"شهرةُ الصِّدق!!"في حكايا الحيوان التي تُضربُ بها الأمثال، يُحكى أنّ قطاة (حمامة) تنازعت مع (غُراب) في حفرةٍ يجتمعُ فيها الماء، فتحاكما إلى قاضي الطير، فحكمَ للقطاة، (أي أعطاها الحق وأبطل دعوى الغُراب).. وقال القاضي في معرضِ حكمهِ مخاطباً القطاة: لقد اشتهرَ عنكِ الصِّدقُ بين الناس حتى ضربوا المثل بصدقكِ، فقالوا: "أصدقُ من قطاة"!
وهنا تغيّر لونُ القطاة وخجلت ممّا سمعتهُ، فقالت: يا حضرة القاضي، اللّهمّ الحفرةُ للغُراب، أمّا أنا فلا أضيِّع خصلةً اشتهرتُ بها بين الناس!!
فقال القاضي مُتعجِّباً ومُستغرباً: وَلِمَ هذه الدّعوى الباطلة إذا؟
قالت القُطاةُ: إنّها ثورةُ الغضب، وإنّ الرجوعَ إلى الحقِّ أولى عندي من التمادي في الباطل، وشهرةُ الصِّدقِ خيرٌ لديَّ من شهرة الكذب!!

- الدروس المُستخلَصة:
1- إذا اشتهرتَ بخلصةٍ حميدة، فاحرص على أن تتمسّك بها، لأنّها ستكون (هويّتك) و(سُمعتك) التي تتداول وتتعامل بها مع الناس، أما رأيتَ أنّ النبي (ص) كان قد اشتُهِرَ بـ(الصادق الأمين)، حتى إذا ذُكرت هاتان الخصلتان تبادر إلى الذِّهن إسم النبي (ص).
2- يحتاج الإنسان ليشتهر بخصلةٍ ما زمناً طويلاً من أجل أن تترسّخ في أذهان الناس، فكَم يكون من الصعوبة بمكانٍ نزعها أو خلعها أو التخلِّي عنها، أو العمل على الضدِّ منها؟!
3- مع القطاة الصادقة نُردِّد: الرجوع إلى الحقِّ أولى من التمادي في الباطل، وشهرة الصِّدق خيرٌ من شهرة الكذب.