بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِان من اهم ما على المنصف في ذكر الامام علي (عليه السلام) ان يتصدى بيان لفضل الامام علي (عليه السلام) من الكتاب العزيز ليتسنى له معرفة فضله عن كثب بعيداً عن كل الوان التعصب والغلو أو البغضاء والشنآن في حقه (عليه السلام) , فاننا اذا مررنا ولو مرور سطحي من دون تعمق في طيات كلمات اهل التفسير من كلا المدرستين لوجدنا ان الاشارة لفضل الامام علي (عليه السلام) هو كشمس سطعت في يوم امعنه لمعان صفائه ذلك فضلاً عن ان نتمعن كل التمعن للوقوع على تلك الحقيقة الذي بزغ سطوع نورها من فجر التاريخ ابان دعوة النبي (صلى الله عليه وآله) ولهذا فلنأتي لهذه الايات واحدة تلوه الاخرى وان لم نستوعب البحث فيها بل على نحو الاختصار والإيجاز في بيان بعض تلك الايات الكريمات التي وقف عليها ابرز مفسرو الامة :
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى.
1. الفاتحة (اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقيمَ):
أخرجه بسنده الحاكم الحَسْكاني النيسابوري الحنفي في «شواهد التنزيل» ج1: 75/ ح88: عن سعيد بن جُبير، عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ ابن أبي طالب (عليه السلام): أنت الطريق الواضح، وأنت الصراط المستقيم، وأنت يعسوب المؤمنين .
أخرجه العيّاشي محمد بن مسعود بن عيّاش السمرقندي (ت/ نحو 320 هـ) في تفسيره المسمّى بـ «تفسير العياشي»[58] ج1: 24/ ح25: عن داود بن فرقد، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال(اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقيمَ)يعني أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
2. آية البقرة 207 :
قال الله تعالى : ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله * والله رؤوف بالعباد ) .
روى الإمام القرطبي في تفسيره ( الجامع لأحكام القرآن ) ص 829: قيل : نزلت في علي رضي الله عنه ، حين تركه النبي صلى الله عليه وسلم ، على فراشه ، ليلة خرج إلى الغار .
وروى الحاكم في مستدركه 3 / 4 :بسنده عن سيدنا الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين ، عليهما السلام ، قال : إن أول من شرى نفسه ابتغاء مرضاة الله ، علي بن أبي طالب عليه السلام . وقال علي عليه السلام ، عند مبيته على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم : وقيت بنفسي خير من وطأ الحصى * ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر رسول إله خاف أن يمكروا به * فنجاه ذو الطول الإله من المكر وبات رسول الله في الغار آمنا * موقى وفي حفظ الإله وفي ستر وبت أراعيهم ولم يتهمونني * وقد وطنت نفسي على القتل والأسر .
3. آية البقرة 274 :
قال الله تعالى : ( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية * فلهم أجرهم عند ربهم * ولا خوف عليهم * ولا هم يحزنون )
قال صاحب تفسير المنار 3 / 77 : وأخر عبد الرازق وابن جرير وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنها نزلت في علي ، كرم الله وجهه ، كانت له أربعة دراهم ، فأنفق بالليل درهما ، وبالنهار درهما ، وسرا درهما وعلانية درهما
في رواية الكلبي : فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما حملك على هذا ؟ قال ، حملني أن استوجب علي الله الذي وعدني ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا إن ذلك لك ) .
وروى ابن كثير في تفسيره ( تفسير القرآن العظيم ) 1 / 487 : بسنده عن ابن جبير عن أبيه قال : كان لعلي أربعة دراهم فأنفق درهما ليلا ، ودرهما نهارا ، ودرهما سرا ، ودرهما علانية ، فنزلت ( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار * سرا وعلانية ).
وروى الواحدي في أسباب النزول ص 58: بسنده عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه قال : كان لعلي رضي الله عنه ، أربع دراهم ، فأنفق درهما بالليل ، ودرهما بالنهار ، ودرهما سرا ، ودرهما علانية ، فنزلت ( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار * سرا وعلانية ) .
وقال الكلبي : نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، لم يكن يملك غير أربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلا ، وبدرهم نهارا ، وبدرهم سرا ، وبدرهم علانية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما حملك على هذا ؟ قال : حملني أن أستوجب على الله الذي وعدني ، فقال له صلى الله عليه وسلم : ألا إن ذلك لك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
آية (الَّذِين آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) البقرة –النساء – المائدة وغيرها مما وردة ففيها الاية :
أخرج الحافظ النيسابوري المعروف بالحاكم الحَسْكاني في كتابه «شواهد التنزيل» ج1: 30/ ح13، بسنده عن علي بن بذيمة، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: ما في القرآن آية(الَّذِين آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) إلاّ وعليّ أميرها وشريفها، وما من أصحاب محمّد رجل إلاّ وقد عاتبه الله، وما ذكر عليّاً إلاّ بخير.
ثم قال عكرمة: إني لاعلم أنّ لعليّ منقبة لو حدّثت بها لنفدت أقطار السموات والارض. أو قال: الارض.
وأخرجه الحافظ محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي في «كفاية الطالب»ص: 140، بسنده عن عباد بن يعقوب، عن عيسى بن راشد، عن علي بن بذيمة، عن عكرمة، عن ابن عباس بلفظ: ما نزلت آية فيها) يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا (إلاّ وعليّ رأسها، وأميرها، وشريفها، ولقد عاتب الله - عزّ وجلّ - أصحاب محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) في غير آي من القرآن وما ذكر عليّاً إلاّ بخير.
وأخرجه الامام الحافظ شيخ مشايخ الفقه والحديث أبي جعفر أحمد بن عبدالله الشهير بمحبّ الدين الطبري (ت/ 694 هـ) في «الرياض النضرة في مناقب العشرة المبشّرين بالجنة» عن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: ليس آية في كتاب الله عزّ وجلّ ( يَا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا ) إلاّ وعليّ أولها وأميرها وشريفها، ولقد عاتب الله أصحاب محمّد في القرآن، وما ذكر عليّاً إلاّ بخير. أخرجه أحمد في المناقب.
4. سورة الحاقة : آية 12( وتعيها أذن واعية )
رواه ابن جرير في التفسير 29 / 35 ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 1 / 306 - 307 : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سألت الله عز وجل أن يجعلها أذنك يا علي ، قال علي : فما نسيت شيئا بعد ذلك ، وما كان لي أن أنسى ).
وشرح الزمخشري عبارة ( أذن واعية ) في تفسيره المعروف باسم ( الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل :2 / 485) فقال : أذن واعية من شأنها أن تعي وتحفظ ما سمعت به ، ولا تضيعه بترك العمل ، وكل ما حفظته من نفسك فقد وعيته ، ومن غير نفسك فقد وعيته.
هذا بعض ما ورد في فضل الامام علي (عليه السلام) ذكرناه للبيان على وجه الاختصار .