يتركّز اهتمام علماء الفلك في الوقت الحاضر في البحث عن احتمال وجود حياة في الكواكب السيّارة الأخرى كالمرّيخ والمشتري وزحل وغيرها ، وقد أعدّوا العدّة لذلك وخطّطوا له ، فصمّموا إشارات وعلامات يمكن أن تُبَثَّ عبر الفضاء للاهتداء بواسطتِها والتفاهم بين سكّان الأرض وأيّ مخلوقات عاقلة يُحتمَل وجودها في تلك الكواكب .وفي هذا الصدد يمكن القول بكلّ ثقة وتأكيد بأنّ هذا الاحتمال سيكون حقيقة واقعة إنْ شاء الله . وسواءً سيكون هذا الحدث المهمّ والخطير عاجلاً أم آجلاً فسوفَ تشهد البشريّة يوماً من الأيّام لقاءً حميماً وحاراً وربّما مثمراً أيضاً بين سكّان الأرض وأحد الكواكب السيّارة ، ولعلّ أقرب الكواكب المرشَّحة لِهذا اللقاء أو لِهذا الحدث هو المرّيخ نظراً للمعلومات الأوّليّة التي حصل علَيها العلماء عن هذا الكوكب والتي تؤكّد وجود المياه وعناصر الحياة الأخرى على ظهره . والدليل على ما أقوله من حدوث هذا اللقاء المرتَقَب هو قوله تعالى في سورة شورى {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُو عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ}
[التفسير]:
{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي من علامات وجوده خَلق الكواكب السيّارة ومن جملتِها الأرض ،
{وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ} يعني وما نشر فيهما من مخلوقات تدبّ وتمشي عليهِما . ثمّ قال تعالى {وَهُو عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ} ، وهنا تصريح واضح عن إمكانيّة اجتماع سكّان الكواكب السيّارة بأهل الأرض ،
ولو قصد سبحانه وتعالى بذلك يوم القيامة حيث تُحشر وتجتمع النفوس للحساب لَما قرَن ذلك بالإشاءة حيث قال {إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ}، بل لَجاءَت صيغة الآية على التأكيد كما يُلاحَظ ذلك في كثيرٍ من آيات القرآن التي
تؤكّد حقيقة الحشر يوم القيامة للحساب والجزاء كقوله تعالى في سورة يــس {إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} وكذلك قوله تعالى في نفس السورة {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ
إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ} . ثمّ إنّه سبحانه وتعالى خصّ هذا الاجتماع بالقدرة عليه بقوله {قَدِيرٌ} لأنّ البشريّة يصعب عليها اليوم هذا الاجتماع بدون سلطان إلى ذلك . ولكنّ الله جلّت قدرته لا يصعب عليه شيء ، بل هو
قادرٌ على أن يجمع بين أهل الأرض وسكّان الكواكب الأخرى كالمرّيخ مثلاً في الحياة الدنيا قبل الآخرة وذلك بِإلهام الإنسان العلم والمعرفة لبلوغ طموحه المشروع لاكتشاف المجهول في آفاق السماوات والأرض .
وعلى أيّة حال فإنّنا لا نريد أنْ نستبِقَ الأحداث فنتكهّن ماذا سيحدث بالضبط ولكنّنا نتوقّع أياماً حبلى بِالمفاجآت في مجال الفضاء وإنّ غداً لِناظره قريب!