صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 13
الموضوع:

أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك

الزوار من محركات البحث: 5220 المشاهدات : 11449 الردود: 12
الموضوع حصري
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من المشرفين القدامى
    ابو منتظر
    تاريخ التسجيل: March-2013
    الدولة: نيبور
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 16,168 المواضيع: 4,114
    صوتيات: 164 سوالف عراقية: 2
    التقييم: 6186
    مزاجي: الحمدلله والشكرتمام
    المهنة: موظف حكومي
    أكلتي المفضلة: ارضئ بما قسم الله
    موبايلي: Nokia
    آخر نشاط: 1/September/2021
    الاتصال: إرسال رسالة عبر MSN إلى عماد الحمزاوي
    مقالات المدونة: 18

    أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك






    قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك صدق رسول الله


    وقال الامام علي بن أبي طالب عليه السلام
    أدِّ الأمانةَ والخيانةَ فاجتنبْ … واعدلْ ولا تظلمْ يطيبُ المكسبُ
    وقال عليه السلام لا تأمننَّ على النساءِ ولو أخا … ما في الرجالِ على النساءِ أمينُ إِن الأمينَ وإِن تَعَفَّفَ جُهْدَهُ … لا بُدَّ أن بنظرةٍ سيخونُ القَبْرُ أو في من وَثِقْتَ بعَهْدِهِ … ما للنساءِ سوى القُبورِ حُصونُ
    وأيضاً قال عليه السلام: «إِذا أَحبَبتَ رَجُلاً فَلا تُمـازِحهُ وَلا تُمـارِهِ»(2).


    وقال عليه السلام) : «إِيّاكُم وَالمَزاحَ فَإنَّهُ يَجُرُّ السَّخِيمَةَ وَيُورِثُ الضَّغِينَةَ وَهُو السَّبُّ الأصغَرُ»(3).

    ـ وفي حديث آخر عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «لا تُمـازِح فَيُجتَرَءُ عَلَيكَ»(4).

    * * *
    وعلى هذا الأساس يمكن القول أنّ المزاح يبعث على الذهاب بوقار الإنسان والحط من شخصيّته أمام الناس ويسبب العداوة والبغضاء بينهم ويوجب تجرّؤ الجهّال ويعرّض شخصية الإنسان إلى المهانة والضعف والاهتزاز.
    ومن خلال مطالعة التعبيرات الواردة في روايات الطائفة الاُولى المادحة للمزاح وروايات الطائفة الثانية الناهية عنه يمكن معرفة السبل إلى الجمع بين هاتين الطائفتين، وتوضيح ذلك أنّ المزاح أمر معقّد وأحياناً يتّسم بأنّه أشدّ من حالة الجدية في الكلام وبعبارة اُخرى أنّ المزاح أمر رقيق جدّاً بحيث أنّه إذا خرج قليلاً عن حدّ المقرّر، فإنّ له آثار مخرّبة مدمّرة.
    إذا كان المزاح في الأطار المقبول ولم يخرج عن حدّ الاعتدال وكان لغرض رفع السأم والتعب والحزن عنهم مع رعاية الجهات الشرعية فإنّه يقع مطلوباً ومورد رضا الله تعالى.
    ولكن إذا كان المزاح لغرض الانتقام والسخرية بالطرف الآخر وبدافع الحقد والكراهية وخاصة إذا كان بلباس الجدّية فإنّه لا يحقق الاُمور المذكورة فحسب، بل إنّ البعض قد يهدف إلى أغراض شيطانية من خلال المزاح فلا شك في أنّه يقع مبغوضاً ومنفوراً وأحياناً

    1. اصول الكافي، ج2، ص665، ح16.
    2. المصدر السابق، ص664، ح9.
    3. المصدر السابق، ص664، 12.
    4. المصدر السابق، ص665، ح18.


    [ 143 ]

    يكون أشدّ من السب والشتم.
    وكذلك إذا استخدمت في المزاح كلمات واهنة ومبتذلة فلا شك أنّها تتسبب في هتك حرمة الإنسان وإزهاق شخصيته.
    وهكذا إذا كان المزاح أمام أشخاص ليست لهم قابلية على تقبّله أو لا يحفظون حريم شخصيّة الإنسان ممّا يؤدّي إلى جرأتهم وتطاولهم على الكبير فيقولون من موقع المزاح ما يوهن شخصيته ويطعن في احترامه.
    ومثل هذه الانحاء من المزاح ليست فقط غير مطلوبة بل أحياناً تقع في دائرة الذنوب الكبيرة أيضاً.
    فعلى السالكين طريق الحق والذين يتحرّكون في تهذيب النفس وتزكيتها يجب عليهم الانتباه فلا يشطبون على المزاح تماماً ويحذفونه من حياتهم ويتحوّلوا إلى أشخاص جامدين ويعيشون الجفاف الروحي والعواطف البشرية واللطافة والمحبّة مع الآخرين، ولا يتورّطون مقابل ذلك في الذنوب أو الأعمال المنافية للمروءة عند ممارسة المزاح، فكثيراً ما رأينا بعض الأشخاص المتدينين حسب الظاهر عندما يتحدّثون في مجالسهم ويتمازحون مع الآخرين يطلقون ألسنتهم بالحكايات المبتذلة التي يشمّ منها رائحة الغيبة أحياناً أو التهمة أو إشاعة الفحشاء أو يتسبب كلامهم في إهانة بعض المسلمين وجرح كرامتهم.
    وحتى لو كان المزاح يخلو من أي مطلب منافي للشرع، فإنّ الإكثار منه يسّبب آثار سلبية وكما يقول بعض العلماء (المَزاحُ فِي الكلامِ كَالمِلحِ فِي الطَّعامِ)، فلو كان أكثر من اللازم أو أقل منه لما كان الطعام سائغاً وطيّباً.

    ومضافاً إلى ذلك فإنّ من يكثر من المزاح فانّ كلامه الجدّي سوف يكون بدون قيمة، ولا يقبل الناس كلامه الجدّي كما يرام، وهذا المضمون ورد في الحديث الشريف عن أميرالمؤمنين قال: «مَن كَثُرَ هَزَلُهُ بَطَلَ جِدُّهُ»(1).

    1. غرر الحكم.


    [ 144 ]

    والملاحظة الجديرة بالذكر أنّ المزاح أحياناً يهدف إلى أغراض معقولة ومهمّة، فلو كانت هذه الأهداف الجديّة تدخل في المسائل التربوية والبنّاءة لكان مفيداً جدّاً، مثلاً أن يسعى الشخص لافهام الطرف الآخر من خلال المزاح أن يواظب على المسائل الدينية والقيم الأخلاقية، فمثل هذا العمل مفيد جدّاً، ولكن لو كان الهدف الجدّي المتضمّن للمزاح يؤدّي إلى مفسدة أو كان لغرض الانتقام وتخريب شخصية الآخرين، فإنّ ذلك المزاح يكون مبغوضاً ومذموماً جدّاً وذلك بأن يقوم الإنسان بهتك حرمة الأشخاص في لباس المزاح ويهدم شخصيّتهم ويعمل على تسقيطهم بهذه الوسيلة.
    [ 145 ]

    6/الأمانة والخيانة
    6
    الأمانة والخيانة



    تنويه:


    (الأمانة) من أهمّ الفضائل الأخلاقية والقيم الإسلامية والإنسانية والتي وردت كثيراً في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، وقد أولاها علماء الأخلاق والسالكون إلى الله تعالى أهميّة كبيرة على مستوى بناء الذات والشخصية، وعلى العكس من ذلك (الخيانة) التي تعدّ من الذنوب الكبيرة والرذائل الأخلاقية في واقع الإنسان وسلوكه الإجتماعي.
    الأمانة هي في الحقيقة رأس مال المجتمع الإنساني والسبب في شدّ أواصر المجتمع وتقوية الروابط بين الناس في نظامهم الاجتماعي وحياتهم الدنيوية والاُخروية في حين أنّ الخيانة بمثابة النار المحرقة التي تحرق جميع العلاقات الاجتماعية وتؤدّي إلى الفوضى والفقر والشقاء وبالتالي تخريب الاُطر الإنسانية والحضارية في المجتمعات البشرية.
    الأمانة من الصفات التي تربط الإنسان من جهة مع الله تعالى وكذلك تربطه مع غيره من أفراد البشر، ومن جهة ثالثة ترسم علاقته مع نفسه أيضاً ومع الطبيعة والبيئة كذلك وقد اُعتبرت الكتب السماوية والشرائع الإلهية أنّها أمانة بيد البشر.
    إنّ جميع النعم المادية والمواهب المعنوية الإلهية على الإنسان في بدنه ونفسه هي في الحقيقة أمانات بيد الإنسان.

    [ 146 ]

    وهكذا الأموال والثروات المادية والمقامات والمناصب الاجتماعية والسياسية هي أمانات بيد الناس ويجب عليهم مراعاتها من موقع الحفظ وأداء المسؤولية.
    الأولاد أمانة أيضاً بيد الوالدين، والطلاب أمانة بيد المعلمين، الماء والتراب والهواء وجميع ما خلقه الله تعالى من الكائنات الطبيعية لتيسير حياة الإنسان في حياته الدنيا كل ذلك يعتبر أمانة غالية بيد الإنسان والتي يعدّ التفريط فيها وعدم أداء حقّها خيانة بالنسبة إلى هذه المواهب ومن الذنوب الكبيرة.
    ونظراً إلى سعة مفهوم الأمانة والخيانة وإستيعابها لأبعاد مختلفة وواسعة من حياة الإنسان ندرك جيداً أهميّة هذه الفضيلة الأخلاقية.
    بعد هذه الإشارة نعود إلى القرآن الكريم لنستوحي من آياته الحكيمة ما يلقي الضوء على صفة الأمانة والخيانة في حركة الإنسان والمجتمع.
    إنّ «الأمانة» وردت في القرآن الكريم مرّات متعددة بصورة مفردة أحياناً وبصورة جمع أحياناً اُخرى.
    وقد وردت بالنسبة إلى ستة من الأنبياء الكبار بعبارة: (إِنّي لَكُم رَسُولٌ أَمِينٌ)عن النبي نوح(عليه السلام) في سورة (الشعراء، 107) والنبي هود(عليه السلام) (الشعراء، 125) والنبي صالح(عليه السلام)(الشعراء، 143) والنبي لوط(عليه السلام) (الشعراء، 162) والنبي شعيب (الشعراء، 178) والنبي موسى (الدخان، 18) وهذا يدلّ دلالة واضحة على أهميّة هذه الفضيلة الأخلاقية إلى جانب مهمّة إبلاغ الرسالة الإلهية، وبدون ذلك لا يمكن لهؤلاء الأنبياء من كسب ثقة الناس واعتمادهم على أقوالهم.
    ومضافاً إلى ذلك فهناك آيات متعددة في سور مختلفة تتحدّث عن أهميّة الأمانة ولزوم رعايتها في سلوك الإنسان الفردي والاجتماعي حيث نستعرض الآن هذه الآيات ونفسّرها:
    1 ـ (وَالَّذِينَ هُمْ لاَِمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)(1).

    1. سورة المؤمنون، الآية 8; سورة المعارج، الآية 32.


    [ 147 ]

    1 ـ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الاَْمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً)(1).

    3 ـ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(2).
    4 ـ (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ)(3).
    5 ـ (إِنَّا عَرَضْنَا الاَْمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالاَْرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاِْنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولا)(4)


    تفسير وإستنتاج:

    «الآية الاُولى» تتحرّك من خلال بيان أوصاف المؤمنين الحقيقيين وضمن تبشيرهم بالفلاح والنجاة في الآخرة، وبعد بيان أهميّة الصلاة والأبتعاد عن اللغو والكلام لفارغ وأداء الزكاة واجتناب أي لون من ألوان الانحراف الجنسي يشير القرآن الكريم في الآية الخامسة والسادسة إلى مسألة حفظ الأمانة والالتزام بالعهد ويقول: (وَالَّذِينَ هُمْ لاَِمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ).
    ونفس هذا التعبير ورد في سورة المعارج الآية 32 ضمن بيان أوصاف الإنسان الجميلة والفضائل الأخلاقية ومنها الأمانة والوفاء بالعهد.
    والملفت للنظر أنّ (الأمانات) الواردة في هذه الآية ذكرت بصورة الجمع وهي إشارة إلى أنّ الأمانة لها أنواع وأشكال مختلفة والكثير من المفسّرين ذكروا أنّ مفهوم الأمانة في هذه الآية لا يقتصر على الأمانة المالية بل يشمل الأمانات المعنوية كالقرآن الكريم والدين الإلهي والعبادات والوظائف الشرعية وكذلك النعم الإلهية المختلفة على الإنسان في حركة الحياة المادية والمعنوية.


    1. سورة النساء، الآية 58.
    2. سورة الانفال، الآية 27.
    3. سورة البقرة، الآية 283.
    4. سورة الأحزاب، الآية 72.


    [ 148 ]

    ومن هنا يتّضح أنّ المؤمن الواقعي والإنسان الذي يتمتع باللّياقة الكاملة هو الذي يتحرّك في سلوكه من موقع مراعاة الأمانة بصورها المختلفة ويهتم بالحفاظ عليها من موقع المسؤولية وأداء الوظيفة.
    أمّا عطف الوفاء بالعهد على حفظ الأمانة فيبيّن هذه الحقيقة، وهي أنّ هذين المفهومين يعودان إلى جذر واحد ويشتركان في الأصل، لأنّ نقض العهد يعتبر نوع من الخيانة في العهد والميثاق، ورعاية الأمانة نوع من الوفاء بالعهد والميثاق أيضاً.
    وتعبير (راعون) مأخوذ من مادة (رعاية) وهي من مادة (رعى) التي يراد بها رعي الأغنام ومراقبتها في عملية سوقها إلى حيث الماء والكلاء في الصحراء، وهذا إنّما يدلّ على أنّ المقصود من هذه العبارة في الآية الكريمة هو أكثر من أداء الأمانة في مفهومها الظاهري، أي النظر والمحافظة والمراقبة للشيء من جميع الجوانب.
    وبديهي أنّ الأمانة تارة تكون ذات بعد فردي وتسلّم بيد شخص معين (كالأمانات المالية التي يودعها الإنسان لدى الآخرين) وتارة اُخرى لها بعد جماعي مثل حفظ القرآن الكريم من التحريف والدفاع عن الإسلام والمحافظة على كيان الدول الإسلامية، فهي كلّها أمانات وضعت بيد المسلمين وعليهم أن يتحرّكوا بصورة جماعية ويتكاتفوا فيما بينهم من أجل حفظ وصيانة هذه الأمانات الإلهية.
    وتتحرك «الآية الثانية» لتثبيت أمرين إلهيين:
    الأول: يتحدّث عن أداء الأمانة.
    الثاني: يتحدّث عن الحكم بالعدل فتقول الآية: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الاَْمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً).
    ومع أنّ مسألة الحكومة العادلة أو التحكيم الصحيح والسليم بين الناس له مكانة سامية في نظر القرآن الكريم، ولكن في نفس الوقت ورد الأمر بأداء الأمانة قبله وهذا يبيّن الأهميّة
    [ 149 ]

    العظيمة للأمانة وأنّ لها مفهوم عام يستوعب في مضمونه التحكيم بين الناس من موقع العدل وأنّه أحد مصاديق أداء الأمانة، لأنّ الأمانة بمفهومها العام تشمل جميع المقامات والمناصب الاجتماعية التي تعتبر أمانات إلهية، وكذلك أمانات بشرية من قبل الناس بيد أصحاب المناصب هذه.
    والتأكيدات الواردة في ذيل الآية الشريفة تقرّر من جهة أنّ الأمر بالأمانة والعدالة ما هي إلاّ موعظة إلهية حسنة للناس، ومن جهة اُخرى تحذّر الجميع بأنّ الله تعالى يراقب أعمالكم وسلوكياتكم، وهذا يعطي أهميّة مضاعفة على هذين المفهومين وهما رعاية الأمانة والعدالة.
    ونقرأ في التفسير الكبير للفخر الرازي أنّ الأمانة لها ثلاث موارد وفروع:
    الأمانة الإلهية، وأمانة الناس، وأمانة النفس، ثم يتطرّق الفخر الرازي إلى شرح كل واحدة من هذه الفروع والأغصان للأمانة بالتفصيل ومن جملتها أداء الواجبات وترك المحرمات حيث يعتبرها من موارد الأمانات الإلهية، ويقسّمها إلى تقسيمات عديدة، منها أمانة اللسان، أمانة العين والاُذن (أي أنّ الإنسان يجب أن لا يتحرّك بالمعصية، والعين لا تنظر بنظر الخيانة، والاُذن لا تسمع الكلام المحرّم).
    أمّا الأمانات البشرية فهي من قبيل الودائع التي يضعها بعض الناس لدى البعض الآخر وكذلك ترك التطفيف في الميزان وترك الغيبة ورعاية العدالة من جهة الحكّام والاُمراء وعدم تحريك العوام من موقع التعصّب للباطل وأمثال ذلك، أمّا أمانة الإنسان بالنسبة إلى نفسه فيرى الفخر الرازي أنّ على الإنسان أن يختار لها خير الدين والدنيا ولا يستسلم لدوافع الشهوة والغضب وما يترتب عليهما من ذنوب وآثام.(1)
    إنّ سعة مفهوم الأمانة وشمولها لكثير من الوظائف المهمّة والنعم الكثيرة قد ورد في الكثير من التفاسير المهمّة، منها تفسير (أبو الفتوح الرازي) و(القرطبي) وتفسير (في ظلال القرآن) وتفسير (مجمع البيان) وغيرها من التفاسير الاُخرى.

    1. تفسير فخر الرازي، ج10، ص139 ذيل الآية المبحوثة.


    [ 150 ]

    وقد ورد التصريح بهذا المعنى أيضاً في الروايات الإسلامية التي سوف نشير إليها لاحقاً.
    أمّا ما ورد في شأن نزول هذه الآية فأنّه يشير بوضوح إلى سعة مفهوم الأمانة أيضاً، لأنّ سبب نزول هذه الآية كما ورد في الروايات هو أنّ النبي(صلى الله عليه وآله) عندما دخل مكّة منتصراً جاءه (عثمان بن طلحة) خازن الكعبة بأمر من رسول الله(صلى الله عليه وآله)وسلّم إليه مفاتيح الكعبة ليطهرها من الأصنام الموجودة في داخلها، وبعد أن تمّ تطهير الكعبة من الأوثان جاء العباس عمّ النبي(صلى الله عليه وآله) وطلب من رسول الله(صلى الله عليه وآله) أن يكون خازن بيت الله وأن يسلّمه مفاتيح الكعبة والذي يعتبر منصباً مهمّاً لدى المجتمع العربي والإسلامي آنذاك، ولكن رسول الله(صلى الله عليه وآله) لم يوافق على هذا الطلب وأعاد المفتاح إلى (عثمان بن طلحة) ثم تلى هذه الآية الشريفة ((إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الاَْمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا...)هذا في حين أنّ عثمان بن طلحة لم يعتنق الإسلام بعد.
    «الآية الثالثة» تتحرّك من موقع النهي عن ثلاثة أشياء مخاطبة المؤمنين في هذا النهي وهي: خيانة الله، خيانة الرسول، خيانة أمانات الناس، وتقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ(1) وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
    والمشهور بين المفسرين أنّ المقصود بحفظ أمانة الله ورسوله والنهي عن خيانتهما هو عدم إفشاء أسرار المسلمين حيث قام بعض الأفراد من ضعفاء الإيمان إلى إفشاء أسرار المسلمين إلى المشركين بهدف حفظ منافعهم الشخصية ولكنّ الله تعالى أعلم بيّنة ذلك، وكنموذج على هذا المضمون هو قصة (أبو لبابة) الذي أخبر عن بعض الأسرار العسكرية للمسلمين وكشفها لأعدائهم من اليهود من (بني قريظة)، أو قصة حركة النبي لفتح مكّة وإفشاء هذا السر لأبي سفيان، والمراد من الخيانة في أماناتكم الوارد في الآية الشريفة هو

    1. وردت احتمالات عديدة حول اعراب جملة «وتخونوا أماناتكم» والأنسب ما قيل في هذا المورد أن تخونوا مجزوم بـ «لاء» محذوفة ومعطوف على لا تخونوا التي وردت في الجملة، فعليه أنّ الواو، واو عاطفة لا واو حالية بمعنى «مع».


    [ 151 ]

    الأمانات المتداولة بين الناس.
    ويرى بعض آخر من المفسّرين أنّ المراد من خيانة الله هي ما يتعلق بالوظائف والواجبات الدينية والشرعية، أمّا الخيانة للنبي فهي ما يتعلق بالسنن والسلوكيات الأخلاقية، وأمّا خيانة أمانات الناس فهي ما يتعلّق بأموالهم المودعة لدى الآخرين.
    وهناك احتمال آخر أيضاً أفضل وأشمل من الاحتمالات السابقة، وهو أنّ مفهوم الآية عام وشامل لجميع مصاديق ومفردات الأمانات المعنوية والمادية والمالية وغير المالية، وعلى هذا الأساس فالخيانة محرّمة لجميع أشكال الأمانة: الإلهية منها وأمانة النبي وهو الدين الذي أودعه النبي لدى اُمته، وكذلك أمانات الناس بيد بعضهم للبعض الآخر سواءً كانت متعلّقة بالاُمور المالية أو بأسرار المعيشة والحياة الشخصية لدى الأشخاص، ولذلك ورد في الحديث النبوي أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال لأبي ذر(رضي الله عنه): «يـا أبـا ذر المَجـالِس بِالأمـانَةِ وإفشَـاءِ سرّ أَخِيكَ خِيـانَة»(1).
    وتوضح الآية 28 من سورة الأنفال هذه اللاحقة لهذه الآية أنّ الخيانة محرّمة حتى لو عرّضت أموال الإنسان ومنافع أولاده إلى الخطر (كما قرأنا في قصة أبي لبابة وأنّ وجود أمواله وأولاده لدى اليهود هو السبب في إفشاءه أسرار المسلمين العسكرية للعدو) فتقول الآية (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) وعلى هذا فالأمانات الإلهية والبشرية ليست شيئاً يمكن التضحية والتساهل معه وخيانة هذه الأمانات بأعذار وتبريرات مختلفة.
    «الآية الرابعة» تتعرض للأمانات والودائع المالية لدى الناس وتتحدّث في سياقها عن لزوم تنظيم الوثائق والمستندات بالنسبة إلى هذه الودائع وتقول: (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ).
    أي يمكنه ذلك بدون كتابة السند أو أخذ الرهن، وفي هذه السورة على الأمين حفظ

    1. بحار الانوار، ج74، ص89.


    [ 152 ]

    الأمانة وردّها إلى صاحبها بالموقع المناسب وعليه أن يخاف الله فيما لو تحدّثت له نفسه بالخيانة.
    أنّ تعبير الأمانة في الآية أعلاه يمكن أن يكون إشارة إلى القروض المالية التي يقرضها المسلم لأخيه المسلم من دون كتابة وثيقة أو تأمين وديعة ورهن وذلك بسبب الثقة المتبادلة بين الأفراد، أو أنّها إشارة الى الأموال التي توضع لدى الشخص بعنوان الرهن، أو كليهما، وعلى كل حال فانّ الآية فيها دلالة واضحة على لزوم احترام الأمانة وأدائها في أيّة حالة.
    أمّا «الآية الخامسة» والأخيرة من الآيات مورد البحث فتتحدّث أيضاً عن الأمانة الإلهية العظيمة التي عجزت السماوات والأرض والجبال عن حملها وحفظها ولكن الإنسان حملها لوحده وتقول: (إِنَّا عَرَضْنَا الاَْمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالاَْرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاِْنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولا).
    فما هي هذه الأمانة العظيمة التي خشيت السماوات مع عظمتها والأرض مع سعتها والجبال مع صلابتها أن يحملنها في حين أنّ الإنسان الضعيف والصغير جدّاً قد حملها؟
    ولقد أورد المفسّرون من القدماء والمعاصرين احتمالات كثيرة في تفسير هذه الآية، ولكنّ ما يقرب للنظر هو أنّ المقصود من الأمانة الإلهية الكبيرة هذه هو المسؤولية والتكليف الملقى على عاتق الإنسان حيث لا يتيسّر ذلك إلاّ بوجود العقل والحرية والإرادة.
    أجل فإنّ التكليف والمسؤولية أمام الله تعالى والناس والنفس هي وظيفة ثقيلة لا يكاد يتحملها ولا يليق بحملها أي موجود آخرسوى الإنسان، وبتبع ذلك فقد جعل الله تعالى العقل والحرية والإرادة في عملية الانتخاب هي الثواب والعقاب، ومجموع هذه الصفات الثلاث تبيّن عظمة الإنسان بين المخلوقات بحيث إختاره الله لمقام الخلافة الإلهية وميزه على سائر المخلوقات الاُخرى في عالم الوجود.
    ولكن هذا الإنسان الظلوم والجهول لم يقدّر هذا المقام الرفيع وتورّط في منزلقات
    [ 153 ]

    الشهوة والأهواء الرخيصة وبذلك ظلم نفسه وحرمها من نيل السعادة العظيمة التي تنتظره في حركته التكاملية نحو الحق والانفتاح على الله.
    وعلى هذا الأساس فكون الإنسان ظلوماً وجهولاً إنّما هو لم يكن بسبب قبول هذه الأمانة الإلهية، لأنّ قبولها علامة العقل وسبب الافتخار، ومن دون ذلك لا يصل إلى مقام الخلافة الإلهية، بل كونه ظلوماً وجهولاً بسبب عدم حفظ هذه الأمانة وسلوكه طريق الخيانة في أداء هذه المسوؤلية الكبيرة.
    أجل فإنّ الأمانة التي من شأنها أن توصله إلى ذروة السعادة الحقيقية في حال حفظها، فإنّ خيانتها يتسبب كذلك في سقوط هذا الإنسان في مستنقع الذلّة والمسكنة والشقاء حتى أنّه يكون مصداق (بَل هُم أَضَلُ مِنَ الأنعامِ والدّوابِ).
    وبعبارة اُخرى: أنّ السموات والأرض والجبال مع عظمتها وسعتها ليست لها القابلية على قبول هذه الأمانة الإلهية، وأعلنت عدم صلاحيتها لذلك بحالتها التكوينية وبلسان حالها، ولكن الإنسان وبسبب وجود هذه القابلية والقوى الكريمة التي منحه الله تعالى إيّاها أصبح لائقاً تكوينياً لقبول هذه المنحة والأمانة الإلهية، وهذا بحدّ ذاته إفتخار عظيم للإنسان من بين المخلوقات.
    ولكن بما أنّ أكثر الناس لم يراعوا حق هذه الأمانة الإلهية ولم يتحرّكوا في سبيل حفظها وأدائها فلذلك إستحقوا عنوان الظلوم والجهول، لأنّهم ظلموا أنفسهم أشدّ الظلم بحرمانها من نيل هذا الإفتخار العظيم الذي منحه الله تعالى للإنسان وعاشوا الغفلة عن هذه الموهبة الإلهية العظيمة وتركوها وراء ظهورهم.
    وفي ذيل هذه الآية نجد إشارة إلى هذه النقطة المهمّة، وهي أنّ الخيانة في الأمانة إنّما تنشأ من الظلم والجهل، وهذا هو ما نسعى لتحقيقه وتقريره في هذا البحث الأخلاقي، أجل فانّ حفظ الأمانة يدل على العقل والعدالة، بينما الخيانة هي دليل على الظلم والجهالة.
    وممّا تقدّم آنفاً يتّضح جيداً أنّ المراد من كون الإنسان ظلوماً وجهولاً هم الأشخاص الذين يعيشون حالة الكفر أو الذين يعيشون ضعف الإيمان والتقوى، وإلاّ فإنّ أولياء الله
    [ 154 ]

    تعالى والصالحين من العباد الذين يتحرّكون في سلوكهم الأخلاقي والاجتماعي تبعاً للأنبياء والأولياء فإنّهم يراعون حق هذه الأمانة ويسعون لأدائها والقيام بهذه المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم، وفي الحقيقة إنّ هؤلاء يمثّلون الهدف الأسمى من وجود عالم الخليقة ووجود الإنسان.
    ومن مجموع ما ورد من الآيات أعلاه يتّضح جيداً أهميّة حفظ الأمانة (سواءً الأمانات الإلهيّة أو الإنسانية) وجعله من علامات العقل والإيمان والعدالة.


    الأمانة والخيانة في الروايات الإسلامية:

    أمّا ما ورد من الأحاديث الشريفة عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) والأئمّة المعصومين(عليهم السلام)فإنّه يحكي عن الأهميّة البالغة لهذه المسألة حيث وردت الأمانة تارة بعنوان أنّها من الاُصول والمباديء الأساسية المشتركة بين جميع الأديان السماوية، وتارة اُخرى بعنوان أنّها علامة للإيمان، وثالثة بعنوان أنّها سبب نيل الرزق والثروة والثقة والاعتماد لدى الناس وسلامة الدين والدنيا والغنى وعدم الفقر وأمثال ذلك، وفيما يلي نختار من هذه الروايات الشريفة ما يتضمّن هذه المعاني والمفاهيم العميقة:
    1 ـ ورد في حديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنّه قال للإمام علي(عليه السلام): «يـا أبـا الحَسَنِ أَدِّ الأَمـانَةَ للِبِرِّ والفـاجِرِ فِي مـا قَلَّ وَجَلَّ حتّى فِي الخَيطِ وَالمَخِيطِ»(1).
    ويقول الإمام علي(عليه السلام) أنّ النبي قال لي ذلك في الساعة الأخيرة من حياته وكررها عليّ ثلاث مرّات.

    2 ـ وفي حديث آخر عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «لا إِيمـانَ لِمَنْ لا أَمـانَةَ لَهُ»(2).
    3 ـ وفي حديث آخر عن الإمام الصادق أنّه قال: «إنّ اللهَ عَزَّوَجَلَّ لَم يَبعَثً نَبِيّاً إلاّ بِصِدقِ


    1. بحار الانوار، ج74، ص273.
    2. المصدر السابق، ج69، ص198.


    [ 155 ]

    الحِدِيثِ وَأَداءِ الأَمـانَةِ إِلىَ البِرِّ وَالفـاجِرِ»(1).
    وهذا التعبير يوضّح أنّ جميع الأديان السماوية قد جعلت الصدق والأمانة جزءً مهمّاً من تعليماتها الدينية والإنسانية ومن الاُصول الثابتة في الأديان الإلهية.
    4 ـ ورد عن الإمام أيضاً على مستوى إمتحان إيمان الناس أنّه قال: «لا تَنظُروا إلى طُولِ رُكُوعِ الرَّجُلِ وَسُجُودِهِ فَإنَّ ذَلِكَ شَيءٌ إِعتَـادَهُ فَلَو تَرَكَهُ إِستَوحَشَ لِذلِكَ وَلَكِنْ اُنظُرُوا اِلى صِدقِ حَدِيثِهِ وَأَداءِ أَمـانِتِهِ»(2).
    5 ـ ومثل هذا المعنى ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) تعبير شديد حيث قال: «لا تَنظُروا إلى كَثْرَةِ صَلاتِهِم وَصَومِهِم وَكَثْرَةِ الحَجِّ وَالمَعرُوفِ وَطَنطَنَتِهِم بِالَّليلِ وَلَكِنْ اُنظُرُوا إِلى صِدقِ الحَدِيثِ وَأَداءِ الأَمـانَةِ»(3).
    والهدف من هذا التعبير ليس هو أنّ هؤلاء لا يهتمّون بصلاتهم وصومهم أو يستخفّون بحجّتهم وإنفاقهم بل الهدف هو أنّ هذه الاُمور ليست هي العلامة الوحيدة لإيمان الفرد بل هناك ركنان أساسيان لدين الشخص أي الصدق والأمانة.
    6 ـ وورد عن الإمام زين العابدين(عليه السلام) في هذا المجال تعبير عجيب حيث يقول لشيعته: «عَلَيكُم بِأَداءِ الأَمـانَةِ فَوالَّذي بَعَثَ مُحَمَّداً(صلى الله عليه وآله) بِالحَقِّ نَبِيَّاً لَو أَنَّ قـاتِلَ أَبِي الحُسَينِ ابنِ عَلَيٌّ(عليه السلام) ائتَمَننِي عَلَى السَّيفِ الَّذِي قَتَلَهِ بِهِ لاََدَّيتُهُ إِلَيهِ»(4).
    7 ـ ومثل هذا المعنى ولكن بتعبير آخر ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) أيضاً: «إَنَّ ضـارِبَ عَلِيٌّ بِالسَّيفِ وَقـاتِلَهُ إِذا إِئتَمَننِي وَاستَنصَحَنِي وَاستِشـارَنِي ثُمَّ قَبِلتُ ذَلِكَ مِنهُ لأَدَّيتُ إِلَيهِ الأمـانَةَ»(5).
    8 ـ وفي حديث آخر عن الإمام أيضاً يستفاد أنّ الوصول إلى المقامات السامية حتّى

    1. اصول الكافي، ج2، ص104.
    2. المصدر السابق، ص105، ح13.
    3. بحار الانوار، ج72، ص114، ح5.
    4. المصدر السابق، ح3.
    5. مجموعة ورام، ج1، ص20.


    [ 156 ]

    للأئمّة المعصومين(عليهم السلام) مثل الإمام علي(عليه السلام) يتم عِبر صدق الحديث وأداء الأمانة، حيث يقول الإمام الصادق لأحد أصحابه ويدعى (عبد الله بن أبي يعفور): «اُنظُر مـا بَلَغَ بِهِ عِندَ رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله) فَأَلزَمَهُ» ثم قال: «فَإنَّ عَلِيّاً(عليه السلام) إِنّما بَلَغَ مـا بَلَغَ عِندَ رَسُولِ الله(صلى الله عليه وآله)بِصدقِ الحَدِيثِ وَأداءِ الأمـانَةِ»(1).
    9 ـ ونقرأ في حديث آخر بالنسبة إلى الآثار والنتائج الدنيوية المهمّة للأمانة والخيانة فقد ورد عن علي(عليه السلام) أنّه قال: «الأمـانَهُ تَجُرُّ الرِّزقَ وَالخِيانَةُ تَجُرُّ الفَقرَ»(2).
    10 ـ وفي حديث مختصر وعظيم المعنى عن هذا الإمام(عليه السلام) أيضاً أنّه قال: «رَأَسُ الإسلامُ الأَمـانَةُ»(3)
    11 ـ وورد شبيه لهذا الحديث مع اختلاف يسير عن لقمان الحكيم حيث أنّه قال: «يـا بُنَيَّ أَدِّ الأَمـانَةَ تَسلُمُ لَكَ الدُّنيـا وَآخِرَتُكَ وَكُنْ أَمِيناً تَكُن غَنِيّاً»(4).
    12 ـ ونختم هذا البحث بحديث شريف آخر عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «لا تَزَالُ اُمََتِي بِخَير مـا تَحـابُوا وَتَهـادُّوا وَأَدُّوا الأَمـانَةَ وَاجتَنبُوا الحَرامَ وَوَقَّرُوا الضَّيفَ وَأَقـامُوا الصَّلاةَ وَآتوا الزَّكـاةَ فَاذا لَم يَفَعَلُوا ذَلِكَ إبتَلَوا بِالقَحطِ وَالسِّنِينَ»(5).
    * * *
    هذه الروايات ما هي إلاّ موارد مختارة من المصادر الإسلامية الواردة في باب الأمانة وتوضّح جيداً أن هذا المفهوم الأخلاقي على درجة عالية من الأهمية من بين التعليمات الإسلامية، وكذلك الصفة التي تقع في مقابل الأمانة أي الخيانة ومدى اضرارها بدين الإنسان وشخصيته من موقع تخريب الإيمان وأنّها تورث الشقاء والبعد عن الله تعالى، وكل واحدة من هذه الروايات المذكورة آنفاً تشير إلى أحد الأبعاد والآثار البنّاءة للأمانة أو

    1. اصول الكافي، ج2، ص104، ح5.
    2. بحار الانوار، ج78، ص60.
    3. غرر الحكم.
    4. معاني الأخبار، 259; بحار الانوار، ج72، ص117.
    5. بحار الانوار، ج72، ص115.


    [ 157 ]

    الأبعاد والنتائج السلبية والمخربّة للخيانة، بحيث إنّ الإنسان عند مطالعتها والتأمل والتدبّر فيها يستوحي الكثير من المفاهيم الإسلامية والقيم الأخلاقية والاجتماعية المهمّة والبنّاءة في حركة الحياة والمجتمع.


    فروع الأمانة:

    عندما نتحدّث عن الأمانة فإنّ أغلب الناس يتبادر إلى أذهانهم الأمانة في الاُمور المالية، ولكن كما تقدّم في تفسير الآيات الواردة عن الأئمّة المعصومين(عليهم السلام) أنّ الأمانة لها مفهوم واسع جدّاً بحيث تستوعب جميع المواهب الإلهيّة والنعم الربانيّة على الإنسان.
    هذه النعم والمواهب الإلهيّة المندرجة في مفهوم الأمانة تشتمل على مصاديق لا تعد، فهي ترد بالنسبة إلى القرآن الكريم والإسلام والإيمان والولاية وحتّى إلى أقل النعم والمواهب المادية والمعنوية.
    الأحاديث الشريفة التي تؤكد على أنّ الأمانة تورث الغنى، وأنّ الخيانة تورث الفقر ناظرة إلى الأمانة المالية والمادية، ولكنّ الآية الشريفة وبعض الروايات التي تشير إلى عرض الأمانة على السموات والأرض لا تقصد الأمانة المادية والمالية قطعاً بل تمتد أبعد من ذلك وتنظر إلى الأمانات المعنوية.
    ونقرأ في حديث عن الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) عندما يحين وقت الصلاة فإنّ حاله يتغيّر وعندما سئل عن ذلك قال: «جَـاءَ وَقتُ الصَّلاةِ، وَقتُ أَمـانَة عَرضَهـا اللهُ عَلَى السَّمواتِ وَالأَرضِ فأَبَينَ أنْ يَحمِلنَها وأَشفَقنَ مِنهـا»(1).
    وفي حديث آخر عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «إِنَّ اللهَ تَباركَ وَتَعالى خَلَقَ الأَرواحَ قَبَلَ الأَجسَـادِ بِأَلفَي عـام فَجَعَلَ أَعلاهـا وَأَشرَفَهـا أَرواحَ مُحَمَّد وَعَليٍّ وَفـاطِمَةَ وَالحَسنِ والحُسَينِ وَالأَئِمَةُ بَعدَهُم صَلَواتُ اللهِ عَلَيهِم فَعَرضَهـا عَلى السَّمواتِ والأرضِ وَالجِبالِ...

    1. نور الثقلين، ج4، ص313.


    [ 158 ]

    إلى أن يقول: فولايَتُهُم أَمـانَةٌ عِندَ خَلقِي»(1).

    وايضآ كلام عن الخيانه


    مدام دي جيراردان
    الخيانة كالموت لا تسمح البتة بالفوارق
    أغسطس قيصر

    الخائن يكرهه الجميع

    المعري


    ما ركبَ الخائنُ في فعلِه … أقبحَ مما ركبَ السارقُ هذي طباعُ الناسِ معروفةٌ … فخالطوا العالمَ أو فارقوا


    الأعور الشني



    لا تأمنَنَّ امرأً خانَ امرأً أبداً إِن من الناسِ ذا وجهين خوَّانا

    ديدرو
    الراعي الذي يفتخر بالذئب لا يحب الخراف

    لاروشفوكو
    نكران الجميل خيانة للسرف و الأمانة

    مثل إيرلندي

    من الأفضل أن يكون أمامك أسد مفترس على أن يكون وراءك كلب خائن


    نابليون بونابرت

    مثل الذي خان وطنه و باع بلاده مثل الذي يسرق من مال أبيه ليطعم اللصوص ، فلا أبوه يسامحه و لا اللص يكافئه

    معن بن أوس


    أُعَلِّمُـه الرمايَـة كُـلَّ يَـومٍ فَلَمّا اشتـدَّ ساعِـدهُ رَمانـي وَكَم علمتُـه نظـمَ القوافِـي فَلمـا قـالَ قافيـةً هجـانـي أَعلَّمـه الفُتُـوَّة كـل وَقـتٍ فَلَمّـا طَـرَّ شارِبُـه جَفانـي

    مثل عربي

    الخيانة تنشأ من الثقة

    مثل أمريكي


    الخيانة لا تنجح أبدا لأنها حين تنجع نعطيها اسما آخر

    أندريه موروا
    الحب يتحمل الموت و البعد أكثر مما يتحمل الشك و الخيانة
    إتيان ري
    نبذل في بعض الأحيان مجهودا جبارا لكي نعاني من الخيانة ، و نتمكن من ذلك في آخر المطاف

    مارك توين
    يستطيع الكذب أن يدور حول الأرض في انتظار أن تلبس الحقيقة حذاءها
    عباس محمود العقاد
    لا فرق بين خيانة الضمير وخيانة الواقع إلا التنفيذ

    أمل صغير
    لَمْ يَفِ بِعَهدِهِ مَعْهَا فبَاتت تَعْتقِد بِأنَّ كٌلِ مَن عَلي هَذِه الأرْضِ يَخْون
    بوبي هينان
    أعرف كل شيء عن الخيانة، فقد تزوجت ستة زيجات ناجحة جدا
    ماكس فريش
    أفضل الخدع وأسلمها هي الحقيقة البحتة، فلا أحد يصدقها
    روزفلت
    إذا خانك الشخص مرّة فهذا ذنبه، أما إذا خانك مرتين فهذا ذنبك أنت
    غسان كنفاني

    إن الخيانة في حد ذاتها ميتة حقيرة
    ابن عاشور
    حقيقة الخيانة عمل من اؤتمن على شيء بضد ما اؤتمن لأجله، بدون علم صاحب الأمانة
    ابن الرومي
    لا خير في عيش تخوننا أوقاته و تغولنا مدده
    هارنغتون
    من المؤلم أن الخيانة التي لا تنجح لا يجرؤ أحد على تسميتها خيانة
    غاستون أندربولي
    كم خائن اليوم لا يشنق بل يشنق الآخرين
    عدنان مردم بك
    إِن الخيانةَ ليس يغسِلُها … من خاطئٍ دمعٌ ولا ندمُ
    يحيى بن زياد
    وسوء ظنِّكَ بالأدنين داعيةٌ … لأن يخونكَ من قد كانَ مؤتمِنا
    البحتري
    يخونُكَ ذو القربى مراراً وربما … وفى لك عند العهدِ من لاتناسبُهُ ولاخيرَ في قربى لغيركَ نفعُها … ولا في صديقٍ لاتزالُ تعاتبهْ وحسبُ الفتى من نصحهِ ووفائِه … تمنيه أن يؤذى ويسلمَ صاحبهْ
    الشافعي
    ولا خيرَ في خلٍ يخونُ خليلَه … ويلقاهُ من بعدِ المودةِ بالجفا
    المعري


    يخونُكَ من أَدى إِليك أمانةً … فلم ترعهُ يوماً بقولٍ ولا فِعْلِ فَأَحْسِنْ إِلى من شِئْتَ في الأرضِ أو أسيءْ … فإِنكَ تُجْزى حذوكَ النعلَ بالنعلِ
    فولتير
    من كثرت شكوكه فانه يدعو إلى خيانته

    مثل انجليزي
    جرب صديقك قبل أن تثق به

    مثل فرنسي
    إذا طعنت من الخلف فاعلم أنك في المقدمة

    مثل فرنسي
    تصادق مع الذئاب …. على أن يكون فأسك مستعداً
    عمر المختار
    من كافأ الناس بالمكر كافاؤه بالغدر .
    مثل فرنسي
    الخيانة تغفر و لا تنسى




  2. #2
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: October-2013
    الدولة: في قلبها الرقيق
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 1,998 المواضيع: 132
    صوتيات: 2 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 829
    مزاجي: هاديء
    أكلتي المفضلة: بقلاوة ههههه
    موبايلي: تعبان كلش
    الاتصال: إرسال رسالة عبر Yahoo إلى هادي العراقي2
    مقالات المدونة: 2
    احاديث نورانية مقدسة
    الامانة في هذا الزمان مفقودة للاسف
    زمان كله غدر وخيانة


    شكرا عمار على الموضوع الراقي

  3. #3
    المشرفين القدامى
    simple beauty
    تاريخ التسجيل: April-2013
    الدولة: الديوانية
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 11,248 المواضيع: 488
    صوتيات: 5 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 3352
    مزاجي: متفائلة
    المهنة: Lawyer
    أكلتي المفضلة: السمك
    موبايلي: Galaxy A5
    آخر نشاط: 11/June/2018
    مقالات المدونة: 2
    شكرا على الطرح ابو منتظر

  4. #4
    من المشرفين القدامى
    ابو منتظر
    منورين اعزائي
    شكراً لمروركم العطر
    دمتم بحفظ الرحمن
    التعديل الأخير تم بواسطة عماد الحمزاوي ; 17/December/2013 الساعة 7:54 pm

  5. #5
    اليــــاسريه
    لا اشبه الأ نفسي
    تاريخ التسجيل: October-2013
    الدولة: أنا السكوُت .. الممتلئ بـ الحكايات .
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 6,212 المواضيع: 132
    التقييم: 2142
    مزاجي: سّئ حٌدُ أٌلُبِڳُأًء
    أكلتي المفضلة: الستيك _ والبيتزا
    موبايلي: samsung glaxy
    آخر نشاط: 16/May/2024
    جزاك الله خيرآ

  6. #6
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: March-2013
    الدولة: بغداد
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 4,869 المواضيع: 534
    صوتيات: 25 سوالف عراقية: 10
    التقييم: 2625
    مزاجي: عايشين والحمد لله
    أكلتي المفضلة: القاسمه الله
    موبايلي: سامسونك
    آخر نشاط: 12/November/2015
    مقالات المدونة: 2
    موضوع رائع ابو منتظر ربي يعطيك الف عافيه

  7. #7
    من المشرفين القدامى
    ابو منتظر
    مرور طيفكم الراقي يرسم الابتسامة على وجهي
    أشكركم لحضوركم الكريم

    تــحــياتي لكــم
    كل الود والتقدير
    دمتم برضى من الرحــمن
    لكم خالص احترامي


  8. #8
    من اهل الدار
    ادارية سابقة
    تاريخ التسجيل: November-2012
    الدولة: بغــــــــــــــداد
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 48,535 المواضيع: 8,156
    صوتيات: 85 سوالف عراقية: 13
    التقييم: 23426
    مزاجي: صامته.. و لم اعد ابالي
    المهنة: مصورة شعاعية
    أكلتي المفضلة: شوربة عدس .. وعشقي لليمون
    آخر نشاط: 1/June/2024
    مقالات المدونة: 206
    نابليون بونابرت

    مثل الذي خان وطنه و باع بلاده مثل الذي يسرق من مال أبيه ليطعم اللصوص ، فلا أبوه يسامحه و لا اللص يكافئه

    معن بن أوس


    أُعَلِّمُـه الرمايَـة كُـلَّ يَـومٍ فَلَمّا اشتـدَّ ساعِـدهُ رَمانـي وَكَم علمتُـه نظـمَ القوافِـي فَلمـا قـالَ قافيـةً هجـانـي أَعلَّمـه الفُتُـوَّة كـل وَقـتٍ فَلَمّـا طَـرَّ شارِبُـه جَفانـي

    ............................
    موضوع رائــــــــــــــــــــــ ع حقا وموثق بمصادر كثيره ويستشهد بأحاديث وآيات قرآنيه

    شكرا للمجهود الرائع في جمع الموضوع وتقديمه بأبهى صوره

    تقييم

  9. #9
    من المشرفين القدامى
    ابو منتظر
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة warda مشاهدة المشاركة
    نابليون بونابرت
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة warda مشاهدة المشاركة
    مثل الذي خان وطنه و باع بلاده مثل الذي يسرق من مال أبيه ليطعم اللصوص ، فلا أبوه يسامحه و لا اللص يكافئه

    معن بن أوس

    أُعَلِّمُـه الرمايَـة كُـلَّ يَـومٍ فَلَمّا اشتـدَّ ساعِـدهُ رَمانـي وَكَم علمتُـه نظـمَ القوافِـي فَلمـا قـالَ قافيـةً هجـانـي أَعلَّمـه الفُتُـوَّة كـل وَقـتٍ فَلَمّـا طَـرَّ شارِبُـه جَفانـي

    ............................
    موضوع رائــــــــــــــــــــــ ع حقا وموثق بمصادر كثيره ويستشهد بأحاديث وآيات قرآنيه

    شكرا للمجهود الرائع في جمع الموضوع وتقديمه بأبهى صوره

    تقييم



    سأكتبُ كل العباراتِ في ورقٍ مخطوط ْ
    لأجعل منها أروع أكليل من الحروفِ والكلماتِ
    والزهور والأنغامْ
    وألحانِ الشكرِ والاحترامْ
    لأقدمها لكِ تعبيراً عن شكري وإمتناني لردكِ الكريم ,,
    تحياتي الوردية ...
    لكـ خالص احترامي


  10. #10
    مساعد المدير
    الوردة البيضاء
    تاريخ التسجيل: February-2013
    الدولة: بغداد
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 258,294 المواضيع: 74,486
    صوتيات: 23 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 95867
    مزاجي: الحمدلله على كل حال
    المهنة: معلمة
    أكلتي المفضلة: دولمه - سمك
    موبايلي: SAMSUNG
    آخر نشاط: منذ 4 ساعات
    مقالات المدونة: 1
    شكرا على الموضوع والمجهود الرائع
    عاشت يداك أخي عماد
    تحياتي وتقييمي

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال