15.Dec.2013
جثمان مانديلا يوارى الثرى في مسقط رأسه في كونو
BBC
وري جثمان الزعيم الأفريقي وأول رئيس أسود لجنوب أفريقيا نيلسون مانديلا الثرى في مقبرة العائلة في مسقط رأسه بقرية كونو، بعد مراسم جنازة شارك فيها العديد من القادة والشخصيات السياسية والدينية البارزة.
وحضر مراسم الجنازة أكثر من 4500 شخص، بمن فيهم الوافدون الأجانب، وهي مزيج من الشعائر الشعبية والإجراءات الرسمية.
واقيم قبل دفن الجثمان، حفل تأبين رسمي ألقى فيه عدد من الرؤساء والشخصيات كلمات تأبين للزعيم الأفريقي الراحل، من بينهم الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما والرئيس التنزاني جاكايا كيكويتي والرئيس المالاوي جويس باندا ورئيس الوزراء الإثيوبي هيلا مريم ديسالي الذي مثل الاتحاد الأفريقى في كلمته، فضلا عن الرئيس الزامبي السابق كينيث كاوندا.
"كان مانديلا منبعا للحكمة وركنا من أركان القوة ومنارا للأمل لجميع إولئك الذين يناضلون من أجل الحرية."الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوماواستذكر الرئيس التنزاني جاكايا كيكويتي، في كلمته دور بلاده في دعم نضال مانديلا وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي خلال كفاحهم في فترة الفصل العنصري.
وقال كيكويتي "كان مانديلا بطلنا ورمزنا وأبانا، كما كان بالنسبة لكم. لقد فقد الشعب التنزاني صديقا عظيما ورفيق سلاح عظيم".
"منبع الحكمة"
ومن جانبه قال الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما في كلمته : "كان مانديلا منبعا للحكمة وركنا من أركان القوة ومنارا للأمل لجميع إولئك الذين يناضلون من أجل الحرية".
وقد صرح أحمد كاثرادا، صديقٌ مقربٌ لمانديلا، لـ بي بي سي أنه فقد "أخ أكبر" رافقه سنوات عديدة في سجن جزيرة روبن. وتغيرت نبرة صوته عند وصفه لصعوبة الأشهر الأخيرة، خاصة آخر مرة أمسك فيها بيد صديقه في المستشفى. وقال: "الوداع يا أخي ومعلمي وقائدي."
وكان مانديلا قد توفي في الخامس من ديسمبر/كانون الأول عن 95 عاماً.
من بين الشخصيات في مسيرة مرافقة جثمان مانديلا ناشط الحقوق المدنية الأمريكي القس جيسي جاكسون والنجمة التلفزيونية الشهيرة أوبرا وينفري.
تم وضع صورة لمانديلا وأمامها 95 شمعة بعدد سنوات حياة الزعيم الراحل
كما سار مرافقا الجثمان إلى مثواه الأخير كبير الأساقفة دزموند توتو، الذي لم يتأكد حضوره مراسم الدفن إلا في اللحظة الأخيرة.
وقد حضرت أسرة مانديلا جنازة مسائية، قام فيها مغنٍ بأداء بعض الأناشيد الشعبية في مدح تفاصيل حياته.
حمل جثمان مانديلا على عربة مدفع في طريقه إلى سرادق التأبين، ثم نقل بعربة نقل الموتى الى المقبرة.
وتم حمل التابوت على مدفعٍ إلى منزل مانديلا، حيث نُصب سرادق أبيض كبير خصيصاً للجنازة. ومع بدء المراسم، قام بعض الضيوف بالغناء والرقص احتفاءً بحياة مانديلا. وتم وضع صورة لمانديلا داخل وأمامها 95 شمعة بعدد سنوات حياة الزعيم الراحل.
بعد غناء السلام الوطني، توجه المتحدث باسم أسرة مانديلا، نجانجومهابلا ماتانزيما، بخطاب للحضور شكر فيه الفريق الطبي المعالج لمانديلا. وقال: "سقطت شجرة كبيرة، وها هو الآن يعود إلى آبائه. نشكرهم على إهدائنا هذه الرمز."
حيا رئيس مالاوي السيدتين على حبها للزعيم وتسامحهما.
ثم خاطبت حفيدتي مانديلا الحضور، حيث قرأت إحداهما النعي بينما تحدثت الأخرى عن جدها كمربٍ. وقالت: "سوف نفتقدك ونفتقد صوتك الحاسم حين لا تعجبك تصرفاتنا. سوف نفتقد ضحكتك." وقاد بعد ذلك الرئيس جاكوب زوما مراسم الجنازة، حيث بدأ بالغناء ثم ألقى خطابه الرسمي.
حضرت الجنازة كلٌ من جراسا ماشيل، أرملة الزعيم، بالإضافة إلى زوجته الثانية ويني-ماديكيزيلا مانديلا، حيث جلست السيدتان بجوار الرئيس زوما. وفي خطاب لرئيس مالاوي، جويس باندا، حيا السيدتين على حبهما للزعيم وتسامحهما.
وكان من ضمن الحضور عدد من أعضاء المؤتمر الوطني الأفريقي، المناضلون ضد التمييز والسلطة الأجنبية (بمن فيهم عدد من الرؤساء الأفارقة)، والأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا، والمذيعة الأمريكية أوبرا وينفري. كما حضر المطران توتو، صديق مانديلا، رغم إعلانه إلغاء رحلته لعدم تلقيه دعوة رسمية.
وبعد انتهاء المراسم التي استمرت لأكثر من ساعتين، بدأت عشيرة أباثيمبو، عشيرة مانديلا، بعقد مراسم شعبية خاصة بهم، حيث تتضمن أغانٍ وقصائد عن حياة مانديلا وانجازاته. كما سيقومون بذبح ثور. وسيبقى أحد كبار العائلة بجانب التابوت المكسو بجلد فهد "ليتحدث إلى روح [مانديلا]."
"حزانى لكن سعداء"
اقيمت مراسم التأبين في خيمة بيضاء كبيرة نصبت خصيصا للمناسبة.
وقد نقل جثمان مانديلا يوم السبت إلى بريتوريا على متن طائرة حربية، تصاحبها طائرتان مقاتلتان، حيث انطلقت من قاعدة ووتركلوف الجوية إلى مطار مثاثا الذي يبعد حوالي 700 كيلومتر.
أ
لقى الرئيس المالاوي جويس باندا كلمة في حفل تأبين مانديلا.
ووفق التقاليد القبلية، رافق مانديلا حفيد نيلسون مانديلا جده في رحلته، حيث ظل يتحدث للتابوت بأنه في الطريق إلى الراحة في مثواه.
حمل الجثمان عدد من كبار القادة العسكريين في جنوب أفريقيا.
وقامت قوات من الجيش بوضع التابوت الملفوف في علم جنوب أفريقيا على عربة موتي، حيث بدأ رحلته إلى قرية كونو حيث أراد مانديلا قضاء أيامه الأخيرة. واصطف المواطنون على جانبي الطريق عبر مدينة مثاثا لتوديع جثمان الزعيم بالأعلام والتهليل والغناء. ثم عبر الموكب بوابات قرية كونو، مسقط رأس مانديلا.
وكان أعضاء المؤتمر الوطني الأفريقي قد ألقوا النظرة الأخيرة على جثمان مانديلا في بريتوريا قبل نقله إلى شرق البلاد. وحضر الرئيس زوما وعدد من أعضاء المؤتمر مراسم توديع جثمان مانديلا في قاعدة ووتركلوف.
وكان حوالي مئة ألف شخص قد ألقوا نظرة الوداع على مانديلا في المراسم التي عقدت بمقر الحكومة في بريتوريا على مدار ثلاثة أيام.
مراسلة بي بي سي بجنوب افريقيا تروي تجربتها في وداع مانديلا
وارى الثرى جثمان مانديلا الذي عرفه العالم كمقاتل، ولكنه هذه المرة لم يعد بحاجة للقتال لأنه يرقد الآن في سلام.
بومزا فيهلاني - بي بي سي، جوهانسبرغ
سار مئات الأشخاص أمامي وأنا في طريقي إلى حيث يرقد نيلسون مانديلا في تابوت من الخشب والزجاج – ولم أكن أسمع سوى دقات قلبي الذي ينبض بكل قوة.
واصطف الناس على جانبي التابوت، وكان هناك أربعة رجال يرتدون زيا أبيضا يقفون حول التابوت لحراسته.
ووقفت أمامهم شرطية توجه الواقفين في محاولة لتنظيم حركة المرور، وكانت تقول وأنا أقترب منها: "من فضلكم، ليسير واحد من اليسار، وآخر من اليمين".
ولم تكن الشرطية تبعد عني أكثر من متر واحد، غير أن صوتها كان يبدو بعيدا للغاية مقارنة بنبضات قلبي التي باتت الآن أكثر سرعة وأعلى صوتا.
وكانت هناك سجادة حمراء على الطريق المؤدي إلى النعش الذي سيحتضن جسد مانديلا إلى الأبد.
وعندما اقتربت من ذلك النعش، شعرت بأن قدماي أصبحت ضعيفة وثقيلة، وكأنني نسيت كيفية المشي. وأصبحت نبضات قلبي الآن أسرع وأعلى صوتا من ذي قبل، ولم أكن أعرف سبب شعوري بالقلق لهذه الدرجة.
لقد ذهبت إلى العديد من جنازات السود في جنوب أفريقيا، وكان المعتاد هو وضع التابوت وهو مفتوح، والناس تمر به لوداعه.
ولم أبك في كل الجنازات التي ذهبت إليها سوى مرتين: الأولى وأنا أودع جدتي الحبيبية عام 2002، والثانية أثناء تشييع جثمان ابنة عمي، التي كنت أنظر إليها دائما على أنها شقيقتي الكبرى.
والآن أبكي بشدة على فراق مانديلا، الذي لم تجمعني به أية صلة قرابة، ولكنني أحبه بشدة.
لقد أحببته بشكل لم أدركه إلا عندما رأيته وهو مفارق للحياة.
ثمة شيء ما في مانديلا يجعلك تشعر أنه مقرب للغاية من قلبك.
حزن عميق
ثمة شيء ما في مانديلا يجعلك تشعر أنه مقرب للغاية من قلبك، سواء كنت قد التقيت به شخصيا أو كنت موجودا في مكان معه.
كان من الممكن أن تكون في غرفة تكتظ بآلاف الأشخاص، ولكنه ينظر إليك ويجعلك تشعر كأنك الشخص الوحيد الذي يهتم بك، وهذه موهبة نادرة وخاصة.
وهذا هو الشعور الذي انتابني وأنا أشاهد التابوت الخشبي. كان هناك ثمانية أشخاص وقفوا لإلقاء نظرة الوداع، لكني شعرت أنني كنت بمفردي في تلك اللحظة التي أقول فيها وداعا مانديلا.
رفع الجميع أيديهم وهو يشيرون بعلامات الحرية، وخرجت وأنا أشعر بغصة في حلقي.
ورفعت يدي وأنا أقول له وداعا، وشعرت بأنني ثقيلة للغاية، وقلت لنفسي "انهضي"، في محاولة للحفاظ على يدي مرفوعة.
لم تستمر تلك الأحداث سوى دقيقتين، ولكنها مرت علي وكأنها دهرا كاملا. وشعرت وكأن كتفي يهتز بقوة والدموع تحرق عيني.
أعداد غفيرة من الشعب الجنوب أفريقي تلقي نظرة الوداع على مانديلا.
رحيل "ماديبا"
لم يكن هناك شيء من الغناء الذي شهدناه خلال الأيام القليلة الماضية، وكان الأمر يقتصر على مجموعة من الناس يبكون ويشدون من أزر بعضهم البعض - وكثير منهم غرباء يلتقون بعضهم للمرة الأولى.
وقامت شرطية لا أعرف من أين جاءت بإعطائي منديل ورقي كي أجفف دموعي. واضطررت للجلوس قليلا في أسفل السلم والاكتفاء بمشاهدة الناس، وهم يمرون من أمامي وأنا أتفحص وجوههم الحزينة.
ولكن الأهم من ذلك هو أنه كان يتعين علي أن أصرخ بكل قوة. في الحقيقة، لا أتذكر آخر مرة شعر فيها قلبي بهذا القدر من الآلم - ربما كان ذلك في جنازة جدتي، لست متأكدة.
كتبت مقالات لا تحصى عن مانديلا، الذي يعرف أيضا باسم "ماديبا"، واستخدمت عبارة "أبو الأمة" للإشارة إليه، ولكني اليوم فقط أدركت معنى ذلك بعد أن ملآ الحزن فؤادي.
ما زال هنا
بدأت أشعر بالجنازة وأنا أجلس أسفل سلالم ذلك البناء الضخم من مباني الاتحاد، وكان علم جنوب أفريقيا منكسا.
لقد رأيت مانديلا؛ ذلك الرجل الذي جعل من الممكن لفتاة مثلي أن تصل إلى ما هي عليه الآن. لقد رأيته، ولم أستطع القيام بأي شيء سوى البكاء.
رحل الرجل الذي جعلني أؤمن بأنه لا يوجد شيء بعيد المنال – وأن الأشخاص من ذوي جلدتي ليسوا أقل شأنا، بغض النظر عن اعتقاد البعض في بلادنا.
غيب الموت مانديلا، لكنه لا يزال عملاقا. لم يكن يبدو كرجل دخل في صراع رهيب مع المرض، وكان هذا في حقيقة الأمر شيء هام للغاية بالنسبة لي، لأن أي شخص لا يريد أن يتذكر الشخص الذي يعشقه وهو في حالة ضعف.
رأيت عائلات وغرباء يحتضنون بعضهم البعض، وأنا الآن في أحضان هيلين، وهي زميلة لي تعرفت عليها يوم أمس فقط، في الوقت الذي يشعر فيه كلانا بالانكسار التام.
تأثرت كثيرا بذلك، فهذه هي اللحظة التي قضى من أجلها مانديلا وغيره سنوات عديدة خلف القضبان.
قامت فتاة سوداء من قرية مجهولة بالبكاء في أحضان فتاة بيضاء، وهما يشعران بنفس الآلم العميق.
وقفت وألقيت نظرة أخرى على النعش، ورحلت وأنا أقول: "ماديبا، أنت لا تزال هنا".
مراسم دفن الزعيم الجنوب إفريقي الراحل نيلسون مانديلا بدأت منذ الصباح ليعود "ماديبا" كما يناديه مواطنو جنوب افريقيا إلى أرض أجداده في قرية كونو.
ألقى رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما كلمته، بقاعة في كونو أمام حشد من الحضور بلغ نحو خمسة آلاف شخص.
أوبرا وينفري ورجل الأعمال ريتشارد برانسون كانا من بين المدعوين.
صورة لنعش نيلسون مانديلا خلال مراسم جنازته في كونو.
زوجة نيلسون مانديلا السابقة ، ويني مانديلا ماديكيزيلا، وأرملته غراسا ماشيل، تجلسان بجانب نعشه خلال مراسم الجنازة.
حضر أكثر من مائة ألف من مواطني جنوب افريقيا لإلقاء نظرة الوداع على جثمانه في مقر الرئاسة في بريتوريا من الأربعاء إلى الجمعة.
أثناء نزول النعش إلى القبر، التزم الحضور الصمت ولوح البعض بأيديهم وداعا وبكى البعض الآخر. بومزا فيهلاني مراسلة بي بي سي في كونو
بدفن مانديلا ينتهي أسبوع من الحداد الوطني الذي أعلن بعد وفاته.