أعلنت مجلة “ساينس”، كبرى المجلات المختصة بالدراسات العلمية “فأر الخلد العاري” كحيوان العام (بين الفقاريات) في 2013، وذلك بعد أن استطاعت الدراسات العلمية أخيراً خلال الشهور القليلة السابقة، تفسير الظاهرة الغريبة التي تتمثل بعدم إصابة هذا النوع من الحيوانات بالسرطان مهما تعرض للعوامل المؤهلة للإصابة في المخابر، وهو الكشف العلمي الذي يُعوّل عليه مستقبلاً على أمل القضاء على السرطان بين البشر إلى الأبد.
ويتميز “فأر الخلد العاري” المتواجد في صحارى شرق إفريقيا بمجموعة من الصفات الغريبة التي أثارت دهشة العلماء، منها أنه على عكس كل القوارض يعمّر حوالي ثلاثين عاماً من دون أمراض، كما أنه الحيوان الوحيد بين الثديات الذي يملك دماً بارداً، والوحيد الذي يعيش حياة اجتماعية مماثلة للنحل والنمل بحيث تكون الرئاسة لملكة واحدة تختص بالإنجاب، وذلك برفقة ذكر واحد أو ذكرين، في حين تكون الإناث الأخريات عقيمات بشكل مؤقت حتى وفاة الملكة حين تحل إحداهن مكانها، بينما يختص العمال في إحضار الطعام للصغار والدفاع عن المملكة المتواجدة في أنفاق تحت الرمال.
وليست هذه الصفات هي ما دفعت “الساينس” لاختيار هذا الفأر كحيوان العام، ولا حتى “شكله الذي لن يجعله يربح يوماً أي مسابقة في الجمال” بحسب المجلة، بل لأنه “قدّم درساً أو درسين للبشرية خلال العام السابق للتخلص من السرطان إلى الأبد”، واستعرضت المجلة أهم دراستين حدثتا خلال عام 2013 استطاعتا تفسير سبب مناعة هذا الحيوان من الإصابة بأي نوع من السرطان، تتحدث إحداهما عن امتلاك خلايا هذا الفأر طريقة تستطيع فيها اكتشاف أي خطأ في عملية إنتاج “البروتينات”، بحيث إنها تتخلص من البروتينات الشاذة التي حدث خطأ أثناء إنتاجها في الخلية.
وأما الدراسة الأهم فهي اكتشاف نوع من السكاكر الضخمة جداً والتي توجد بين خلايا هذا الفأر، بحيث إن هذه السكاكر تجعل هناك مسافة كبيرة بين خلية وأخرى، وتمنعها من الالتحام وتشكيل الورم، وهو الكشف الذي أذهل العلماء خلال الشهور القليلة الماضية ودعا إلى التفكير بطريقة للاستفادة منه من أجل إيجاد علاج وقائي قد يقضي على السرطان نهائياً بين البشر.
وبمراجعة لأرشيف الدراسات التي تناولت هذا الحيوان الغريب في المكتبة الوطنية الأميركية للطب، وجد أن الذكر الأول لغرابة هذا الحيوان كان في عام 1976، وتتالت الدراسات من حينها والتي تساءلت عن سبب طول عمر هذا الحيوان، وفسرت بعضها ذلك بسبب تنظيم فريد للعمليات الاستقلابية في جسمه، كما تساءلت بعض الدراسات عن سبب عدم إحساس هذا الحيوان بأي شكل من أشكال الألم حتى استطاعت في بداية الألفية الثانية من اكتشاف أن خلايا هذا الحيوان تفتقد لنوع من البروتينات، بحيث إن حقنه بهذا النوع من البروتينات جعله يشعر بالألم بشكل طبيعي، كما تكاثرت الدراسات التي تحاول الإجابة عن سبب حصانة هذا الحيوان من السرطان، حتى جاءت الإجابة في هذا العام.
المصدر: العربية نت.