المرأة الإيرانية: قائد فعلي ولو من خلف الحجاب
موسى حلمي - طهران : ليس من المبالغة القول بأن أول ما يلفت انتباه المسافر إلى إيران، خاصة لمن يصل إلى هناك من دولة عربية، هم النساء. فما أن تحط قدمك على أرضية الطائرة الإيرانية
حتى يجذبن انتباهك. وللوهلة الأولى تعتقد أن جمال العيون الفارسية، التي كثيرا ما تغنى بها الشعراء، هي السبب. لكنك سرعان ما تكتشف أن ما يلفت الأنظار أبعد من ذلك، وهو انه شخصية المرأة الإيرانية.
وهناك من يرى أن شركة الطيران الإيرانية قد تكون مثل كل شركات الطيران، تفكر في جمال المرأة التي تعمل على متن طائراتها، ولكن القصة هنا لا تكمن في جمال العيون أو رشاقة القد أو لطافة اللسان، بل في النظرة المعهودة لدينا، نحن العرب، عن المرأة الشرقية. فمضيفة الطيران الإيرانية التي ترتدي زيا بالغ الاحتشام تتصرف في الطائرة بجرأة كبيرة. تتحرك بين الرجال في مكان محشور كالطائرة، بغير وجل، وكأنها لا ترى في الرجال ما يوجب ذلك.
وقد يفسر هذا المدخل ما ستراه حال أن تحط قدماك أرض مطار طهران. فبين موظفي الهجرة والجوازات الذين تقف أمامهم برهبة في انتظار ختم جواز سفرك لدخول الأراضي الإيرانية توجد نساء، يرتدي بعضهن الجلباب الشرعي أو الحجاب. ومن الجائز أن هذا مشهد لا تجد نظيرا له في أي بلد إسلامي. وقبل أن تبلور الأسئلة في ذهنك حول سبب هذا التواجد الكبير للنساء في الفندق وضمن الخدمات العامة تتسارع الأجوبة: ثمة من يقول أن الثورة الإسلامية منحت المرأة مكانة متقدمة لم تكن لها في الماضي، وأن الحجاب مد المرأة الإيرانية بجرأة على الظهور والمزاحمة.
ويسرع آخر للتأكيد بأن الأمر سابق على الثورة الإسلامية ويرتبط شديد الارتباط بتراث ثقافي مغاير للثقافة السائدة في المجتمعات العربية. بل أن الأمر دفع أحد <المفسرين>للقول بأنه بخلاف المجتمع <الأبوي>عند العرب يمكن وصف المجتمع الإيراني بأنه مجتمع <أمومي>. ولذلك فإن المرأة ليست مجرد شريك في الحياة، بل هي في الواقع الإيراني قائد فعلي ولو من خلف حجاب.
وتسأل أحد معارفك من الإيرانيين الذين يعرفون طبائع الناس في البلدان العربية عن الفارق بين المرأة عند العرب والمرأة في إيران، فيرد عليك من دون تردد: إنها <المعلم>هنا، وهو <يقصد أنها الرئيس>.
ويقول أنها في البيت <الآمر الناهي>وتكاد تكون صاحبة القول الفصل في مصير الرجل خارج البيت أيضا. وفي توضيحه للأمر يقول أ
ن كل ما من شأنه أن يؤثر على البيت من خارجه، كعمل الزوج أو رغبته في الانتقال إلى مكان سكنى أو عمل آخر يتم بالتشاور. ويستدرك: ولكن مع ترجيح لصوتها.
ومن الجائز أن في مكانة المرأة في المجتمع الإيراني ما يفسر حضورها في العمل والشارع. فهي حاضرة بقوة في كل مراكز العمل تقريبا مثلما هي حاضرة في كل مرافق الرياضة والثقافة والترفيه.
وقد يكون هذا الحضور سببا في تميزها، في الغالب، عن المرأة العربية بقدها الرشيق. إذ يندر أن ترى في الشارع إمرأة بدينة.
وعندما تدقق في السبب يقول لك البعض انظر إلى حركتها في الشارع. إنها دوما تسير وتتحرك فتنفق من السعرات أكثر مما تنال.
ويرفض آخرون منح المرأة أفضلية الحركة فيقصرون سبب الرشاقة على نوعية الغذاء الذي يلعب فيه الرز الإيراني أيضا الدور الأهم. وقد تقع حقيقة الرشاقة بين الأمرين أو بالجمع بينهما.
*******
منقول