لا تـدعهــا للشيطــان


================





قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا وقعت لقمةُ أحدِكم فليأْخُذْها . فليمطْ ما كان بها من أذى وليأْكلْها . ولا يدَعْها للشيطانِ .
ولا يمسحُ يدَه بالمنديلِ حتى يلعقَ أصابِعَه . فإنَّه لا يدري في أيِّ طَعامِه البركةُ )).




وفي رواية أخرى لمسلم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:



( إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه حتى يحضره عند طعامه،
فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذى فليأكلها ، ولا يدعها للشيطان )




شـــرح الحــديـــث


ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في آدب من آداب الأكل ، منها :


إن الإنسان إذا فرغ من أكله فإنه يلعق أصابعه ويلعق الصفحة ، يعني يلحسها حتى لا يبقى فيها أثر الطعام ،
فإنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة ،
فهذان أدبان : الأول : لعق الصفحة ، والثاني : لعق الأصابع ،
والنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لا يأمر أمته بشيء إلا وفيه الخير والبركة .
ولهذا قال الأطباء : إن في لعق الأصابع من بعد الطعام فائدة ؛

وهو تيسير الهضم ؛
لأن الأنامل فيها مادة ـ بإذن الله ـ تفرزها عند اللعق بعد الطعام تيسر الهضم ،
ونحن نقول : هذا من باب معرفة حكمة الشرع فيما يأمر به ، وإلا فالأصل أننا نلعقها امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ،
كثير من الناس لا يفهمون هذه السنة ، تجده ينتهي من الطعام وحافته التي حوله كلها طعام ،
تجده أيضاً يذهب ويغسل دون أن يلعق أصابعه ،
والنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ نهى أن يمسح الإنسان يديه بالمنديل حتى يلعقها وينظفها من الطعام ،
ثم بعد ذلك يمسح بالمنديل ، ثم بعد ذلك يغسلها إذا شاء .






كذلك أيضاً من آداب الأكل : أن الإنسان إذا سقطت لقمه على الأرض فإنه لا يدعها ؛


لأن الشيطان يحضر للإنسان في جميع شؤونه ،
كل شؤونك من أكل ، وشرب ، وجماع ، أي شيء يحضر الشيطان ،


فإذا لم تسم الله عند الأكل شاركك في الأكل ، وصار يأكل معك ؛ ولهذا تنزع البركة من الطعام إذا لم تسم عليه ،
وإذا سميت الله على الطعام ، ثم سقطت اللقمة من يدك فإن الشيطان يأخذها ، ولكن لا يأخذها ونحن ننظر ،
لأن هذا شيء غيبي لا نشاهده ، ولكننا علمناه بخبر الصادق المصدوق ـ عليه الصلاة والسلام ـ يأخذها الشيطان فيأكلها ،
وإن بقيت أمامنا حسياً ، لكنه يأكلها غيباً ،
هذه من الأمور الغيبية التي يجب أن نصدق بها .
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم دلنا على الخير فقال :

( فليأخذها وليمط ما بها من أذى ، وليأكلها ، ولا يدعها للشيطان )
خذها وأمط ما بها من أذى ـ من تراب أو عيدان أو غير ذلك ـ ثم كلها ولا تدعها للشيطان .
والإنسان إذا فعل هذا امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وتواضعاً لله عز وجل وحرماناً للشيطان من أكلها ؛
حصل على هذه الفوائد الثلاثة : الامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، والتواضع ، وحرمان الشيطان من أكلها.
هذه فوائد ثلاث ، ومع ذلك فإن أكثر الناس إذا سقطت اللقمة على السفرة أو على سماط نظيف تركها ، وهذا خلاف السنة .
وفي هذا الحديث من الفوائد : أنه لا ينبغي للإنسان أن يكل طعاماً فيه أذى ،
لأن نفسك عندك أمانة ، لا تأكل شيئاً فيه أذى ، من عيدان أو شوك أو ما أشبه ذلك ،
وعليه فإننا نذكر الذين يأكلون السمك أن يحتاطوا لأنفسهم ،

لأن السمك لها عظام دقيقة مثل الإبر ، إذا لم يحترز الإنسان منها ، فربما تخل إلى بطنه وتجرح معدته أو أمعاءه وهو لا يشعر ،
لهذا ينبغي للإنسان أن يراعي نفسه ، وأن يكون لها أحسن راع ،
فصلوات الله وسلامه على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .


شرح رياض الصالحين للشيخ ابن العثيمين رحمه الله