علة تحريم أكل بعض الأسماك
الجري ، المارماهي ، الجراد ، الجريث
لاشك أن كل منا يتساءل عن مدى أو سبب تحريم أكل بعض أنواع الأسماك ، التي لا قشر لها أو بمعنى أصح لا فلس لها واسمحوا لي أن أستعرض لكم هذه المسألة من الناحية العلمية فقد أسهب الفقهاء والعلماء في نصوص التحريم وعلله التشريعية ولن أخوض فيها لأني لست أهلا لها فالأمور الشرعية والفقهية لها أهلها وهم أقدر مني بذلك ولكن أذكر بعض الأحاديث والشواهد لتدعيم هذا البحث سائلا الله أن يستفيد منه المؤمنين
لقد ورد أحاديث كثيرة عن الأئمة الأطهار (ع) حول تحريم أكل أنواع معينة من الأسماك وحتى لا أخوض بدقائق الأحاديث وتفصيلاتها الفقهية والشرعية
أذكر فقط حديثين و قول لبعض العلماء البارزين :
- عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) عن الإمام علي (ع) ، وكلامه في سوق سمك الكوفة ، قال { لا تأكلوا ولا تبيعوا ما لم يكن له قشر من السمك }
وقد دلت هذه الرواية على التحريم لأنها صادرة عن معصوم
-عن سمرة عن أبي سعيد عن الإمام علي (ع) : بعد أن جمع أصحاب السمك في سوق الكوفة قال : { ....لا تشتروا الجريث ولا المارما هي ولا الطافي على الماء ولا تبيعوه }
وهناك روايات كثيرة عن تحريم أكل ما ليس له فلس أو قشر
وقال الشيخ المفيد ( قدس سره) في كتاب المقنعة ص 576 : ويؤكل من صيد البحر كل ما كان له فلوس من السموك ، ولا يؤكل منه ما لا فلس له ، ويجتنب الجري والزمار ، والمارماهي من جملة السموك ولايؤكل الطافي منه ، وهو الذي يموت في الماء ويطفو عليه
وقال العلامة الصدوق في الهداية ص 307 : كل من السمك ماله فلوس ولا تأكل ما ليس له فلوس
وقد انفردت الشيعة الامامية في تحريم أكل الثعلب ، والأرنب والضب ، ومن صيد لبحر الجري والمارماهي والزمار وكل ما ليس له فلس من السمك – ا
لإنتصار للمرتضى مسألة رقم 229
وقد ذكر العلامة الطوسي ( قده) على الإجماع في هذه المسألة في كتابه الخلاف { لا يؤكل من حيوان الماء إلا السمك ولا يؤكل من أنواع السمك إلا ما كان له قشر فأما غيره مثل المارماهي والزمير وغيره ، وغير السمك من الحيوان ، مثل الخنزير والكلب والفأرة والإنسان ، والسلحفاة ، والضفادع ، فإنه قيل ما من شيء في البر إلا ومثله في الماء فإن جميع ذلك لا يحل أكله بحال }
كما أن الطوسي يعود ويذكر في كتابه النهاية ( وأما حيوان البحر فلايستباح أكل شيء منه إلا السمك خاصة ، والسمك يؤكل منه ما كان له فلس ، ويجتنب عن ماليس له فلس ، والجري لا يجوز أكله على حال ، وكذلك الطافي وهو الذي يموت في الماء فيطفو عليه }
الجـريث :
الأسماك المخصوصة بالتحريم هي الجري ، والجريث والمارماهي ويعتقد البعض أن الجري هو نفسه الجريث ، ويعتقد البعض مشتبها أن الجريث هو من أنواع الإنقليس والذي يسمى عند أهل الخليج ( الشاقة ) ولكن :
سمك الجريث يختلف عن الإنقليس فالجريث من الأسماك اللافكية ، في حين أن الإنكليس أو الإنقليس من الأسماك العظمية ، فالجريث هو يشابه لجلكي وهما الوحيدتان في العالم من الأسماك اللافكيتان وهما أكثر بدائية من بقية الأسماك في العالم ويوجد نحو 40 نوعا من الجلكي وقرابة 50 نوعا من الجريث ، ويعيش الجلكي في المياه المالحة والعذبة ، بينما الجريث يعيش في المياه المالحة فقط ن وبالنظر لجسمي هذين السمكتين نجدهما لزجتين وعديمة القشور ، ولكن شكلها يشبه الإنقليس لكنها تختلف عنها بالتكوين الداخلي ، ويتكون الجلكي والجريث من الغضروف مثلهما مثل أسماك القرش ، ويمتازان بافتقارهما للفكوك ، ويتكون فم الجلكي أساس من عضو مستدير ماص ولسان مسنن ، وتستخدم أنواع معينة من الجلكي عضوها الماص للإلتصاق بالأسماك الأخرى وتستعمل لسانها المسنن لتحفر داخل أجسام ضحاياها وتتغذى بدمائها
وللجريث فم على شكل شق طويل مزود بأسنان حادة ولكن ليس لها عضو ماص ، وهي تأكل ما بداخل الأسماك الميتة أي أنها تتغذى على الميتة .
وتعتبر سمكة الجريث من الأسماك السامة والسم موجود على جلودها وهو يفرز نتيجة إزعاجها ببعض الأعداء في البيئة المائية ، ومن لأسماك السامة أيضا أسماك النهاش ، والأخفس ، والبركودة والنوني ، وهي تسسبب تسمم للإنسنان نتيجة تغذيتها على بعض الطحالب البحرية التي تنمو حول الجزر المرجانية
وأكثر الأسماك السامة هي لا قشر لها ومن الأسماك السامة دجاجة الماء ، والسمكة الصخرية ،
الـــجــري :
لها مسميات كثيرة من القطوة ، أو السمكة القطة ، أو الحنكليس ، أو القرموط ، أو السلور ، أو الصلور ,يكون لونها أقرب للسواد ، وتوجد منها عدة أنواع مختلفة في العالم وأكثرها مائل للسواد ، وتشترك بأن لا قشور لها ولا حراشف
وتعيش أسماك الجري لفترة طويل فقد يصل بعض أنواعها إلى 60 سنة ، وطول عمر هذه النوعية يجعلها تأكل الكثير من المواد السامة أو ، وتعتبر هذه السمكة من النوع المفترس للأسماك الأخرى أو حتى لبعضها البعض مثلها مثل سمك الجراكي
ويعتبر الجري من الأسماك القمامة التي تقتات على قمامة البحر من أسماك متعفنة متحللة والأوساخ والقاذورات والفضلات التي تخرج من الأسماك وباقي حيوان البحر ، حتى أنه يعتبر من أكثر الأسماك التي تعيش في المياه الملوثة والتي تستقي تلوثها من فضلات المعامل ، والإنسان وغيره وقد لوحظ لدى بعض الخبراء والمحللين أن سمك الجري يعتبر من أكثر الأنواع الذي يحمل البكتيريا في جسمه بحيث أن النسبة وصلت إلى 27 مليون للغرام الواحد
المارماهي أو ثعبان البحر :
هو الثعبان البحري ويسمى أيضا بالأنقليس ، وبشكل عام تعتبر كل الثعابين البحرية من النوع السام ، وسمها فعال وهي تستخدم هذه الميزة لإصطياد فرائسها حيث تفرغ السم في جسم فريستها بواسطة أنياب أمامية في الفك العلوي كما ثعابين البر
ورغم أنها سامة إلا أنها أفاعي مسالمة للإنسان وعضها له نادر الحدوث وتقدر نسبة الوفيات بأثر عضتها 5 % من حالات الإصابة ، والإنقليس لا يملك قشرا يغطي جسمه وهو من الأنواع القمامة أي يقتات على الفضلات ويثأكل كل شيء حي وميت ولأجل ذلك فإن دمه يحتوي على مادة سمية خطرة لو تعرضت لها العين أو الغشاء المخاطي المحيط بها لدى الإنسان
الـزمير :
ويسمى أيضا ( أبو الزمير ) وهو نوع من أنواع الجري ويتواجد بكثرة في تركيا وسوريا و العراق ، ويتغذى على يرقات الحشرات وبقايا وفضلات الأسماك وقد يمتاز هذا النوع أن في ظهره شوك ناتئ ويلدغ لدغات لاسعة ولو شوارب طويلة وهي تعيش في المياه العذبة وهو من دون قشر وله جسم ممدود ومضغوط من الجانبين ( رشيق )
جراد البحر :
أو ما يسمونه با لكركند يعتبر أيضا من الكائنات التي عيش في قاع البحر وهو يأكل الأسماك الميتة والحيوانات الميتة وهو يمتلك قرون استشعار في معظم أجزاء جسمه تساعده على تحديد مكان الميتة من خلال تحسس الروائح المتحللة لهذه الميتة حتى لو كانت بالليل المظلم ، ويقوم بدف فريسته ث يستخرجها ويأكلها ومن ثم يقوم بدفنها بعد ذلك ليخفيها عن أعين أعدائه
وكذلك السرطانات متخصصة في أكل النفايات وتأكل كل ما هب ودب من حي وميت في البحر ، وهنالك سمكة الرميح فهي أيضا لا قشور لها وتتغذى على الأسماك الأخرى الميتة وحتى أنها تتغذى على بعضها البعض
حتى المحار مع أنه يمتلك هيكل عظمي يغطي جسده إلا أنه يعتبر من الحيوانات القمامة التي تأكل الأوساخ والقاذورات والشوائب وقد صرح الفقهاء على تحريمه ، فهو ياخذ الماء الملوث ويبتلعه ومن ثم يقوم بتصفيته ويطلقه مرة ثانية صافيا نظيفا وتبقى الفضلات والشوائب في داخله ويعد من أخطر أنواع الحيوانات السامة
وقد وردت عدة روايات عن المحار أذكر إحداها
عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي ، عن علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن الأول (ع) قال : { لا يحل أكل الجري ، ولا السلحفاة ، ولا لسرطان ، قال : وسألته عن اللحم الذي يكون في أصداف البحر والفرات أتوكل ؟!! قال : ذلك لحم الضفادع لا يحل أكله ، ويتبين أيضا أن حتى الضفادع البرمائية لا يحل أكلها بشهادة عدة روايات أخرى
فوائد الأسماك القشرية
يلاحظ أن كثير من الأسماك في البحار هي من الأسماك القشرية وأكثرها يتغذى على العوالق والطحالب والأسماك الصغيرة وهي تعيش في البحار والبحيرات والأنهار وهي تكاد قريبة من السطح وللعم أن القشر وظيفته حماية السمكة بطبقة خارجية وله أشكال متعدد بحيث يسمح للسمكة بالحركة إلى معظم الإتجاهات ماعدا الحركة للوراء وهذا القشر يمنع جسم السمكة من امتصاص السموم الضارة
في حين أننا نلاحظ أن غالب الأسماك اللاقشرية تعيش في قاع الأنهار والبحار وبعضها يكون جارحا وبعضها قمامة وبحسب رأي العلماء أن أكثر الأسماك التي تحوي أجسامها مواد سمية هي عديمة القشر
والعلماء وضعوا قائمة للأسماك التي تحمل مواد سامة مثلا :
4 أنواع من سمك القرش
58 نوع من سمك اللّساع
57 نوع من عقارب البحر
47 نوع من سمك الجري
15 نوع من سمك العلجومي
وكل هذه الأسماك هي لا قشرية ( لا فلسية ) والسموم تدخل جسمها بسبب طبيعة الغذاء التي تتصف بها
لأن أغلب أنواع البكتيريا العصية تعيش في المياه الحارة وفي تراب البرك والأنهار وتنتقل بالتلامس مع السمكة بمجرد إزاحة الطبقة اللزجة التي على جسمها وبما أن السمك هذا كثير الإحتكاك بالقاع فهو يمتص هذه السموم
وهناك أكثر من 13 نوع من الطفيليات تعيش على جلود هذه الأسماك وتعتبر مشكلة كبيرة للأسماك اللاقشرية وتسبب لها أمراض مثل البقعة البيضاء
ونجد أن الأسماك اللاقشرية أكثر فسادا عند ملامسة الهواء ففورا تتفسخ وينتشر رائحة كريهة له والملاحظ للأسف أن أكثر أهل مصر يرغبون بهذه النوعية ويسمونها الفسيخ وهي كل سمك يتعفن ويتفسخ ولهذا تم النهي على هذه النوعية من الأسماك اللاقشرية من أكلها نظرا لما تحمله من ضررا بالغا لصحة الإنسان ناهيك عن تغيرات فيزيولوجية تظهر بعد فترى على الإنسان بالإضافة لتغيرات في نمطية العقل والتفكير والإحساس
وبهذا يتبين أن كل حيوان يعتمد في غذائه على أكل الفضلات والقمامة والميتة حاله كحال الخنزير أعز الله المؤمنين فهو ضار ومحرم وقد أثبتت التجارب المخبرية على كثير من السموم التي يحملها لحم هذه الأسماك اللاقشرية وحتى الخنزير فسبحان الله والحمدلله الذي عصمنا بآل محمد (عليهم السلام) عن أكل الحرام وما تشابه على الأمم السابقة حيث أن الكثير من الأمم كانت تأكل هذه اللحوم رغم النهي عنها والكراهة الشديدة من قبل أنبياء الله وأولياءه
م\منقول
رد مع اقتباس
