قال تعالى {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [القصص : 68]

ليس من اهداف الموضوع تفسير الآية ففيها من الدقائق ما لا يعلمها الا من أوتي حظا وافرا ، بل المقصود

هو ازاحة توهمين قد يكونا مشتهرين عند الكثير في مقطع من الاية وهو " ما كان لهما الخيرة " وها نحن

نوجزهما فيما يلي :

الأول : فيتوهم الكثير ان القراءة الانحصارية الظاهرة من الآية هي ان نفي الاختيار عنهم واختصاصه بالله

عز اسمه وهو فهم صحيح ولا غبار عليه اذ هو المستفاد من الآية اولا وهو ما نقل في الاثر ثانيا : فقد ورد

في تفسير القمي في تفسير الآية : يختار الله الإمام وليس لهم أن يختاروا ، وحاصل هذا الوجه مبني على ان

" ما " في مقطع الاية نافية .

لكن السؤال هنا : هل هذه هي القراءة الوحيدة التي لا يمكن حمل الآية على غيرها ؟

الجواب : كلا ، ثمة وجه آخر محتمل ايضا : وهو ان ما يختاره الله عز وجل فيه الخير لهم وهذا الفهم مبني

على كون " ما " اسما موصولا بمعنى " الذي " ويختار الذي كان لهم الخيرة .

قال شيخ الطائفة في التبيان 8 / 170 : في تفسيره للآية :

قيل في معناه قولان :

احدهما - يختار الذي كان لهم فيه الخيرة ، فدل بذلك على شرف اختياره لهم .

الثاني - أن تكون ( ما ) نفيا أي لم يكن لهم الخيرة على الله بل لله الخيرة عليهم ، لانه مالك حكيم في

تدبيرهم ، فيكون على هذا الوجه الوقف على قوله " ويختار " انتهى كلامه رفع الله في الجنة مقامه .

وهنا سؤال آخر :

دأب الشيعة على الاستدلال بالاية على حصر اختيار الامامة بالله تعالى ونفي اختيار وتدخل الامة فيها ،

فالسؤال هو : الا يتنافى الفهم الثاني مع ذلك ؟

الجواب : بالنفي القطعي بمعنى ان هذا المعنى الثاني " أيضا في معنى الأول لأن حقيقة المعنى فيهما أنه

سبحانه يختار وإليه الاختيار ليس لمن دونه الاختيار لأن الاختيار يجب أن يكون على العلم بأحوال المختار ولا

يعلم غيره سبحانه جميع أحوال المختار ولأن الاختيار هو أخذ الخير وكيف يأخذ الخير من الأشياء من لا يعلم

الخير فيها " قاله الطبرسي في مجمع البيان 7 / 409

منقوول