TODAY - July 10, 2011
نظام غذائي صارم.. يطيل الأعمار
برنامج منخفض السعرات الحرارية يقود إلى حياة صحية أفضل
أثبت العلم أن النظم الغذائية التي تميل إلى التجويع الشديد تجعل أي كائن حي، بدءا من الفئران وحتى القردة، يعيش مدة أطول.
لكن هل تستطيع هذه النظم الغذائية الصارمة إطالة حياة الإنسان؟ وإذا حدث ذلك، فهل ستكون هذه السنوات الإضافية سنوات سعيدة ومليئة بالصحة؟
تقليل السعرات الحرارية
* أظهر بحث أخير قام به علماء من جامعة واشنطن أن الأشخاص الذين قللوا من كمية استهلاكهم للسعرات الحرارية كانت درجة حرارة أجسامهم أقل من الذين استهلكوا سعرات حرارية أكثر. إن درجة حرارة الجسم الأساسية هي درجة الحرارة التي تعمل عندها جميع وظائف الجسم بكفاءة بالغة؛ لذا يبدو الارتباط إيجابيا، كما يقول بعض الباحثين.
وبالتأكيد يأمل ترينت أرسينو، المهندس البالغ من العمر 35 عاما، الذي يعمل في منطقة الخليج في أميركا، أن يكون هذا حقيقيا بالفعل. لقد بدأ بتقليل استهلاكه للسعرات الحرارية منذ عام 2000 إلى 1800 سعر حراري فقط يوميا أو أقل بنسبة 25% من معدل الاستهلاك الطبيعي لرجل في حجمه - حيث إن طوله 6 أقدام (نحو 180 سم) ووزنه 150 رطلا (68 كغم). ومنذ شروعه في هذا الأمر، فقد 60 رطلا (نحو 27 كغم) ومؤشر كتلة الجسم الخاص به الآن 19، أي يزيد بدرجة واحدة فقط على المؤشر المثالي (المؤشر المثالي 18). ومعدل تكوين الدهون في جسمه 10% فقط.
ويعتبر أرسينو أحد المشاركين الـ28 في التجربة الإكلينيكية الأولى طويلة المدى لدراسة تأثير التقليل الشديد من السعرات الحرارية على البشر، وتأثيراتها ليس فقط على طول العمر، وإنما أيضا على الصحة. وقد تم تعيينه بمساعدة جمعية تقليل السعرات الحرارية، وهي منظمة دولية تضم عدة آلاف من الأعضاء. تعرف الدراسة باسم كرونا (دراسة تقليل السعرات الحرارية بالتغذية المثلى ودراسة الشيخوخة) (CRONA (Caloric Restriction with Optimal Nutrition and Aging Study). وأجريت هذه الدراسة بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، التي يسافر إليها الكثير من المشاركين من ولايات مختلفة، بالإضافة إلى إنجلترا واليابان، لقضاء نهاية الأسبوع في الفحوصات، التي تشمل الاختبارات المعرفية ومقاييس الجسم وزيارة إلى غرفة بيضاوية الشكل لقياس معدل تكون الدهون في الجسم. كما يقومون أيضا بملء بيانات استبانات عن كل شيء بدءا من تاريخهم الطبي والعادات الغذائية حتى أنماط النوم ومستويات الضغط.
ينبوع الشباب
* وقالت جانيت تومياما، الطبيبة النفسية والباحثة في مؤسسة «روبرت وود جونسون» للصحة والمجتمع في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو الباحثة الرئيسية في هذه التجربة: «إنه لتناقض مثير؛ لأن تقليل السعرات الحرارية عند الحيوانات يبدو هو ينبوع الشباب لهم، على الرغم من أن جميع دراساتي السابقة على البشر لم ينتج عنها مثل هذه النتائج العظيمة».
كما أن الدراسات على الحيوانات لم تتوصل إلى بيانات واضحة عن مدى جودة حياة هذه الحيوانات على وجه التحديد.
وقالت هايدي تيسينبوم، الأستاذة المشاركة في برنامج وظائف الجينات والتعبيرات الجينية، وأستاذة الطب الجزيئي بكلية الطب في وورسستر بجامعة ماساتشوستس: «تبدو بيانات الحيوانات جيدة حسب جميع دراسات طول العمر، لكن ما يجهله الناس حقا هو الحالة الصحية لهذه الحيوانات». وتساءلت: «ما مدى سعادة الناس؟ هل يشعرون بأنهم مقيدون طوال حياتهم؟»، كما نقلت عنها وكالة «أسوشييتد بريس».
لن ينظر الباحثون فقط إلى معدلات الكولسترول والمؤشرات الأخرى للصحة، لكنهم سيقومون أيضا بقياس طول التيلوميرات، وهي أجزاء من الحمض النووي، التي يؤدي قصرها إلى مشكلات صحية وقصر العمر. من بين أمور أخرى، ستقوم الدراسة، أيضا، بالنظر في كيفية اختلاف السمات الشخصية بين الأشخاص الذين يقللون من استهلاك السعرات الحرارية، بالمقارنة مع هؤلاء الذين يأكلون بصورة طبيعية أو الأشخاص البدينين أو أصحاب الأوزان الزائدة، بالإضافة إلى القدرة المعرفية والسيطرة على الانفعالات وكيفية التعامل مع الضغط.
إن معظم المشاركين في هذه الدراسة من الذكور (مثل معظم من قاموا بتقليل السعرات الحرارية)، كما أنهم تلقوا مستوى جيدا من التعليم، ومتوسطو العمر. وسيستغرق التوصل إلى نتائج من التجربة عقودا.
لكن أرسينو يشعر أنه قد رأى اختلافا بالفعل؛ حيث قال إنه لم يُصب بنزلات البرد أو الإنفلونزا، ولديه طاقة هائلة، ولم يتأثر أيضا دافعه الجنسي أو خصوبته. في الواقع، أنجب 15 طفلا على الأقل من خلال بنك للحيوانات المنوية منذ بدئه تقليل استهلاكه من السعرات الحرارية.
وعلى النقيض من كثير من الذين يقللون استهلاكهم للسعرات الحرارية، لم يكن لدى أرسينو مخاوف صحية في منتصف العمر، بدرجة تدفعه إلى اتخاذ إجراء ما. بل على العكس، فعند سن الـ25، أدرك أنه يريد أن يركز انتباهه في حياته المهنية وأن يرجئ الزواج والإنجاب. وأوضح قائلا: «أردت أن أبقى في هيئة جيدة حتى أتمكن من الزواج بعد 10 سنوات لأكون بصحة جيدة لكي أقضي وقتا مع الأطفال».
لندن: «الشرق الأوسط»