۞۩۩۞۩۩۞۩ بسم الله الرحمن الرحيم ۩۞۩۩۞۩۞
سؤال : تقول إنّ التوراة الحاليّة فيها اختلافات كثيرة عن التوراة الأصليّة الّتي مزّقَها ملك بابل ، إذاً فما معنى قول الله تعالى في سورة يونس آية 94 (فَإنْ كنتَ في شكٍّ مِمّا أنزلْنا إليكَ فاسْأل الّذينَ يَقرأونَ الكتابَ مِنْ قَبلِكَ لقد جاءَكَ الحقُّ مِنْ ربّكَ فلا تكونَنّ مِنَ الْمُمترينَ ) ، أليس "الكتاب" يريد به التوراة ؟
جواب :لَمّا نزل الوحي على النبيّ (ع) في بادئ الأمر ودعا قومه إلى الإسلام أبَوا أن يُسلموا وأخذوا يسخرونَ مِنه وقالوا إنّ الّذي جاءك بالوحي هو من الجنّ وليس من الملائكة ، ولو أراد الله أن يرسل رسولاً لأنزل ملائكة . وذلك قوله تعالى حاكياً عن المشركين قولَهم في سورة المؤمنين : (ولو شاءَ اللهُ لأنزلَ ملائكةً ما سمِعنا بِهذا في آبائنا الأوّلينَ .)
فرجع النبيّ وفي نفسِه شكٌّ وقد تصاغرَ في نفسِه وقال لو كنتُ رسولاً وما سَمِعتُهُ مِن الملَكِ حقّاً لآمن بي هؤلاءِ وصدّقوني ، فنزلت عليه هذه الآية لِيطمئنّ في نفسه ويثبت على دعوتِه ولا يتردّد :
(فإنْ كنتَ في شكٍّ مِمّا أنزَلنا إليكَ ) من الوحي (فاسْأل ) اليَهود (الّذين يقرأون الكتابَ مِنْ قبلِكَ) وقل لَهم هل كانَ موسى ملَكاً نزل من السماء أم هو بشرٌ مثلك ؟ وهل كانت الأنبياء الّذين جاءوا من بعدِه ملائكة نزلوا من السماء أم هم بشرٌ مثلك ؟ فإن قالوا إنّهم بشرٌ مثلك فاعلم أنّك رسولٌ من عند الله فقم بواجبِك وأنذرْ قومَك والله يَهدي من يشاء وليس عليك هداهم (لقد جاءَكَ الحقُّ مِنْ ربّكَ ) وليس من الجنّ كما يزعمون (فلا تكونَنّ مِنَ الْمُمتَرينَ ) أي من الشاكّين ، يعني لا تشكّ في نفسك ولا تتصاغر عن الرسالة فإنّ الله يختار لَها من يشاء من عباده وقد اختارك لَها 95 (ولا تكونَنّ مِنَ الّذينَ كَذَّبوا بآياتِ اللهِ ) فتقول ربّما كان ذلك من الجنّ وليس ملَكاً (فَتَكونَ مِنَ الخاسِرينَ ) فتخسر النبوّة وقد اختارك الله لَها 96 (إنّ ) المشركين (الّذينَ حَقّتْ عليهم كلمةُ ربِّكَ ) بالعذاب ( لا يُؤمِنونَ ) 97 ( ولو جاءَتْهم كلّ آيةٍ ) أي كلّ معجزةٍ يطلبونَها منك (حتّى يَرَوا العذابَ الأليمَ ) في الدنيا بالقتل والأسر وفي الآخرة في عذاب جهنّم . ولَمّا كثر عليه إنزال السور والآيات اطمأنّت نفسه وأيقن أنّه رسولٌ إلى قومه فأخذ يدعو قومه إلى الإسلام بعزيمةٍ وينذرهم بقوّة قلبٍ ولا يلتفت إلى أقوالِهم ولا يهتمّ بسخريتِهم حتّى آمن كثيرٌ منهم ، فنزل قوله تعالى في سورة البقرة (آمَنَ الرسولُ بِما أنزِلَ إليهِ مِنْ ربِّهِ والْمُؤمِنونَ كلٌّ آمَنَ بِاللهِ وملائكتِهِ وكُتُبِهِ ورُسُلِهِ...)
_______________________________________
من كتاب الخلاف بين التوراة والقران