- يبدو المظهر عند الفتاة المراهقة من المسائل المهمة التي تشغل بالها. فهي بدأت تشعر بأنوثتها، وتحمّر وجنتاها كلّما سمعت إطراءً من الآخرين، فيصبح اهتمامها بشكلها الخارجي أولوية في حياتها. تقف أمام المرآة تنظر إلى نفسها وتتأكد من أنها تبدو في أجمل صورة.
صورة الجسد الذي يتغير تدخل في صميم قلق المراهق عمومًا بغض النظر عمّا إذا كان ذكرًا أو أنثى، إلى درجة أن الجسد يصبح عند بعضهم شيئًا غريبًا عنه، فيشعر بوطأة هذه التحوّلات السريعة التي تحدث لجسده الذي يطرح نفسه أمامه، يتحدّاه ويقاومه ويقلقه. فينصب قلق المراهق على القامة والوزن والشكل العام والوجه والأنف ويتساءل كيف سيكون شكله، هل سيكون جميلاً أم قبيحًا، هل سيكون طويلاً أم قصيرًا سمينًا أم نحيلاً؟... وهذا ما يدفع به إلى مراقبة وجهه وجسده في المرآة.
ويبرز هذا السلوك عند الإناث أكثر من الذكور، وربما يعود السبب إلى اختلاف الاهتمامات التي يحفز الأهل أبناءهم المراهقين الذكور على القيام بها، كممارسة نشاط رياضي. فضلاً عن أن نظرة المجتمع المعاصر تفرض على البنت أن تكون جميلة.
ومن الملاحظ راهناً الاهتمام المبالغ بمظهر الفتاة «الباربي» الجميلة التي تحاصر المراهقة كيفما وجهت عينيها، فتجدها في البرامج التلفزيونية والصحف والمجلات وفي الطريق حيث تنتشر اللوحات الإعلانية التي تعكس صورة المرأة الجميلة الأقرب إلى الكمال. ومن الطبيعي إذًا أن تنشغل البنت المراهقة أكثر من المراهق الذكر بشكلها وهندامها ولياقة جسمها وجمال وجهها.
وترافق هذه التغيّرات الجسدية تغيرات نفسية فكرية تُسبب للمراهق الكثير من الاضطرابات التي يعبّر عنها بسلوك إما عدواني أو فوضوي وإما فكاهي مبالغ فيه.لذا فمن المألوف أن ينقلب سلوك المراهق بحدة، ويتغيّر بسرعة بين الحزن والسعادة وبين الحماقة والذكاء وبين الخجل والوقاحة. يعكس هذا التناقض في المشاعر ما يخالجه من قلق وتوتر، يصل أحيانًا إلى شعور بالمرض.
ويشير الاختصاصيون إلى أن على الأهل ألا يستخفّوا بهذه المظاهر وإن لم تكن خطيرة، ويحاولوا قدر استطاعتهم مساعدة ابنهم أو ابنتهم المراهقة شرط أن يعرفوا المدخل، فالمراهق عمومًا يدافع عن حديقة أسراره ويحكم إيصاد بابها أمام كل من يحاول اختراقها، حسب ما ورد بمجلة "لها" اللندنية.
ومن المظاهر العامة للمراهقة القلقة التي يمكن معالجتها
الشعور الدائم بالتعب
يأتي المساء وينفر المراهق من الذهاب إلى النوم في وقت مبكر، رغم شعوره بالتعب الدائم الذي يعود إلى نموه الجسدي، وبالتالي يظهر على شكل مرض مثل الرشح.
على الأهل ألا يفرضوا عليه الذهاب إلى سريره مبكرًا، فإيقاعه البيولوجي تغير والنوم فترته أطول ولكنه ليس عميقًا. ومع ذلك على الأهل أن ينصحوه بالتخلي عن مشاهدة التلفزيون والذهاب إلى فراشه وقراءة كتاب، وتقليص نشاطاته الترفيهية.
التوتر والانهيار عند البنت
تتسكع في المنزل من دون هدف، تركز على هيئة كئيبة في مظهرها وتتهرب ومن اتصال صديقاتها.
على الأم في هذه الحالة أن تطلب من ابنتها بلطف أن تسرّ لها ما في قلبها كأن تقول لها: «ليس لديك رغبة في الخروج اليوم؟» فإذا لم تجب عن السؤال على الأم أن تعيد السؤال لاحقًا، بأن تقول لها أنه من حقّها كأم أن تقلق عليه.
وفي المقابل على الأم أن تتأكد أن علاقتها بأصدقائها جيّدة، فالمراهق المحاط بأصدقاء جيدين يتمكن من تخطي الصعاب التي يواجهها في الحياة بشكل أفضل.
حب الشباب
يظهر حب الشباب عند المراهق بين الثانية عشرة والثالثة عشرة، ورغم أنه لا يظهر بكثرة عند بعض المراهقين، فإنهم يشعرون بالإحباط لدى ظهوره.
أن يفسّروا لابنهم أن ظهور حب الشباب مشكلة لدى كل المراهقين قد تطول لكنها تختفي نهائيًا بعد فترة. لذا عليهم مساعدتهم في اختيار مستحضر لمعالجة المشكلة، وإظهار تفهمهم لقلقه وتوتره بسبب البثور التي تجتاح وجهه، فبذلك يشعر بأن أهله يفهمونه، وبالتالي يشعر بالراحة.
لديها عقدة
تجد البنت نفسها طويلة جدًا أو قصيرة جدًا مقارنة بصديقاتها، ولا تجرؤ على ارتداء ما ترتديه صديقاته بسبب شكلها الكاريكاتوري بحسب ظنها.
من المعلوم أنه يصعب على المراهق عمومًا التكيف مع التحوّلات الجسدية وتقبّلها.
وفي هذه الحالة يمكن الأم أن تعرض على ابنتها جلسة تجميلية في صالون التجميل أو مرافقتها لشراء الملابس إذا رغبت البنت في أخذ رأي والدتها، كما يمكن أن تقترح عليها المشاركة في المسرحيات المدرسية أو مزاولة رياضة ضمن فريق. ومن الضروري أن تتحدث الأم إلى ابنتها عما تمر به وأن تؤكد لها أن شعورها بعقدة المظهر عابر. ومع مرور الوقت سوف تصبح أكثر ثقة بنفسها.
القرمشة طوال الوقت
لا تتوقف عن التهام ألواح الشوكولا، وفتح باب الثلاّجة لتأكل ما يطيب لها.
على الأم أن تسألها ما إذا كانت تشعر بالضجر. لأنه غالبًا ما يكون الضجر سبب تناول المراهقة كميات كبيرة من الطعام لا سيما الحلوى والشوكولا. لذا يمكن الأم أن تعرض عليها أكل الطعام الصحي كاليوغورت والفاكهة، شرط ألا تترك لديها انطباعًا بأنها تراقبها طوال الوقت، فهذا يزيد المشكلة.
الكيلوغرامات الزائدة
يركز المراهق على بعض الكيلوغرامات الزائدة خصوصًا عند منطقة البطن ويرفض الذهاب إلى البحر بسببها وبالتالي لقاء أصدقائه.
لا يجوز إخضاعه لحمية قاسية من دون استشارة طبية، فهو في هذه السن في حاجة إلى الغذاء لينمو ويشب. لذا يجدر بالأهل أن ينصحوه باستشارة طبيب تغذية يعطيه الإرشادات الغذائية الصحية ونظام حمية يحافظ على نموه الجسدي. كما ينبغي على الأهل أن يشجعوه على مزاولة نشاط رياضي مما يشعره بالثقة بنفسه وبشكله الجديد.
مشاهدة أفلام العنف والرعب
لا تقتصر مشاهدة أفلام العنف والرعب على المراهقين الذكور، بل هناك العديد من الفتيات يملن إليها، فالمرأة في الأفلام بدأت تظهر بصورة البطلة الجميلة التي لا تقهر. إذاً العنف ظاهرة طبيعية في مرحلة المراهقة ما لم يتعدّ حدود المشاهدة، لكنه يصير خطراً عندما يلاحظ الأهل تماهي ابنهم المفرط ببطله الذي يقلّده في مظهره وطريقة كلامه وأسلوب حياته ولجوئه إلى العنف لحل المشكلات التي تواجهه.
على الأهل أن يتنبهوا إلى الأمر ويساعدوا ابنهم على التخلص من هذا التماهي، بمناقشته ليعرفوا الأسباب الذي تدفعه إلى هذا السلوك. فربما كان السبب الخجل أو الخوف، فأحياناً يتحول المراهق من شخص مسالم إلى شخص عنيف بسبب صدمة أو إهانة أو ملاحظة ساخرة من أستاذه أو أترابه أو حتى أهله أنفسهم، فتكون ردة فعله العنيفة ستاراً يخفي وراءه ضعفه.
وينصح الاختصاصيون الأهل الذين يلاحظون تمادي ابنهم في السلوك العنيف بأن يوجهوه نحو ممارسة الرياضة التي تساعده على تفريغ كبته في طريقة سوية. ويحذّرون من أن الاضطراب في العلاقة بين الأهل والمراهق قد يدفعه إلى البحث عن شخص غريب خارج محيط المنزل وربما كان هذا الغريب غير جدير بالثقة ويشجعه على التمادي في ارتكاب الأخطاء إلى درجة الانحراف.
كيف تتعاملين مع ابنتك المراهقة؟
تسأل كثير من الأمهات: كيف أتعامل مع ابنتي المراهقة؟ هذه المسالة تحتاج لفهم وتحتاج إلى التدريب، وأخيرًا تحتاج إلى الصبر مع مزيد من الحب والاحتواء.
هذه النصائح الهامة للأم في التعامل مع الابنة اتفق عليه علماء النفس، والتي تتمثل في:
1ـ تقبلي سخط المراهقة وعدم استقرارها
على الوالدين ـ وخاصة الأم ـ التحمل وطول البال والتسامح مع الابنة، وعليهما التغاضي عما تعبر به عن مشاعر السخط وعدم الراحة التي تبديها في بعض الأحيان، وعليهما احترام وحدتها وتقبل شعورها بالسخط وعدم الرضا عن بعض الأشياء، وهنا لا بد أن نفرق بين التقبل والتأييد، فينبغي أن تكون استجابتنا دائمًا محايدة، نفرق فيها بين تقبلنا لها وتأييدنا لما تفعل أو تقول، وهي تحتاج أساسًا للتقبل، وأن تشعر بأنها محبوبة، وأن ما تقوم به لا غبار عليه دون الدخول معها في مصادمات، ويجب أن يفهم الوالدان أن محاربة المراهقة مسألة مهلكة بالنسبة لها.
2ـ لا تتصرفي بفهم شديد ولا تجمعي الأخطاء
يقول أطباء الصحة النفسية "ينبغي التفويت للمراهق"، أي لا نعلق على كل صغيرة وكبيرة من تصرفاته إن تعثر فوقع، أو وقع شيئًا من يده أو من الأمور البسيطة اليومية، وعلى الوالدين تقدير متى يجب الفهم، ومتى يجب التغاضي. ومن الأفضل ألا نتوقع من المراهق الكمال، فنتعقب أخطاءه لكي نصوبها دائمًا.
3ـ ابتعدي عما يضايقها
أحيانًا لا ينتبه الكبار لمدى الأذى الذي يصيب المراهق من ذكر نقائصه أو عيوبه، وإهانة الوالدين للمراهق عميقة الأثر وبعيدة المدى، وقد ينتج عنها متاعب نفسية مدى العمر، ومما يضايق المراهق معاملته كطفل، أو تذكيره بما كان يفعل وهو طفل.
4ـ احترمي خصوصيات ابنتك
لا بد أن تحترم خصوصيات المراهقة ما دام أنها لا يشوبها شائبة، مع الاحتفاظ بمبدأ المراقبة غير المباشرة، واحترام خصوصيات المراهقة يتطلب بناء مسافة معينة بين الوالدين وبين ابنتيهما، مع الاحتفاظ بصداقة ومحبة، والاحترام يشعر المراهق بأنه شخص متميز فريد.
5ـ ساعديها على اكتساب الاستقلال
فكلما شجعنا صور ومواقف الاكتفاء الذاتي، كلما ساعدنا في بناء شخصية الابنة، وكسبنا أيضًا صداقتها واحترامها، والأم المتفهمة تتيح لابنتها فرصة الأعمال المنزلية، مثل دخول المطبخ والعمل فيه وطريقة الإنفاق وحسن التصرف في الادخار والإنفاق، وعلى الأم أن تثني عليها وتتقبل خطأها بنفس راضية، وتشجعها إن أحسنت وتنصحها إن أخطأت، فإن حسن التوجيه واللباقة هنا لها تأثير السحر.
6ـ ابتعدي عن الوعظ المباشر
ولقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الفن في التعامل مع الناس، فقد كان يقول إذا بلغه شيء عن أحد: "ما بال أقوام يقولون كذا وكذا"، مبتعدًا عن التشهير بأسلوب شفاف رفيع.
فإن الرفق في الموعظة يهدي القلوب الشاردة، والزجر والتأنيب، وفضح الأخطاء التي قد وقع عن جهل أو حسن نية له أثر سيء على نفس الابنة المراهقة.
ومن الأمور الهامة تجنب هذه العبارات: "عندما كنت في مثل سنك كنت أفعل كذا وكذا، أو أنجح في المدرسة بتفوق أو..." هذه العبارات تسيء للابنة أكثر مما تنفع، لأن المقارنة دائمًا تحمل معنى الدونية، فأنت لست ابنتك وابنتك ليست أنت، فكل منكما شخص مستقل ومختلف تمامًا عن الآخر.
7ـ ابتعدي عن وصف ابنتك
لا داعي لأن تصف الأم ابنتها بصفات معينة وخاصة في وجود الآخرين، فمن الخطر أن نتنبأ بمستقبلها وخاصة إذا كانت تنبؤات سيئة، وهذا ما يسمى بقانون التوقعات، فإن كل شيء تتوقعه سيحدث، والصورة الذاتية تتكون عند الأبناء منذ الطفولة ثم تكبر معهم، فمن تقول لابنتها: "أنت غبية وكسلانة" وتردد ذلك باستمرار، سيتكون لدى الابنة اعتقاد بذلك، وصورة ذاتية عن نفسها تكبر معها، ونكون بذلك قد ساهمنا في تكوين شخصية الابنة بشكل سلبي.. المراهق مرهف الحس، قد تكفيه الإشارة، ولا يصلح التشهير بالألفاظ السيئة ونعته بها.
8ـ امنحيها الثقة
إن دور الوالدين الهام يكون في إكساب المراهق الخبرات والمواقف البناءة أكثر من الإدانة أو التقليل، وكل خبرة يكتسبها المراهق بمفرده تكسبه مهارات شخصية، وتعمل على بناء وتطور نموه، فالثقة والمحبة تساعدان المراهقين على طاعة الوالدين والنجاح في مجالات الحياة المختلفة، واكتساب الخبرة يكون من خلال أحداث الحياة اليومية المتجددة، مع استخدام أسلوب التشجيع عند الكفاءة والنجاح في عمل ما.
9ـ كوني السند النفسي
الأم المتفهمة ينبغي عليها إظهار التفهم لابنتها، التفهم لغضبها ومتاعبها وأحزانها، وتقديم الدعم النفسي لها، فأنت السند النفسي لابنتك بالاستماع لمشاكلها بانتباه واهتمام، وبالاستجابة المتعاطفة دون إقامة أي حكم على الموقف سواء بالثناء أو بالنقد.
فكوني السند النفسي لابنتك، وتفهمي مشاعرها وحاجاتها (وخاصة الحاجة الجسمية والعاطفية)، فالابنة المراهقة إذا لم تشعر بالعاطفة والود والحب والتفهم، فقد تبحث عنه في أي مكان آخر، وهذا ما نخافه ونرفضه، ونحن هنا نريد الحب المعتدل المتوازن، والفهم لطبيعة هذه المرحلة.
10ـ النقد وحدود استخدامه
تقول إحدى الفتيات: "ليت أمي تفهم أنني كبرت، وأن تنتقدني بصورة أفضل"، إن الفتاة المراهقة تضيق بشدة من نقد الوالدين لها، وتعتبره أذى بالغ لشخصيتها، وواقع الأمر أن معظم النقد لا يكون ضروريًا فهو غالبًا ما يتناول أشياء من الممكن أن تتعدل في فترة تالية، مثل نقد أسلوب الكلام أو المشي أو الأكل.
إن خطورة نقد الشخصية والسلوك نفسه هو أنه يترك في نفس المراهق مشاعر سلبية عن ذاته، وعندما نصفه بصفات الغباء والقبح والاستهتار يكون لذلك أثره على نفسيته (الابن أو الابنة)، ويكون رد الفعل عنيفًا يتصف بالمقاومة والغضب والكراهية والانتقام، أو على العكس الانسحاب والانطواء.