ايليا أبو ماضي
ولد سنة 1889م؛ كانت ثقافته الأولى في مدرسة القرية، ثم رحل إلى الإسكندرية عـــام 1901م وباع فيها السجائر وفي الليل كان يدرس اللغة العربية وقواعدها. وفي عـــــــــــــام 1912م هاجر إلى أمريكا وأقام في ولاية "سنسناتي" أربع سنوات عمل فيها تاجرا مع أخيه مراد، وانتقل إلى نيويورك ليبدأ حياته الصحفية ومجده الشعري في الرابطة القلمية وكانت تتألف من (جبران خليل - ميخائيل نعيمه - أمين الريحاني - رشيد أيوب) وفي نيويورك طبع ثلاث دواوين هي (ديوان إيليا أبو ماضي الجزء الثاني - الجداول1927م - الخمائل1940م) أما ديوانه الأول فقد صدر عام 1911تحت عنوان تذكار الماضي..توفي سنة 1957م
-----------------------------------
بقدم بعض من قصائد الشاعر الرائع جدا إليا أبو ماضي...
سلمى
السحــــــب تركض في الفضاء الرحب ركض الخائفين
والشمــــــــــــــــــس تـــــــــــبـــــــدو خلفها صفراءعاصبة الجبين
والبحــــــــــــــــــــ ـر ساجٍ صامـــــــــــــــــتٌ فيه خشوع الزاهدين
لكنما عـــــــــيناك باهتتان في الأفـــــــــــــــــــــ ق البعـــــــــــــيد
سلمى ...بماذا تفكرين؟
سلمى ...بماذا تحلميـــــــن؟
أرأيت أحلام الطفــــــــــــــــــــو لة تختفي خلف التخوم؟
أم أبصرتْ عيناك أشــــــــــــــــباح الكهولة في الغيوم؟
أم خفتْ أن يأتي الدُّجى الجـــــــــــاني ولا تأتي النجوم؟
أنا لا أرى ما تلمـــــــــحــــــــــــ ـــــــــين من المــشــــاهد إنما
أظلالـــــها في ناظريك
تنم ، ياســـلمى ، عليك
إني أراك كســــــــــــــــــائحٍ في القفر ضل عن الطريق
يرجو صديقاً في الفـــــــــــلاة ، وأين في القفر الصديق
يهوى البروق وضــــــــوءها ، ويـــــــــــــخاف تخدعهُ البروق
بــــلْ أنت أعظم حـــــــــــــــــيرة من فــــــارسٍ تحت القتام
لا يستطيع الانتــــصار
ولا يطيق الانــــــكسار
هــــــذي الهواجـــــــس لم تكن مرســــــــومة في مقلتيك
فلقـــــد رأيـــتـــك في الضــــحى ورأيته في وجـــــنتيك
لكن وجــــــدتُك في المساء وضـــــعت رأسك في يديك
وجـــــــلست في عــــــينيك ألغازٌ ، وفي النفــس اكتئاب
مــــثل اكتئاب العاشقين
ســلمى ...بماذا تفكرين
بالأرض كيف هـــــــوت عروش النور عن هضباتها؟
أم بالمـــــــــروج الخُضرِ ســــــاد الصمت في جنباتها؟
أم بالعــــــصـــــافـــــــ ـــــير التي تعـــــدو إلى وكناتها؟
أم بالمـــــــسا؟ إن المســــــــــــــا يخفي المدائن كالقرى
والكوخ كالقصر المكينْ
والشـوكُ مــــــــــــــــــــــثل ُ الياسمين
لا فــــــــرق عــــــــــند الليل بين النهــــــــــر والمستنقع
يخفي ابتسامات الطـــــــــــــــروب كأدمع المـــــــتوجعِ
إن الجـــــــــمالَ يغـــــــيبُ مـــــــــــــــــثل القبح تحت البرقعِ
لكن لماذا تجــــــــــــزعـــــــــ ــــــين على النهار وللدجى
أحـــــــــــلامه ورغائبه
وســـــــماؤُهُ وكواكبهْ؟
إن كان قد ســــــــــــــــــتر البلاد سهـــــولها ووعورها
لم يسلـــــــــــــب الزهر الأريج ولا المياه خـــــــريرها
كلا ، ولا منعَ النســــــــــــــــــــا ئم في الفضاءِ مسيرُهَا
ما زال في الــــوَرَقِ الحفــــيفُ وفي الصَّبَا أنفــــــاسُها
والعــــــــندليب صداحُه
لا ظفـــــــــــرُهُ وجناحهُ
فاصغي إلى صـــــــــوت الجداول جارياتٍ في السفوح
واســــــتنشـــــــــقي الأزهار في الجنات مادامت تفوح
وتمتعي بالشــــــــــــــهـــــب في الأفلاك مادامتْ تلوح
من قــــــبل أن يأتي زمان كالضـــــــــــــباب أو الدخان
لا تبصرين به الغــدير
ولا يلـــــــذُّ لك الخريرْ
مـــات النهار ابن الصباح فلا تقـــــــــــــــولي كيف مات
إن التــــــــــــــــأمل في الحــــــــــياة يزيد إيمـــــــــــــان الفتاة
فدعي الكآبة والأسى واســـــــــــــــــترجعي مرح الفتاةْ
قد كان وجهك في الضحى مثل الضحى متهـــــــــــــللاً
فيه البشـــــاشة والبهاءْ
ليكن كــذلك في المساءْ
----------------------------
وحينما يريد أن يذهلنا ببعض قصائده نشاهد مثل هذه القصيدة
هدية العيد
أي شيء في العيد أهـدي إليـك
يا ملاكي , وكل شيء لديك
أسوارا ؟ أم دملجا من نضـــار
لا أحب القيود في معصميك
أم خمورا ؟ وليس في الأرض خمر
كالذي تسكبين من لحظيك
أم ورودا ؟ والورد أجملـه عندي
الذي قد نشقـت من خديـك
أم عقيقـــا كمهجتي يتلظـى
والعقيــق الثمين في شفتيك
ليس عندي شيء أعز من الروح
وروحي مرهونــة في يديك