الفروق بين الكلمات والجُمل المتشابهة
هذه بعض اللمسات البيانية من كتاب الأسئلة
والأجوبة المفيدة في لطائف بعض الآيات القرآنية
للدكتور / فاضل صالح
السامرائي / أستاذ النحو في جامعة الشارقة .
الفرق بين الخوف والخشية في الاستعمال
القرآني
قال تعالى: " ولم يخش إلا الله "
سورة التوبة 18
قال تعالى:" وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً" النور 55
تفترق الخشية عن الخوف
بأنها تكون عن يقين صادق بعظمة من نخشاه , وأما الخوف فيجوز أن يحدث عن تسلط
بالقهر والإرهاب .
والخشية لا تكون إلا لله
وحده دون أي مخلوق .
وتسند خشية الله في
القرآن إلى الذين يبلغون رسالات ربهم ومن اتبع الذكر,والمؤمنين والعلماء والذين
رضي الله عنهم ورضوا عنه
الخشية: هي خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن علم
بما يخشى منه، ولذلك خص العلماء بها في قوله: ** إنما يخشى الله من عباده العلماء } [فاطر/28]، وقال: ** [وأما من جاءك يسعى * وهو
يخشى } [عبس/8 – 9. [من خشي الرحمن بالغيب [ق/33 .
[ فخشينا أن يرهقهما [الكهف/80 [فلا تخشوهم واخشوني [البقرة/150] . يخشون
الناس كخشية الله أو أشد خشية [النساء/77]. وقال الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون
أحدا إلا الله [الأحزاب/39]، ** وليخش الذين... } الآية [النساء/9]، أي: ليستشعروا خوفا من
معرته،وقال تعالى: ** ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق } [الإسراء/31]، أي: لا تقتلوهم معتقدين
مخافة أن يلحقهم إملاق، ** لمن خشي العنت } [النساء/25]، أي: لمن خاف خوفا
اقتضاه معرفته بذلك من نفسه.
وانظر مفردات القرآن
للأصفهاني 1/301.
«الخشية»،و«الخوف»
متقاربان؛ إلا أن أهل العلم يقولون:
• إن الفرق أن«الخشية» لا
تكون إلا عن علم؛لقوله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} [فاطر: 28] بخلاف
«الخوف»: فقد يخاف الإنسان من المخوف وهو لا يعلم عن حاله،
• والفرق الثاني: أن«الخشية»
تكون لعظم المخشيّ؛ و«الخوف» لضعف الخائف، وإن كان المخوف ليس بعظيم، كما تقول
مثلاً: الجبان يخاف من الجبان ـ يخاف أن يكون شجاعاً،وعلى كل حال إن صح هذا الفرق
فهو ظاهر؛ لكن الفرق الأول واضح؛ وهو أن «الخشية» إنما تكون عن علم.
و انظر تفسير الشيخ محمد
العثيمين ـ رحمه الله
والخشية
تألم القلب لتوقع مكروه مستقبلا وتكون : ـ
* تارة بكثرة الجناية من
العبد،
* وتارة بمعرفة جلال الله
وهيبته ومنه خشية الأنبياء ذكره ابن الكمال .
وانظر التوقيف على مهمات
التعاريف لمحمد عبدالرؤوف المناوي .
والخشية لا تكون إلا بعد معرفته تعالى قال عز و
جل (إنما يخشى الله من عباده العلماء ) وجعل الخشية غاية للهداية لأنها ملاك الأمر
من خشي الله تعالى أتى منه كل خير ومن أمن اجترعلى كل شر...
وانظر تفسيرأبي السعود
الموسوم بـ (إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم)
قَالَ الْإِمَامُ
الْمُحَقِّقُ ابن القيم –رحمه الله- فِي شَرْحِ مَنَازِل ِالسَّائِرِينَ :الْوَجَلُ وَالْخَوْفُ وَالْخَشْيَةُ وَالرَّهْبَةُ أَلْفَاظٌ
مُتَقَارِبَةٌ غَيْرُ مُتَرَادِفَةٍ .وَقِيل َالْخَوْفُ اضْطِرَابُ الْقَلْبِ
وَحَرَكَتُهُ مِنْ تَذَكُّرِ الْمَخُوفِ .
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ :
هَذَا سَبَبُ الْخَوْفِ
لَا نَفْسُهُ .
وَقِيل َالْخَوْفُ هَرَبُ
الْقَلْبِ مِنْ حُلُولِ الْمَكْرُوهِ عِنْدَ اسْتِشْعَارِهِ .
وَفِي مَتْنِ مَنَازِلِ
السَّائِرِينَ :
الْخَوْفُ الِانْخِلَاعُ
عَنْ طُمَأْنِينَةِ الْأَمْنِ بِمُطَالَعَةِ الْجَزَاءِ .
قَالَ تَعَالَى {إنَّمَا
يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)
فَهِيَ خَوْفٌ مَقْرُونٌ بِمَعْرِفَةٍ .
** وَقَال َالنَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنِّي أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَشَدُّكُمْ لَهُ
خَشْيَة.
فَالْخَوْفُ حَرَكَةٌ،
وَالْخَشْيَةُ انْجِمَاعٌ وَانْقِبَاضٌ وَسُكُونٌ .
فَإِنَّ الَّذِي يَرَى
الْعَدُوَّ وَالسَّيْلَ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَهُ حَالَتَانِ :
إحْدَاهُمَا : حَرَكَتُهُ
لِلْهَرَبِ مِنْهُ وَهِيَ حَالَةُ الْخَوْفِ .
وَالثَّانِيَةُ : سُكُونُهُ
وَقَرَارُهُ فِي مَكَان لَا يَصِلُ إلَيْهِ وَهِيَ الْخَشْيَةُ .
قَالَ وَأَمَّا
الرَّهْبَةُ فَهِيَ:
الْإِمْعَانُ فِي
الْهَرَبِ مِنْ الْمَكْرُوهِ،وَهِيَ ضِدُّ الرَّغْبَةِ الَّتِي هِيَ سَفَرُ الْقَلْبِ فِي طَلَبِ
الْمَرْغُوبِ فِيهِ .
وَبَيْنَ الرَّهَبِ
وَالْهَرَبِ تَنَاسُبٌ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى يَجْمَعُهُمَا الِاشْتِقَاقُ
الْأَوْسَطُ الَّذِي هُوَعَقْدُ تَقَالِيبِ الْكَلِمَةِ عَلَى مَعْنًى جَامِعٍ .
وَأَمَّا الْوَجَلُ :
فَرَجَفَانُ الْقَلْبِ
وَانْصِدَاعُهُ لِذِكْرِ مَنْ يَخَافُ سُلْطَانَهُ وَعُقُوبَتَهُ أَوْ
لِرُؤْيَتِهِ .
وَأَمَّا الْهَيْبَةُ
فَخَوْف ٌمُقَارِنٌ لِلتَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ وَأَكْثَرُهَا تَكُونُ مَعَ
الْمَعْرِفَةِ وَالْمَحَبَّةِ.
وَالْإِجْلَالُ تَعْظِيم
ٌمَقْرُونٌ بِالْحُبِّ .
فَالْخَوْفُ لِعَامَّةِ
الْمُؤْمِنِينَ،وَالْخَشْي َةُ لِلْعُلَمَاءِ الْعَارِفِينَ، وَالْهَيْبَةُ
لِلْمُحِبِّينَ ،وَالْإِجْلَالُ لِلْمُقَرَّبِينَ،وَعَلَى قَدْرِ الْعِلْمِ
يَكُونُ الْخَوْفُ وَالْخَشْيَةُ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ** إنِّي لَأَعْلَمُكُمْ بِاَللَّهِ وَأَشَدُّكُمْ لَهُ خَشْيَة)
وَقَالَ ** لَو
ْتَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا ،
وَلَمَا تَلَذَّذْتُم ْبِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ ، وَلَخَرَجْتُمْ إلَى
الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى } انْتَهَى .
فَالْخَوْفُ سَوْطٌ
يَسُوقُ الْمُتَمَادِيَ،وَيُقَوِّم ُ الْأَعْوَجَ،وَيُلَيِّنُ
الْقَاسِيَ،وَيُطَوِّعُ الْمُسْتَصْعِبَ .
وَلَيْسَ هُو َمَقْصُودًا
لِذَاتِهِ بِخِلَافِ الرَّجَاءِ ،فَمِنْ ثَمّ َيَنْبَغِي أَنْ يُرَجَّحَ عَلَى الْخَوْفِ .
وانظر مدارج السالكين .