من طرائف نوري السعيد
لماذا امر باغلاق الحمامات والمرافق عن النواب في دعوة العشاء
محمد مجيد الدليمي
كاتب عراقي
منْ منا لم يسمع بالباشا نوري السعيد رئيس الوزراء في عهد النظام الملكي، السياسي الداهية الذي تردد اسمه في الدوائر والمحافل السياسية العراقية والعربية والدولية، ابن بغداد الوفي وصديق الانكليز الامين، تقلد منصب وزير الخارجية ست مرات ، سهلت له طرق التفاهم بين الانكليز والعراق وتولى رئاسة الوزراء لمدة اربع عشرة مرة. كل ذلك كان بحكم خبرته وحنكته السياسية التي نال فيها اعجاب الانكليز،اضافة إلى ذلك فانه صاحب نكتة وروح بغدادية مرحه وله طرائف وحكايات ساخرة من بعض المظاهر السلبية في السياسة والحكم والادارة.كثر الحديث عنه في ايامنا هذه التي تشهد ازمات سياسية متتالية وتساءل البعض منا. كيف لنوري السعيد الذي تولى رئاسة الوزراء عدة مرات ان حكم العراق بمكوناته وتنوعاته القومية والعرقية والسياسية وان يرضي الشعب والانكليز في ان واحد...؟هذه التساؤلات تطرح بين الناس الان وخاصة كبار السن الذين عايشوا ايام الحكم الملكي، والذين بداوا يحنون إليه الان بعد ان راوا ظروف الحاضر الصعبة المتمثلة بالصراعات السياسية والكوارث الامنية.روى لنا احد كبار السن وهو حي يرزق حكاية طريفة عن نوري السعيد ودهائه في حل ازمات البلاد إن حصلت ومفادها كما يرويها! إن اعضاء مجلس النواب (الاعيان والشيوخ) طلبوا من وزير الداخلية انذاك إن يصدر امراً باغلاق ملاهي بيع الخمر و وبيوت البغاء في الميدان. نقل وزير الداخلية طلبهم إلى الباشا نوري السعيد رئيس الوزراء، الذي عارض الطلب واوضح لهم إن ملاهي بيع الخمر وبيوت البغاء في الميدان، تعد اماكن مخصصة ومحصورة في هذه الاماكن المعروفة لدى الدولة وتحت اشراف الشرطة والصحة، واننا في حالة منعها واغلاقها فانها ستفتح بشكل سري وغير مشروع وبعيدة عن انظار الحكومة وفي اماكن ومناطق سكينة نظيفة، ستخلق مشاكل واثار سلبية على بقية الناس الامنين. لم يقتنع اعضاء مجلس النواب بايضاحات الباشا واصروا على طلبهم بغلق ملاهي بيع الخمر وبيوت البغاء في الميدان،مما ادى ذلك إلى خلق ازمة خلاف بين رئيس الوزراء ومجلس النواب. هذه الازمة شغلت بال وفكر الباشا وبدا يبحث لها عن حل مقنع ومرض ٍ للجميع وبعد مضي مدة قصيرة وذات يوم والباشا السعيد كان عائداً من عمله وموضوع الازمة يسيطر على عقله وبعد إن تناول غذاءه وشرب الشاي فتح جهاز المذياع وبدا يسمع ويطرب لصوت المطرب الكبير محمد القبنجي وهو يغني المقام لامي، وفي لحظات تامل وطرب وردت له فجأة لحل الازمة التي شغلت فكره وعقله فنهض من مكانه مسرعاً إلى جهاز التلفون واتصل بوزير الداخلية وطلب منه توجيه دعوة عشاء إلى اعضاء مجلس النواب مساء غد في مبنى رئاسة الوزراء في الموعد جاء المدعوون النواب ودخلوا صالة الطعام ووجدوا الموائد العامرة بكل انواع الاكلات العراقية والغربية وحتى الاكلات البغدادية الشعبية والمشروبات الروحية،وبعد إن بدأوا بتناول الطعام امر الباشا نوري السعيد الخدم العاملين في صالة الطعام وبشكل سري بغلق الحمامات والمرافق وجلب مفاتيحها إليه دون إن يعلم احد بذلك اكل النواب وشربوا وتبادلوا اطراف حديث الساعة فيما بينهم والباشا في وسطهم يجاملهم وتبادل معهم الحديث وبعد إن امتلت كروشهم اراد البعض الذهاب إلى الحمامات والمرافق فوجدوها مغلقة ولم يعرفوا سبب غلقها وبدا الضيق والتذمر على وجوههم ولم يجرؤوا باعلام الباشا السعيد بذلك مما اضطر بعضهم الخروج من صالة الطعام ليقضي حاجته في حديقة بناية رئاسة الوزراء والباشا يراقب من بعد الوضع وما يحدث بعضهم ضاق ذرعاً واراد ترك الصالة والعودة إلى منزله قبل إن يسلم على الباشا السعيد . على اثر ذلك امر نوري السعيد بفتح الحمامات والمرافق لهم حيث توجه الاغلبية منهم لها وقضوا حاجاتهم ثم دعاهم الباشا السعيد رئيس الوزراء جميعاً واوضح لهم عن الاسباب التي جعلته يأمر باغلاق الحمامات والمرافق حيث اراد إن يذكرهم بموضوع اغلاق ملاهي بيع الخمر وبيوت البغي في الميدان وقال لهم مثلما فعلتم انتم عندما غلقنا الحمامات والمرافق عنكم اضطررتم قضاء حاجتكم في اماكن عامة نظيفة غيرمخصصة لقضاء الحاجة.فاولئك رواد ملاهي الخمر او بيوت البغاء في الميدان سيفعلون مثلكم سيبحثون عن اماكن عامة نظيفة وقد تكون سكنية لتنفيذ رغباتهم الخاصة وهذا سيخلق لنا مشاكل خطرة تؤذي مجتمعنا. بعدها اقتنع النواب بعد إن وصلت اليهم فكرة الباشا الطريفة وحلت الازمة وخرج الجميع راضياً.
اني من قريت المقال حسيت بروحي ممقتنعة واذكرت البهلول