غَريباً أرى يــــا غَريبَ الطُفوفِ - تَوَسُّدَ خَدَّيْــــــكَ كُثْبانَها
مُصابٌ أطاشَ عُقـــــــــولَ الأنامِ - جَميعاً وَحيّـــــَرَ أذْهانَها
تَرَكْــــــــــــــتُ حَشاكَ وسُلْوانَها - فَخَلّي حَشايَ وأحْزانَها
قَدْ إستَوْطَنَ الهَمُّ قَلْبــــــــي فَعْفْتُ - لَكَ الغانِياتِ وَأوْطانِها
أفِقْ لَسْتَ أوَّلَ مَنْ لامَني – عَلــــــى وَصْلِ نَفْسِيَ تِحْنانَها
فَكَمْ لِيَ قَبْلَكَ لَوّاحَةٌ - تَشاغَلْتُ مُضْطَرِحــــــــــــــــ اً شانَها
وَلَوْ وَجَدَتْ بَعْضَ مــا قَدْ وَجَدْتُ - لَبَلّتْ مِنَ الدَمْعِ أرْدانَها
خَلا أنَّها مُذْ رَأتْني غَدَوتُ – لَهيــــــــفَ الحَشاشَةِ حَرّانَها
فَقالَتْ أجدَّكَ مِن ذي حَشاً – جَـــــوى الحُزْنِ لازَمَ إيطانَها
لِمَنْ حُرَقُ الوَجْدِ تُذْكي وَراءَ – حَنايـــــا ضُلوعِكِ نيرانَها
تَسَلّى وَبِاللهِ لَمّا إغْتَنَمْتَ – مِــــــــــــــــنْ جِدَّةِ اللَهْوِ إبّانَها
فَقُلْتُ سَلَوْتُ إذاً مُهْجَتي - إذا أنـــــــــــــــا حاوَلْتُ سُلْوانَها
كَفاني ظَناً أنْ تُرى في الحُسَيْنِ - شَفَتْ آلُ مَرْوانَ أضْغانَها
فَأغْضَبَتْ اللهِ فــــــــــــــــــي قَتْلِهِ - وَأرْضَتْ بِذلِكَ شَيْطانَها
عَشِيَّةَ أنَهَضَها بَغْيُها - فَجاءَتْهُ تَرْكَـــــــــــــــــــ ــبُ طُغْيانَها
وَحفَّتْ بِمَنْ حَيْـــــثُ يَلْقى الجُموعَ - يُثَنّي بِماضيهِ وَحْدانَها
وَسامَتْهُ يَرْكَبُ إحْدى إثْنَتَيْنِ - وَقَدْ صَرَّتْ الحَــــرْبُ أسْنانَها
فَإمّا يُرى مُذْعِناً أو تَموتَ - نَفْسٌ أبـــــــــــــى العِزُّ إذْعانَها
فَقالَ لَها إعْتَصِمي بِالإباءِ - فَنَفْسُ الأبِيِّ وَمــــــــــــــا زانَها
رَاى القَتْلَ صَبْراً شِعارَ الكِرامِ - وَفَخْراً يَزينُ لَهـــــــا شانَها
رَكينٌ وَلِلأرْضِ تَحْتَ الكُماةِ - رَجيفٌ يُزَلْـــــــــــزِلُ ثَهْلانَها
أقَرُّ عَلى الأرْضِ مِنْ ظَهْرِها - إذا مَلْمَلَ الرعْبُ أقــــــْرانَها
تَزيدُ الطَلاقَةُ في وَجْهِهِ - إذا غَيّــــــــــــــــَرَ الخَوْفُ ألْوانَها
وَلَمّا قَضى لِلْعُلا حَقَّهـــــــــــــــــــ ا - وَشَيَّدَ بِالسَيْفِ بُنْيانَها
تَرَجَّلَ لِلْمَوتِ عَـــــــــــــــنْ سابِقٍ - لَهُ أخْلّتْ الخَيْلُ مَيْدانَها
تَـــــــــــوازى إلى البِشْرِ في صَرْعَةٍ - لَهُ حَبَّبَ العِزُّ لُقْيانَها
كَأنَّ المَنِيَّةَ كانَتْ لَدَيْهِ – فَتــــــــــــــــــــاة ٌ تُواصِلُ خِلْصانَها
جَلَتْها لَهُ البيضُ فــــــــي مَوْقِفٍ - بِهِ أثْكَلَ السُمْرُ خِرْصانَها
فَباتَ بِها تَحـــــــــــــْتَ لَيْلِ الكِفاحِ - طَروبَ النَقيبَةِ جَذْلانَها
وأصْبَحَ مُشْتَجَراً لِلْرِماحِ – تَحَلّــــــــــــــي الدَما مِنْهُ مِرّانَها
عَفيراً مَتـــــــــــــى عايَنَتْهُ الكُماةُ - يَخْتَطِفُ الرُعْبُ ألْوانَها
فَمـــــــــــا أجْلَتْ الحَرْبُ عَنْ مِثْلِهِ - صَريعاً يُجَبِّنُ شُجْعانَها
تَريبَ المُحَيـــــــــّا تَظُنُّ السَماءُ - بِأنَّ عَلى الأرْضِ كَيْوانَها
أتَقْضي فِداكَ حَشى العالَمينَ - خَميصَ الحَشاشَةِ ظَمآْنَهــــــا
ألَسْتَ زَعيمَ بَني غالِبٍ - ومِطْعانَ فِهْرٍ وَمِطْعامَهــــــــــــــ ا
فَلِمْ أغْفَلَتْ بِكَ أوْتارَها - وَلَيْسَتْ تُعاجِلُ إمْكانَهـــــــــــــــــ ا
أجُبْناً عَنْ الحَرْبِ يا مَن غَدَوْتَ - عَلى أوَّلِ الدَهْرِ أخْدانَهــا
وَإنْ هِيَ نامَتْ عَلى وِتْرِها – فــــــــــَلا خالَطَ النَوْمُ أجْفانَها
تَنامُ وبِالطَفِّ عَلْياؤها – أمَيَّـــــــــــــــــــ ـــةُ تَنْقُضُ أرْكانَها
وَتِلكَ عَلى الأرْضِ مَــــن أُقْدِمَتْ - وَرَبِّ السَماواتِ سُكّانَها
ثَلاثاً قَدْ إنْتُبِذَتْ بِالعَراءِ – لَهـــــــــــــا تَنْسُجُ الريحُ أكْفانَها
تحياتي الناقل... القصيدة كما ترون روعة من روائع السيد الحلي(قدس) وهو أفضل من رثا الحسين(ع) على الإطلاق وإن كان هناك من سبقوه إلاّ أن اثبات الشيء لاينفي ماعداه، وطبيعي أن يكون السيد رحمه الله بهذا المستوى فهو من بيت علم ودين وأدب ويكفي أن الإمام الحجة (عج) قد سمع قصيدته الموسومة الله يامحي الشريعة في الصحن الحيدري في القرن قبل الماضي...
الثهلان= جبل عند بني تميم
المرّان= الرماح الصلبة
حرانها= شديد العطش
الخرص= الجمل الشديد الضليع
أخدان= متخذي خليلات للزنى سرا