بعد اكتشاف (كريستوفر كولمبس) قارّة أميركا الشماليّة، وعودته إلى إسبانيا، بلده الذي انطلقَ منه في رحلة الإستكشاف الشهيرة، حاولَ البعضُ من حسّادهِ أن يُقلِّلوا من شأن اكتشافه، وأن يسخروا منه.
فما كانَ من (كولمبس) حتى يقطع الألسنة التي تلوك بسيرته وتستخفّ به، إلّا أن دعا أولئك الحسّاد إلى وليمةٍ وآتى كلّ واحدٍ منهم طبقاً وبيضة، وقال لهم: الحاذق منكم مَن يجعل بيضته تقف على طرفها المُدبّب.
فحاول المدعوون ذلك مراراً، لكنهم عجزوا من إيقاف البيضة على طرفها.
فأخذَ (كريستوفر) بيضةً وضربها فانكسر طرفها فأوقفها على الطاولة فاستقامت.
فصاحَ جميعُ مَن حضر: إذا كان الأمرُ كذلك، فهو هيِّن، كلّنا يستطيع أن يفعل ذلك!
هنا لعبَ (كريستوفر كولمبس) لعبته، وقطفَ ثمارَ حيلته، فقال: ولكنّني سبقتكم إلى الفكرة من قبل أن تخطر على بالِ أحدٍ منكم، وبالتالي فالفضل للمُتقدِّم والمُبادر والسبّاق، وهكذا هي قصّة اكتشافي لأميركا!!

- الدروس المُستخلَصة:
1- من السهل أن نُعيب، ونُعيِّر، ونُسفِّه، ونُسخِّف، وننتقد نقداً لا موضوعيّاً، ولكن عند الإمتحان يُكرمُ المرءُ أو يُهان.
2- (كريستوفر) فعلَ كما (زُليخا) مع نسوة المدينة اللّواي انتقدنها، لم يردّ الإتِّهام باتِّهام، والسخرية بالسخرية، تركَ الساخرين والمُنتقدين المُنتقصين أمام التجربة التي كشفت المُحقَّ من المُبطِل، والمُبادر من المُتقوِّل، والجادّ من الساخر، ومَن يُعمِل عقلَه ومَن يُعمِل لسانَه!!
3- (كُلُّنا يقدر على ذلك)، هذا صحيح، ولكن كم منّا (حاولَ) ذلك.. (جرّبَ) ذلك، (عانى) في سبيل الوصول إلى ذلك.. و(صمّم) على بلوغ ذلك؟!