لا يمكن للإنسان أن يحيا في عالمنا دون توافر مصادر تمده بالطاقة التي يحتاجها في كل شيء في حياته اليومية: التدفئة - تسخين المياه - طهي الطعام - الإضاءة - تشغيل وسائل المواصلات المختلفة وكافة الأجهزة المنزلية - تشغيل آلات المصانع، ووصولاً إلى شحن الأجهزة الذكية كالهاتف المحمول واللاب توب والآي باد والتابلت وغيرها.
ولأن العالم قد بدأ بالفعل يعاني من أزمة في مصادر الطاقة، بسبب الزيادة السكانية المطردة، والتلوث الذي تسببه مصادر الطاقة غير المتجددة وعلى رأسها المواد البترولية، إلى جانب أنها ولابد ستنضب يوماً ما، كان الاتجاه خلال العقود الأخيرة للبحث عن مصادر بديلة للطاقة، متجددة ونظيفة، فبدأ استخدام المياه والرياح والشمس والوقود الحيوي في توليد الطاقة.
ومع مرور الزمن أكثر وأكثر، من البديهي أن تظهر بدائل أخرى جديدة لتوليد الطاقة من مصادر قد تكون غير مألوفة بالنسبة لنا الآن، ومن الصعب توقعها، لكن العلماء والباحثين لا يتوقف خيالهم عند أي حد، ويحاولون دائماً إجراء التجارب المبتكرة حتى ولو بدت غريبة للغاية في عيون العامة، لتحقيق اكتشافات جديدة تعرض مصادر ربما يستخدمها العالم مستقبلاً على نطاق واسع لتوليد الطاقة، ومنها:
فكرة استخدام حركة الإنسان - أو حتى الحيوان- في تشغيل بعض الآلات ليست جديدة بالطبع بل هي كلاسيكية جداً، وتظهر في أبسط صورها من خلال تشغيل الدراجة أو مضرب البيض اليدوي أو مطحنة التوابل اليدوية، وغيرها. الجديد هنا - والذي أجرى عليه الباحثون تجارب مختلفة- هو ابتكار أجهزة معينة تقوم باستقطاب وتخزين الطاقة الناتجة عن حركة الإنسان أثناء السير أو الجري أوصعود وهبوط السلم أو حتى خلال أداء التدريبات الرياضية الاحترافية في الجيم، ثم تحويلها إلى كهرباء واستخدامها على مستويات مختلفة، بداية من تشغيل الأجهزة الشخصية المحمولة للفرد نفسه، كاللاب توب والهاتف الذكي والآي باد وغيرها، وحتى إعادة استخدامها على نطاق واسع لإشعال الأضواء بالشوارع وتشغيل الأجهزة المنزلية.
قام أحد المصممين البرازيليين مؤخراً بابتكار مشغل موسيقى (MP3) على شكل سوار أنيق يمكن ارتداؤه في معصم اليد، بحيث يشحن الطاقة اللازمة لتشغيله من خلال نبضات القلب التي يقوم الطبيب عادة بقياسها من معصم اليد، دون الحاجة لأي مصدر آخر للطاقة. ويحتوي مشغل الموسيقى المبتكر هذا على شاشة مرنة تعمل باللمس، يمكن للمستخدم من خلالها اختيار الأغاني وضبط شدة الصوت. وربما تستخدم طاقة النبض على نطاق أوسع في المستقبل.
من مصادر الطاقة البديلة التي بدأ تطبيقها على استحياء في الوقت الحالي – ومن المحتمل أن تزداد تطبيقاتها في المستقبل- هي الرمال، فقد ابتكر المصمم Danielle Trofe مصباحاً زجاجياً أنيقاً LED يستمد طاقته بشكل يشبه عمل الساعة الرملية العتيقة.
المصباح يشبه الساعة الرملية بالفعل في شكله لكن بتصميم عصري أنيق، ويمتليء نصفه العلوي بالرمال أسفل الجزء المضيء، ومن خلال سقوط الرمال تدريجياً إلى الجزء الأسفل تتولد طاقة يتم تحويلها لطاقة كهربية لإضاءة المصباح.
من أنواع الوقود البديل التي قد يتم الاعتماد عليها بشكل كبير مستقبلاً لتشغيل السيارات والمركبات، الزيوت النباتية، وهو الأمر الذي يتم تجربته بشكل اختباري في الوقت الحالي، كما فعلت شركة ميتسوبيشي بابتكار سيارتها الفان العائلية التي تسمى (السيارة الخضراء)، والتي تستخدم الزيت النباتي كوقود للتشغيل.
في إطار البحث عن مصادر بديلة للطاقة النظيفة التي ربما يعتمد عليها العالم بشكل ما مستقبلاً، توصل العالمان مارتين ريديفورد، وجيم ريديز لابتكار طريقة لإضاءة المنازل، من خلال الجاذبية الأرضية، عبر مصابيح خاصة مزودة بحافظة جلدية يتم ملؤها بالأحجار أو الرمال، ويتم تعليقها على ارتفاع معين بالغرفة بحيث تهبط الحافظة الثقيلة تدريجياً باتجاه الأرض بفعل الجاذبية على مدار 30 دقيقة مولدة طاقة كهربية تضيء المصباح. وعندما تصل الحافظة للأرض، يمكن إعادة تعليقها بأعلى من جديد للحصول على إضاءة لمدة نصف ساعة أخرى.
في بريطانيا تم ابتكار شاحنة لجمع القمامة تعمل ببطارية ليثيوم أيون يتم شحنها بالكهرباء، التي يتم توليدها من خلال القمامة والمخلفات نفسها التي تجمعها الشاحنة، وبهذا تتحقق عدة أهداف في وقت واحد: تخليص المجتمع من النفايات والقمامة، وإعادة تدويرها بشكل مفيد، وتوليد طاقة نظيفة لا تلوث البيئة وأيضاً غير مكلفة لتشغيل السيارات. تقوم الشاحنة يومياً بجمع حوالي 25 طناً من النفايات والقمامة من الشوارع، ثم تقوم بتفريغها داخل محطة خاصة يتم فيها تحويل القمامة لكهرباء لشحن بطارية السيارة. هذه الفكرة لو تم تطبيقها على نطاق واسع في المستقبل ستكون عظيمة بحق. وبنفس الطريقة تم ابتكار أعمدة إضاءة للشوارع تستمد طاقة تشغيلها من المخلفات وبقايا الأطعمة التي يلقي بها المارة.
The Salt Water Fuel Cell Monster Truck هو اسم السيارة اللعبة التي ابتكرتها شركة OWI، والتي تتحتوي على كل مكونات السيارة الحقيقية، فهي رباعية الدفع وتعمل بالكهرباء من خلال خلايا الوقود، لكن المفاجأة هي أن الكهرباء التي تستخدم لتشغيلها تقوم السيارة بتوليدها من بضع قطرات من المحلول الملحي تعمل بمثابة مصدر للطاقة. لذا فرغم كونها في النهاية لعبة، إلا إنه يمكن اعتبارها نموذجاً لتصميم يمكن تطبيقه على سيارات حقيقية يتم إنتاجها في المستقبل.
استخدام الفواكه في توليد الطاقة الكهربائية يعتبر صورة من صور إنتاج الوقود الحيوي، فقد أجريت تجربة – تحت رعاية إحدى وكالات الإعلان والدعاية الفرنسية- لعمل لوحة إعلانية مضيئة كالتي نراها في كل مكان بالشوارع، لكن الجديد أن لمبات الفلوروسنت الموجودة داخل تلك اللوحة الإعلانية تعمل بكهرباء تم توليدها من ثمرات البرتقال! ومن يدري ربما أصبح البرتقال من مصادر الطاقة المهمة في المستقبل.
الطحالب الخضراء هي مصدر آخر يجرى العمل على استخدامه لتوليد الوقود الحيوي الذي يمكن استخدامه لتشغيل السيارات أو مصابيح الإضاءة أو حتى تشغيل الأجهزة الموجودة بأحد المباني بالكامل. ويعتبر بيل جيتس مؤسس مايكروسوفت العالمية، وأحد أثرى أثرياء العالم من المتحمسين جداً لهذا الأمر، حتى أنه قد بدأ مشروعاً منذ سنوات قليلة لتطوير وإنتاج وقود الطحالب الخضراء بحيث يتم استخدامه على نطاق أوسع مستقبلاً
تحت اسم (البيوديزل) يتم في الفترة الأخيرة استخدام دهن واحد من أخطر وأشرس الزواحف في العالم، ألا وهو التمساح، لإنتاج وقود لتشغيل السيارات، وقد بدأ الأمر على يد مهندسين بولاية لويزيانا الأمريكية. ويشير الخبراء إلى أن وقود (البيوديزل) المستخرج من دهن التمساح يتفوق على الوقود الحيوي من حيث كونه أرخص ثمناً، ولا يحتاج لخزانات وقود مخصصة بل يمكن وضعه داخل خزانات وقود السيارات التي تعمل بالوقود التقليدي دون الحاجة لتعديلها، هذا بالإضافة لكونه وقوداً نظيفاً لا يلوث البيئة. لذا لا تندهش إذا علمت مستقبلاً أن سيارتك الجديدة تستخدم دهن التمساح كوقود!