1
و لي ألف وجهٍ قد عرفت به
ولكن بلا قلبٍ إلى أين أذهب
2
تعلق روحي روحها قبل خلقنا
ومن بعد أن كنا نطافاً وفي المهد
3
فعاش كما عشنا فأصبح نامياً
وليس، وإن متنا، بمنقصف العهد
4
أحب هبوط الواديين وإنني
لمشتهر بالواديين غريب
5
أحقاً عباد الله أن لست وارداً
ولا صادراً إلا علي رقيب
6
و لا زائراً فرداً ولا في جماعةٍ
من الناس إلا قيل أنت مريب
7
وهل ريبة في أن تحن نجيبة
إلى إلفها أو أن يحن نجيب
8
وإن الكئيب الفرد من جانب الحمى
إلي ، وإن لم آته ، لحبيب
9
ولا خير في الدنيا إذا أنت لم تزر
حبيـباً ولـم يطرب إليـك حبـيب
10
تعلقت ليلى وهي غر صغيرة
ولم يبد للأتراب من ...... حجم
صغيرين نرعى البَهمَ ياليت أننا
إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البَهمُ
11
أيا حرجات الحي حيث تحملوا
بذي سلمٍ لا جادكن ربيع
وخيماتك اللاتي بمنعرج اللوى
بلين بلىً لم تبلهن ربوع
ندمت على ما كان مني ندامةً
كما يندم المغبون حين يبيع
12
فقدتك من نفسٍ شجاعٍ فإنني
نهيتك عن هذا وأنت جميع
فقربت لي غير القريب وأشرفت
إليك ثنايا ما لهن طلوع
13
هل الوجد إلا أن قلبي لو دنا
من الجمر، قيد الرمح لأحترق الجمر
وفي الحق أني مغرم بك هائم
وأنك لا خل هواك و لا خمر
فإن كنت مطبوباً فلا زلت هكذا
وإن كنت مسحوراً فلا برأ السحر
14
أيا شبه ليلى لا تراعي فإنني
لك اليوم من بين الوحوش صديق
ويا شبه ليلى أقصر الخطو إنني
بقربك إن ساعفتني لخليق
15
و يا شبه ليلى رد قلبي فإنه
له خفقان دائم وبروق
ويا شبهها أذكرت من ليس ناسياً
و أشعلت نيرانا لهن حريق
16
وجئت فلم أنطق، وعدت فلم أطق
جواباً، كلا يومي يوم عياء
فيا عجبي ما أشبه اليأس بالمـنى
و إن لم يكونا عندنا بسواء
17
فبعد ووجد و اشتياق ورجفة
فلا أنت تدنيني، و لا أنا أقرب
18
كعصفورةٍ في كف طفلٍ يزمـها
تذوق حياض الموت، والطفل يلعب
19
ولا الطفل ذو عقلٍ يرق لما بها
ولا الطير ذو ريشٍ يطير فيذهب
20
أبى القلب أن ينفك عن ذكر نسوةٍ
رقاقٍ، ولم يخلفن شوماً ولا نكدا
إذا رحن يسحبن الذيول عشيةً
يقتلن بالألحاظ أنفسنا عمدا
21
أقول لأصحابي هي الشمس، ضوءها
قريب، ولكن في تناولها بعد
22
لقد عارضتنا الريح منها بنفحةٍ
على كبدي من طيب أرواحها برد
عديني- بنفسي أنت -وعداً فربما
جلا كربة المكروب عن قلبه الوعد
23
كلانا مظهر للناس بغضاً
وكل عند صاحبه مكين
تبلغنا العيون مقالتينا
وفي القلبين ثم هوىً دفين
24
ومفروشة الخدين ورداً مضرجاً
إذا جمشته العين عاد بنفسجا
شكوت إليها طول ليلى بعبرةٍ
فأبدت لنا بالغنج دراً مفلجاً
25
أليس الليل يجمعني وليلى
كفاك بذاك فيه لنا تداني
ترى وضح النهار كما أراه
و يعلوها النهار كما علاني
26
خذي بيدي ثم انهضي بي تبيني
بي الضر إلا أنني أتستر
فما حيلتي إن لم تكن لك رحمة
علي ولا لي عنك صبر فأصبر
27
فأصبحت من ليلى الغداة كقابضٍ
على الماء خانته فروج الأصابع
28
دعوت إلهي دعوةً ما جهلتها
و ربي بما تخفي الصدور بصير
لئن كنت تهدي برد أنيابها العلا
لأفقر مني، إنني لفقير
فقد شاعت الأخبار أن قد تزوجت
فهل يأتيني بالطلاق بشير
29
ما بال قلبك يا مجنون قد خلعا
في حب من لا ترى في نيله طمعا
الحب والود نيطا بالفؤاد لها
فأصبحا في فؤادي ثابتين معا
وزادني كلفاً في الحب أن منعت
أحب شيئٍ إلى الإنسان ما منعا
30
بربك هل ضممت إليك ليلى
قبيل الصبح أو قبلت فاها
وهل رفت عليك قرون ليلى
رفيف الأقحوانة في نداها
31
و إني لمشتاق إلى ريح جيبها
كما اشتاق إدريس إلى جنة الخلد
32
فلا تحسبي أن الغريب الذي نأى
ولكن من تنأين عنه غريب
33
أيا حب ليلى عافني قد قتلتني
فكيف تعافيني وأنت تزيد
ويا حب ليلى أعطني الحكم واحتكم
علي فما يبغي علي شهود
أراك على نيرين و الحب كله
على واحدٍ يبلى و أنت جديد
34
أزالت عن العهد الذي كان بيننا
بذي الأثل أم قد غيرتها المقادر
فو الله ما في القرب لي منك راحة
35
و لا البعد يسليني ولا أنا صابر
و والله ما أدري بأية حيلةٍ
و أي مرامٍ أو خطارٍ أخاطر
36
سرت في سواد القلب حتى إذا انتهى
بها السير وارتادت حمى القلب حـلت
فللعين تهمال إذا القلب ملها
وللقلب وسواس إذا العين
مـلت
37
كأن لم تكن ليلى تزار بذي الأثل
و بالجزع من أجزاع ودان فالنحل
صديق لنا فيما نرى غير أنها
ترى أن حبي قد أحل لها قتلي
38
ولو أحدقت بي الإنس والجن كلهم
لكي يمنعوني أن أجيك لجيت
39
أجارتنا إنا غريبان ها هنا
وكل غريبٍ للغريب نسيب
غريب يقاسي الذل في كل بلدةٍ
وليس له في العالمين حبيب
فلا تحسبي أن الغريب الذي نأى
ولكن من تنأين عنه غريب
و أجهشت للتوباد حين رأيته
وكبر للرحمن حين رآني
و أذريت دمع العين لما عرفته
ونادى بأعلى صوته فدعاني
نفسي فداؤك، لو نفسي ملكت إذاً
ما كان غيرك يجزيها ويرضيها
صبراً على ما قضاه الله فيك على
مرارةٍ في اصطباري عنك أخفيها
الله يعلم أن النفس هالكة
باليأس منك ولكني أعنيها
40
منيتك النفس حتى قد أضر بها
واستيقنت خـلفاً مما أمنيها
و ساعة منك ألهوها وإن قصرت
أشهى إلي من الدنيا وما فيها
41
إذا الحجاج لم يقفوا بليلى
فلست أرى لحجهم تماما
تمام الحج أن تقف المطايا
على ليلى وتقريها السلام
42
أمر على الديار ديار ليلى
أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
و ما حب الديار شغفن قلبي
ولكن حب من سكن الديارا
43
شفى الله مرضىً بالعراق فإنني
على كل مرضى بالعراق شفيق
فإن تك ليلى بالعراق مريضةً
فإني في بحر الحتوف غريق
44
أهيم بأ قطار البلاد وعرضها
و مالي إلى ليلى الغداة طريق
كأن فؤادي فيه مور بقادحٍ
و فيه لهيب ساطع وبروق
إذا ذكرتها النفس ماتت صبابةً
لها زفرة قتالة وشهيق
45
إذا مت خوف اليأس أحياني الرجا
فكم مرةً قد مت ثم حييت
46
ذكرتك والحجيج لهم ضجيج
بمكة والقلوب لها وجيب
وقلت، ونحن في بلدٍ حرامٍ
به ، والله ، أخلصت القلوب
أتوب إليك يا رحمن مما
عملت ، فقد تظاهرت الذنوب
فأما من هوى ليلى وتركي
زيارتها، فإني لا أتوب
47
وكيف، وعندها قلبي رهين،
أتوب إليك منها أو أنيب
48
أراني إذا صليت يممت نحوها
بوجهي و إن كان المصلى ورائيا
و ما بي إشراك ولكن حبها
كعود الشجى أعيا الطبيب المداويا
49
يا سرحة الروح أين الحي واكبدي
لهفى تذوب وبيت الله من حسر
ها أنت عجماء عما قد سئلت فما
بال المنازل لم تنطق و لم تحر
50
يا قاتل الله غاداتٍ فرعن لنا
حب القلوب بما استودعن من حور
غنت لنا وعيون من براقعها
مكنونة مقل الغزلان والبقر
51
بالله يا ظبيات القاع قلن لنا
ليلاي منكن أم ليلى من البشر
ياما أميلح غزلاناً شددن لنا
من هؤلياء بين الضال والسمر
52
دعا باسم ليلى غيرها فكأنما
أطار بليلى طائراً كان في صدري
53
أحجاج بيت الله في أي هودجٍ
و في أي خدرٍ من خدوركم قلبي
54
أرى الإزار على ليلى فأحسده
إن الإزار على ما ضـم محسود
55
ألا أيها القصاد نحوي لتعلموا
بحالي وما أصبحت في القفر أصنع
ألم تعلموا أن القطا قد ألفته
و أن وحوش القفر حولي ترتع
56
أقول لصاحبي والعيس تهوي
بنا بين المنيفة فالضمار
تمتع من شميم عرار نجـدٍ
فما بعد العشية من عرار
57
ألا يا حبذا نفحات نجـدٍ
و ريا روضه غب القطار
58
و أنت التي صيرت جسمي زجاجةً
تنم على ما تحتويه الأضالع
59
وعيشك ما لي حيلة غير أنني
بلفظ الحصى والخط في الأرض مولع
60
و أن وحوش البر يأتلفون بي
ذكور أناث ثم خشف و مرضع
و دون مقامي في الفلاة
ووحدتي
و عشقي لليلى للهموم تجمع
61
قالت جننت على أيشٍ فقلت لها
الحب أعظم مما بالمجانين
الحب ليس يفيق الدهر صاحبه
و إنما يصرع المجنون في الحين
62
أيا ويح من أمسى تخلس عقله
فأصبح مذهوباً به كل مذهب
خليعاً من الخلان إلا مجاملاً
يساعدني من كان يهوى تجنبي
63
إذا ذكرت ليلى عقلت و راجعت
روائع عقلي من هوىً متشعب
64
قضاها لغيري وابتلاني بحبها
فهلا بشيءٍ غير ليلى ابتلانيا
65
يا حبذا عمل الشيطان من عملٍ
إن كان من عمل الشيطان حبيها
66
فإن كان فيكم بعل ليلى فإنني
وذي العرش قد قبلت فاها ثمانيا
و أشهد عند الله أني رأيتها
و عشرون منها إصبعاً من ورائيا
67
يسمونني المجنون حين يرونني
نعم بي من ليلى الغداة جنون
68
ليالي يزهى بي شباب وشرة
و إذ بي من خفض المعيشة لين
69
و إني لمجنون بليلى موكل
ولست عزوفاً عن هواها ولا جلدا
إذا ذكرت ليلى بكيت صبابةً
لتذكارها حتى يبل البكا الخدا
70
وجاؤوا إليه بالتعاويذ والرقى
وصبوا عليه الماء من ألم النكس
وقالوا : به من أعين الجن نظرة
ولو عقلوا، قالوا : به نظرة الإنس
71
ضممتك حتى قلت ناري قد انطفت
فلم تطف نيراني و زيد وقودها
72
تمتع بليلى، إنما أنت هامة
من الهام يدنو كل يومٍ حمامها
تمتع إلى أن يرجع الركب إنهم
متى رجعوا يحرم عليك كلامها
73
أقول لمفتٍ ذات يومٍ لقيته
بمكة والأنضاء ملقىً رحالها
بربك أخبرني ألم تأثم التي
أضر بجسمي من زمانٍ خيالها
فقال بلى والله سوف يمسها
عذاب، وبلوى في الحياة تنالها
74
فقلت ولم أملك سوابق عبرةٍ
سريع إلى جيب القميص انهمالها
عفا الله عنها ذنبها وأقالها
و إن كان في الدنيا قليلاً نوالها
75
وكنت وعدتني يا قلب أني
إذا ما تبت عن ليلى تتوب
و ها أنا تائب عن حب ليلى
فما لك كلما ذكرت تذوب
76
لئن كان يا ليلى اشتياقي إلًيكم
ضلالاً ، وفي برئي لأهلك حوب
فما تبت من ذنبٍ إذا تبت منكم
و ما الناس إلا مخطئ ومصيب
فلا النفس يسليها البعاد فتنثني
ولا هي عما لا تنال تطيب
77
و لو أنني إذ حان وقت حمامها
أحكم في عمري لقاسمتها عمري
فحل بنا الفقدان في ساعةٍ معاً
فمت ولا تـدري و ماتت ولا أدري