص الأكلات دون ان يعرف مالك المطعم ، الذي قابل إساءة الشيخ بكرم وحسن ضيافة .عرّفه بنفسه وذكّره بقضية الحصان والفرس. حينها سأل الشيخ مالك المطعم قائلا :"ابروح ابوك أريد أسألك على حصانك وين صار الوكت بيه" أجابه مالك المطعم: "أردت ان اعرف منك مصيره لأنني تركته في القرية حين غادرتها مكرها .ان أخبرتني عن مكان قبره، لسورته بالذهب ، لأنه كان سببا لخلاصي من ظلمك" ! .
الأمثال تضرب ولا تقاس .لعل اعتداء العلواني على قوات الأمن واعتقاله ينهي حالة لحصانات أخرى منحت لمن لا يستحقونها ، مع ذلك هم مازالوا يتمتعون بحصانة مثلما تمتعت بها فرس الشيخ وبعران شيوخ و أمراء الخليج وقرود وقطط وكلاب أصحاب الفخامة والجناب والسمو .اللهم احشرهم مع من يحبون . .
ترى من أين يستمد البرلمانيون الفاسدون والمجرمون واللصوص حصانتهم ؟
إذا كان قانون الحصانة الذي نعرفه لا يشملهم !.
هل يتمتعون بحصانة مشابهة لحصانة فرس الشيخ ، ومن هو شيخهم !؟ .
قديما قالوا"
"قل للزنبور ما دمت لا تنتج عسلا لا تلسع"