(يوسف سلمان يوسف)
مؤسس الحزب الشيوعي العراقي
ولد فهد في بغداد في 8-7-1901 . من عائلة كادحة من قرية ( برطله ) التابعة لمحافظة نينوى الآن , تهتم بتربية اطفالها وتعليمهم وعند بلوغه السابعة انتقلت عائلته طلبا للعمل الى البصرة وادخل مدرسة السريان الابتدائيه وبعد تخرجه منها دخل مدرسة ( الرجاء العالي ) الامريكيه. وبعد سنتين اضطر الى ترك الدراسه بسبب الاوضاع الاقتصاديه للعائلة, وفي عام 1916 اضطر للعمل في معمل صغير للثلج يعود لأخيه في الناصريه . وعاد ثانية الى البصرة ليعمل كاتبا في ادارة توزيع الكهرباء في الميناء , وتعرف على احوال العمال وظروفهم في مشروع كبير, , ويروي شقيقه " داود سلمان يوسف"
احد قادة الأضراب الذي اعلنه عمال المسفن " الدوكيارد" في البصرة صيف 1918 في حديثه ل عزيز سباهي وكان الأثنان معتقلين في معتقل ابو غريب عام 1949 , أن فهد وكان وقتذاك شابا يافعا قام بصياغة وكتابة العريضة التي قدمها العمال لأدارة المسفن .
ثم انتقل للناصرية واشتغل عاملا في معمل الثلج والطحين العائد لأخيه , وفتح مكتبة في الناصرية لبيع الكتب والصحف بالأشتراك مع " مهدي وفي " .
مطلع العشرينات انتمى فهد الى اول حزب وطني شعبي تأسس في العراق ( الحزب الوطني العراقي )
واصبح مساعد رئيس فرع هذا الحزب في الناصريه . فكان وهو يمزج النضال الوطني بالنضال الطبقي يحس بعدم فاعلية اساليب النضال السائده آنذاك فأنكب على مطالعة الكتب المتوفرة مثل ( البيان الشيوعي , مالعمل , الدولة والثورة ) ومراسلة الصحف البغدادية ( الشباب 1929 )
وكان وكيلها في البصرة ويتولى توزيعها , (البلاد 1929)
حتى اهتدى الى الماركسيه, وكان يجيد اللغات العربية والكلدانية والأنكليزية والروسية , ومعرفته لهذه اللغات مكنته من تتبع الأحداث الدولية عبر الصحافة الأجنبية .( , نداء العمال 1931 ),( الأهالي 1932 )
آمن فهد بالنظرية الماركسيه فوجد فيها السلاح لمقاومة الظلم والاستغلال وتحقيق العدالة الاجتماعية .
وفي غمرة كفاحه الوطني التقى بامثاله من رواد الحركة الشيوعيه في العراق وأسس اولى الخلايا الشيوعية في البصرة والناصرية عام 1929 بين صفوف العمال والفلاحين وكانت اولى الخلايا الماركسيه التي تربط النظرية بالعمل وتساند الحزب الوطني العراقي الذي كان يترأسه "( محمد جعفر ابو التمن)
وتجد فيه المجال العلني لنشاطها .
ومن اجل تطوير معارفه عن البلدان العربية قام بجولة في عدة اقطار عربية ( الكويت . سوريا ولبنان , فلسطين وشرق الأردن ) عام 1930 ونشر مقالاته عنها في جريدة ـ البلاد ـ وكان وقتها يرغب بالسفر الى الاتحاد السوفيتي حيث حاول الاتصال بالحزب الشيوعي الفلسطيني خلال زيارته لفلسطين لكنه لم ينجح . هذا مع العلم انه سبق وان حاول السفر الى الاتحاد السوفيتي في عام 1929 حيث سافر الى ايران واتصل بالقنصلية السوفيتية في شيراز من اجل السماح له بالسفر لكنه لم يتمكن لعدم حصوله على تزكية .
بعد إعلان المعاهدة العراقية ـ البريطانية الرابعة والتي تم توقيعها في 30 حزيران 1930 وعرفت بمعاهدة 1930 , تزايدت النشاطات الجماهيرية المناهضة للمعاهدة , والمطالبة بالأستقلال , مما دعى فهد للعودة الى العراق ليكون في قلب الأحداث , حيث شارك في المؤتمر الوطني الذي تم عقده في 5 كانون الثاني 1931 , حسب ما ذكره شقيقه داود لعزيز سباهي , حيث سعى لعقده حزبا " الأخاء الوطني " و " الحزب الوطني العراقي " وقد شارك في هذا المؤتمر ممثلون عن العشائر وعدد من الشخصيات البارزة , إضافة الى ممثلي الحزبين وشخصيات غير حزبية , واسفر عن توقيع مذكرة تطالب بتعديل المعاهدة واسقاط الوزارة وحل المجلس النيابي .
قاد فهد الاضراب العام في الناصرية عام 1931 والذي قتل فيه ( حسن عياش ) صديق ورفيق فهد . في مساء 13 كانون الأول عام
1932 اصدر فهد اول بيان يحمل شعار المطرقة والمنجل , ويا عمال العالم اتحدوا, ويعيش اتحاد جمهوريات عمال وفلاحي البلاد العربية , ووقعها بأسم " عامل شيوعي " وتم تعليق البيان في 18 مكانا في الناصرية .
عندها ضجت الدوائر الحكومية من نشاطه فأشتكوه الى زعيم الحزب الوطني " ابو التمن " بأن مساعد رئيس فرع الحزب في الناصريه ( هدام ( فأجابهم ابو التمن :
( بل انه بناء يحاول ان يبني مع الفلاحين والضعفاء حياة سعيدة للناس وانني اعضده بما املك من طاقة).
في 20 شباط 1933 تم اعتقال فهد في الناصرية وكان اول عراقي يدافع عن الشيوعية ويعترف بأنه شيوعي امام المحاكم حيث اعلن بكل ثبات "
انا شيوعي وهذا معتقدي
واطلق سراحه بتدخل من ابو التمن .
كان فهد دائم الاتصال بمنظمي الحلقات الماركسية في بغداد والمدن الاخرى .ونشط كثيرا في تعريف شيوعي بغداد وتوثيق روابطهم بشيوعي الناصرية والبصرة والديوانية والعمارة والنجف ,
(وتم تأسيس الحزب الشيوعي العراقي بتوحيد جميع تلك الحلقات في تنظيم مركزي , في 31 – آ ذار - 1934 )
وتم انتخابه عضوا في اللجنه المركزية للحزب .
في كانون الأول 1934 ارسله الحزب الى موسكو للدراسة وهناك التقى برفيقة حياته وتزوج واثمر هذا الزواج عن بنت اسمها " سوزان " . زوجته كانت شيوعية وظلت حتى آخر حياتها تنتخب عضوة في المجلس الشعبي لمنطقتها . وابنته سوزان زارت العراق " الناصريه " مرة واحدة في السبعينات .
شارك فهد في المؤتمر السابع للكومنترن " الاحزاب الشيوعية " الذي انعقد بين تموز وآب 1935 بصفة مراقب
وشارك ايضا في مؤتمر الأتحاد العالمي للنقابات العمالية الذي انعقد في موسكو عام 1935 .
وانهى دراسته في مدرسة " كادحي الشرق " بتفوق حيث انهاها بسنتين بدلا من ثلاث سنوات .
سافر بعدها الى فرنسا وبلجيكا للتدريب على النضال الثوري الشيوعي بين صفوف عمال المناجم ,
وكان يدعى هناك بأسم " فردريك
.وعند نشوب الحرب الأهلية الأسبانية ابدى رغبته في التطوع في الفيلق الأممي لأسناد الجمهورية الأسبانية لكن طلبه رفض للحاجة له في مهمة إعادة بناء الحزب في العراق .
في 30 كانون الثاني 1938 عاد فهد الى العراق ,بعد غياب ثلاث سنوات بين الدراسة في موسكو ومن جولته في بعض المدن الأوربية , فوجد الحزب قد تعرض لضربة قوية من قبل السلطات الحكومية , حيث نجحت السلطات في إعتقال قادة الحزب ومعظم كوادره , وانسحاب البعض من الحزب وظن مناهضو الشيوعية , انه تم القضاء على الشيوعية في العراق , وان الحزب لن تقوم له قائمة الشيوعي في العراق
و كما قال الباحث الكبير حنا بطاطو , ان الميل للشيوعية
( بدا ميلا لا مرد له , فما ان يقطع في مكان ما , حتى ينبع فجأة في مكان آخر(.
وامضى فهد الأشهر الستة من عودته متنقلا في البلاد بغية التعرف بنفسه على الأوضاع الأجتماعية والسياسية ودراستها والتعرف بنفسه على وضع الحركة الوطنية , وظل يتنقل بين البصرة والناصرية وبغداد , ويلتقي بمن سلم من الشيوعيين القدامى من اعتقال البوليس ,واستخدم خلال هذه الفترة اسم ( سعيد ) ,
فوجد الحزب الوليد مهشما , مبتليا بالفوضى التنظيمية , يسوده عدم الأنضباط الحزبي , فأهتم بأعادة بنائه مجددا وفق الأسس اللينينية التي تعلمها والخبرة التي اكتسبها , واستطاع ان يبني حزبا شيوعيا لايعرف المهادنة ولا المساومة..
في 24-6-1947 تم الحكم عليه بالاعدام وبسبب حملات الاحتجاج العالمية اضطرت حكومة صالح جبر ابدال حكم الاعدام بالسجن المؤبد في13-7 -1947وفي اليوم التالي تم نقله الى سجن بغداد المركزي , وفي ليلة 14-15 آب 1947 تم نقله الى سجن الكوت , وهناك حول فهد السجن الى مدرسة او معهد ثقافي ثوري وكان يقود الحزب وهو في السجن من خلال الرسائل التي كانت تكتب بماء البصل .
بعد وثبة كانون1948. وتصاعد التوتر العالمي وفي 6-1-1949اصبح نوري السعيد المعروف بعدائه للشيوعية
رئيسا للوزراء واعلنت حالة الطوارئ والاحكام العرفية تحت ذريعة حماية مؤخرة الجيش في فلسطين واعلن نوري السعيد في البرلمان ان هدف حكومته ( ان تصفي الحساب مع الشيوعيين وتكافح الشيوعية حتى نفسها الأخير في البلاد ).
واعادت حكومة نوري السعيد محاكمة الرفيق فهد ورفاقه , وحكمت عليه المحكمة بالأعدام وتم تنفيذ حكم الأعدام قبل اعلانه وذلك يوم 14 شباط 1949 حوالي الساعة الرابعة والنصف من فجر ذلك اليوم .