المدى برس/ واسط
لم يكن الشاب البصري عماد هليل يتوقع أنه سيقدم خدمات مهمة لزوار الامام الحسين في محافظة واسط، لكن الصدفة هي التي جعلته يصبح كما يقول "جسراً لزوار الحسين"، بعد أن أصبح ومنذ خمسة أعوام قائداً للعبّارة التي يستقلها زوار المحافظة لعبور ضفتي دجلة في ذهابهم للزيارة ليختصروا "20 كم" من الطريق باتجاه محافظة كربلاء، وفيما تبين ادارة المحافظة أنه تم انشاء العبارة من "اجزاء جسر عائم بعد انتفاء الحاجة له وتفكيكه"، أكد زائرون أن ركوب العبارة "يحمل متعة جميلة ويختصر مسير نصف يوم لهم".
ويقول هليل في حديث الى (المدى برس) إن "الصدفة وحدها جعلتني أكون قائداً للعبّارة الواسطيّة التي تستخدم في أيام الزيارة لغرض نقل الزوار من الضفة الشرقية لنهر دجلة الى الغربية وذلك اختصارا للمسافة التي يقطعونها من الكوت باتجاه محافظة كربلاء"، ويتابع "أنا تشرفت بأن أصبحت جسراً لزوار الحسين".
ويضيف هليل أنه "قبل خمسة أعوام حضر وفد من محافظة واسط الى مقر الشركة التي أعمل فيها وهي شركة حوّاس المتخصصة بالأدوات البحرية لشراء المواد والعدد اللازمة لإنشاء عبارة كبيرة لغرض عبور الزوار من ضفة دجلة الشرقية الى الغربية حيث أنهم يفضلون نقطة في الطريق لعبور النهر اختصاراً للمسافة"، ويشير الى أن "اتفاقاً تم حينها مع ذلك الوفد كي أقوم بقيادة العبارة كمتطوع خلال أيام الزيارة حيث يتواصل العمل طوال ساعات اليوم دون انقطاع لكثرة الزوار ودون أي مقابل كوني متطوعا لهذه المهمة."
ويؤكد الشاب البصري، ذو اللحية الكثيفة والشاربين الخفيفين، أن "العبارة تستوعب 350 الى 400 شخص وتقطع مسافة 200 متر، وهو عرض النهر تقريبا، ببضع دقائق كونها تعمل بمحركين اثنين مع ثالث احتياط"، ويتابع "يبدأ عمل العبارة في نقل الزائرين الى الضفة الاخرى من ساعات الفجر الاولى حتى الغروب بدون توقف نظرا للزخم الهائل في اعداد الزائرين كل مرة."
ويكشف قائد العبّارة أن "عدد الذين عبرتهم في الايام الماضية يربو على 600 ألف شخص"، ويبين أن "هناك تنسيقا مع لجان محلية تتولى تنظيم اسبقية العبور التي غالبا ما يتم تفضيل النساء والاطفال فيها خاصة في الظروف الجوية الصعبة كالأمطار والبرد كما حصل خلال هذه الزيارة."
ويستطرد هليل بالقول أن "حكومة واسط حرصت كما في الاعوام السابقة على توفير الوقود الكافي للعبارة وتهيئة طاقم كبير من الزوارق الخاصة بالشرطة النهرية لمرافقتها ووجود عدد كبير من النجدة على متنها تحسباً للحوادث التي قد تحصل للزوار".
ومن جانبه، يقول محافظ واسط محمود عبد الرضا طلال في حديث الى (المدى برس) إن "فكرة العبارة جاءت عام 2009 وبعد انقلاب أحد الزوارق الاهلية التي تتولى مهمة عبور الزوار لجأنا الى إنشاء عبارة كبيرة فيها متانة وأمان أفضل من الزورق وخصصناها لعبور الزوار."
ويضيف أن "العبارة تم انشائها من اجزاء من أحد الجسور العائمة في المحافظة بعد انتفاء الحاجة له وتفكيكه وهي اليوم تحمل اسم شهداء الاربعينية تخليدا لذكرى اولئك الشهداء الذي غرقوا عام 2008"، ويشير الى أن "الحكومة المحلية وبالتنسيق مع مديرية الشرطة النهرية في واسط وبعض المختصين بقيادة الزوارق والعبارات تقوم بتأمين جميع متطلبات العبارة واجراء الصيانة لها ومعالجة العوارض التي تحصل فيها وتأمين الوقود الكافي لها طوال أيام عملها."
وبدوره، يقول أحد الزوار، ويدعى أحمد علي عبد العباس، في حديث الى (المدى برس) إن "الركوب على متن العبارة وعبور نهر دجلة علاوة على كونه يختصر المسافة بحوالي 20 كيلومترا من الطريق العام فأنه في ذات الوقت يحمل متعة جميلة"، ويضيف أن "عملية عبور النهر كانت في السابق صعبة ومخيفة نتيجة استخدام الزوارق الصغيرة التي لا يرغب الكثير ركوبها خاصة النساء خشية من الحوادث لكنها اليوم بأمان كون العبارة أشبه بالميناء النهري وفيها متانة وامان جيد."
فيما تقول أم باسم، (47 سنة)، في حديث الى (المدى برس) إن "الركوب على متن العبارة صار أمراً مألوفاً لدى النساء والاطفال على وجها الخصوص بعد أن كانت المخاوف ترافقهم بداية الامر خاصة وان مسافة عرض النهر قد تصل الى أكثر من 200 متر"، وتوضح أن "وجود العبارة في هذا المكان أختصر على الزوار المشاية مسير نصف يوم وهم في طريقهم الى كربلاء".
وتعد زيارة الأربعين إحدى اهم الزيارات للمسلمين الشيعة حيث يخرج المسلمون الشيعة من محافظات الجنوب والوسط أفرادا وجماعات مطلع شهر صفر مشيا إلى كربلاء، فيما تستقبل المنافذ الحدودية والمطارات مسلمين شيعة من مختلف البلدان العربية والإسلامية للمشاركة في زيارة أربعينية الإمام الحسين، ثالث أئمة الشيعة الاثني عشرية، ليصلوا في العشرين من الشهر ذاته، الذي يصادف زيارة (الأربعين) أو عودة رأس الحسين ورهطه وأنصاره الذين قضوا في معركة كربلاء عام 61 للهجرة، وأصبحت هذه الممارسة أو هذه الشعيرة تقليداً سنويا بعد انهيار النظام السابق، الذي كان يضع قيودا صارمة على ممارسة الشيعة لشعائرهم.