TODAY - 02 July, 2011
باحثون يفكون ألغاز أسرار "أطباق" التبت الموسيقية
تمكَّن باحثون من بلجيكا والولايات المتحدة من كشف أسرار وفكّ ألغاز ما يُعرف بـ "طاسات (أطباق) التبت الموسيقية"، والتي تظهر فيها قطرات الماء وهي تتراقص بينما تنبعث منها أصوات موسيقية شجيَّة أشبه ما تكون بالأنين، وكأنها مسكونة بالأرواح، وذلك عندما يكون الوعاء مملوءا بالماء ويجري تحريكه عبر حافته الخارجية بمطرقة خشبية تُلفُّ حولها قطعة من الجلد.
فقد أماط تسجيل فيديو جديد عالي السرعة اللثام عمَّا يحدث بالضبط داخل الوعاء (الزبدية) النحاسية: قطرات تقفز وتتطاير فوق سطح الماء وكأنها مجموعة من الراقصات والراقصين الذين يتمايلون في حلبة للرقص!
تحليل رياضي
ففي تقرير منشور في مجلة "نانلينياريتي" يجري مختصون تحليلا رياضيا لمثل هذه الظاهرة، ويلقون الضوء على بعض العمليات الأخرى التي تجري في المواد السائلة، مثل حقن الوقود.
وفي العمق من عملية تحليل هذه الظاهرة، يتحدث العلماء عمَّا يُعرف بـ "موجات فاراداي"، والتي تنبعث لدى تخلخل المياه وتلاطمها ومن ثمَّ إحداثها اهتزازات عندما تكون محصورة في حدود مساحة مغلقة كما هي الحال في ما يُعرف بـ" طاسات التبت الموسيقية".
فعندما يصل تكرار الاحتكاك بين العصا والوعاء النحاسي إلى المرحلة التي تبدأ بها الزبدية بالاهتزاز بشكل طبيعي، فإن حافتها تبدأ بتغيير شكلها بشكل إيقاعي متناغم، إذ تتبدل من شكل بيضوي إلى شكل مختلف آخر، وهكذا دواليك.
وهكذا تنتقل الطاقة الناجمة عن التغيُّر في شكل الوعاء جزئيا إلى الماء الموجود داخله، والذي تتشكل فيه وتظهر نماذج وأنماط مثيرة للاهتمام، وذلك وفقا لدرجة الاحتكاك بين العصا والوعاء وزيادة وتيرة مثل تلك العملية وتكرارها.
لكن، في مرحلة من المراحل يصبح الماء في الوعاء غير مستقر، وهكذا ينجم عن العملية عرض مثير لقطرات الماء التي تصدر موجات فوضوية لا تخضع لحركة معيَّنة منتظمة.
"لقد شاهدت امرأة تُدعى روزي ووربيرتون تلك الأشياء، فبعث برسالة عبر البريد الإلكتروني تقول فيها إنها رأت نفس السلوك يحدث في طاسات التبت الموسيقية. وقد كانت تلك الرسالة هي ملهمنا إلى إجراء مثل هذه الدراسة"
البروفيسور جون بوش من معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة
أنماط الموجات
ويظهر تسجيل الفيديو أيضا كيفية تكوُّن وتراكم أنماط الموجات غير المنتظمة تلك، وذلك بطريقة يمكن أن تصطدم مع بعضها بعضا، الأمر الذي يؤدي إلى تحرير قطرات تتطاير في الهواء.
وزيادة على ذلك، يمكن لقطرات الماء، وتحت ظروف محددة، أن تتراقص بشكل متكرر وتقفز فوق سطح الماء.
ويشكِّل سلوك ما يُعرف بـ "اضطراب فاراداي" وتراقص القطرات وقفزها فوق سطح الماء ظاهرة مألوفة في سياقها العلمي.
ففي عام 2009، استخدم البروفيسور جون بوش من معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة طيفا من السوائل لتوضيح أثر هذه الظاهرة وانعكاساتها، وذلك من خلال استخدامه لتسجيلات فيديو عُرضت ضمن برنامج "تايم وورب" (التواء واعوجاج الزمن) الذي بُثَّ على قناة "ديسكفري".
تحظى موسيقى التبت باهتمام الكثيرين في العالم
يقول البروفيسور بوش في مقابلة مع بي بي سي: "لقد شاهدت امرأة تُدعى روزي ووربيرتون تلك الأشياء، فبعث برسالة عبر البريد الإلكتروني تقول فيها إنها رأت نفس السلوك يحدث في طاسات التبت الموسيقية. وقد كانت تلك الرسالة هي ملهمنا إلى إجراء مثل هذه الدراسة".
"أمر غريب"
وعلى كل حال، فقد تجلَّى في تلك الطاسات سلوك موجات فاراداي الذي قال عنه البروفيسور بوش إنه "أمر غريب بكل المقاييس، حتى بالنسبة للمختصين في مجال دينامية السوائل من أمثالنا".
أمَّا الآن، فقد طوَّر البروفيسور بوش وزميله في الدراسة دينيس تيرواجن من جامعة ليج في بلجيكا نموذجا رياضيا جديدا يظهر كيفية سلوك الماء في الطاسات المعدنية.
ويحظى هذا النوع من الدراسات بأكبر قدر من الاهتمام والمتابعة، وذلك نظرا للتطبيقات الكثيرة التي يمكن أن تكون ذات صلة بتطوير حركة قطرات السائل الصغيرة، من قبيل استخداماتها في أجهزة حقن الوقود أو في علب العطور.
يقول البروفيسور بوش: "إن استنباط معايير قوية لقياس عملية تناثر القطرات هو أمر هام في التطبيقات الهندسية. إلاَّ أن دافعنا لهذه الدراسة بالذات كان مجرَّد الفضول المحض".