بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف عآجلآ يآمجيب....


نبدأ على بركة الله .....

-أنواع الحزن والبكاء عند المتقين
1- حزن وبكاء التوبة:
إن من يصيبه البكاء ندامة من الذنب وحزناً على ما اقترفه في محضر جبار السماوات والأرض هو بكاء التوبة, فيعمل هذا البكاء على مضاعفة عزيمة التائب على ترك الذنب وتحقير نفسه العاصية .وبالتأكيد أن من حُرم من درك فلسفة البكاء فلن يدعو غيره للبكاء ولن يشجع عليه .
إن الحزن والبكاء في الواقع رأس مال المجاهد في الجهاد الأكبر فقد قال الإمام علي (ع) وهو أعقل الناس وأحكمهم وإمامهم وسيدهم ووليهم وأشجعهم في دعاء كميل بن زياد(وسلاحه البكاء)فأميرنا يعتبر البكاء سلاح ولم يعتبره ضعف .فما هو العبد الذي غاب عن الإنسان الناكر للبكاء فلم ينصف البكاء ولم يعطه حقه؟نعم أن البكاء سلاح لمن عرف البكاء حق معرفته وعرف هذا السلاح , وقد عرفه الأعداء فسعوا إلى منع الإنسان من البكاء وشغلوه بما يميت قلبه فلا يتألم لذنبه ولا يبكي طلباً للغفران.

-حزن وبكاء خوف المصير
بكاء من يعيش القلق حيال نفسه الأمارة بالسوء لا يدري أهو في مأمن من الذنب والارتداد عن الله تعالى أم لا, فيرى نفسه في خطر مستمر وأن الخطر محدق به لا يأمن الدنيا ولا أمنها .
أولئك المتقون يجهلون عاقبتهم فيبكون خوفاً من سوء العاقبة وكيف هو إيمانهم .هم لا يأمنون أنفسهم مهما بلغوا من التقوى ولا يأمنون الشيطان مهما أبطلوا مكره. هؤلاء يخشون من مستقبلهم وكيف هم تجاه ربهم, وكل تلك المخاوف المحزنة تهز مضجعهم فيبكون من خشية الله.
كما ورد عن الإمام السجاد (ع)
(ومالي لا أبكي ولا أدري إلى ما يكون مصيري وأرى نفسي تخادعني وأيامي تخاتلني وقد خفقت عند رأسي أجنحة الموت فلما لا أبكي , أبكي لخروج نفسي أبكي لظلمة قبري أبكي لضيق لحدي)

-حزن وبكاء المعرفة
هو بكاء الإنسان المؤمن لحظة معرفة الحق ومعرفة الآية الإلهية تعبيراً منه عن التأثر العميق , فيكون البكاء أبلغ في وصف ما يكنه من مشاعر كما أشار القرآن الكريم (وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين )
إن البكاء بعد تلقي العلم الإلهي نعمة إلهية, فالله تعالى عندما يمتدح المؤمن ويبين مدى قربه من الله ينسب صفة البكاء إليه فنجده في الآية الكريمة (إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً)وكما نعلم إن آيات القرآن حاكية عن الحقيقة فمن تدمع عيناه بسماع آية الله التي هي من حيث الكلمة واللفظ مجرد إشارة للحقيقة فكيف لا تدمع عيناه عندما تتجلى له الحقيقة بذاتها ويقابل المصداق بعينه .

-حزن وبكاء العشق
بكاء العبد عشقاً لله وحباً فيه فلا يرى سوى الله له محبوباً ولا يعبد الله طمعاً في جنة أو خوفاً من نار بل شكراً له وحباً فيه .إن البكاء حباً وعشقاً في ذات الله كمال اللروح ولا شك أن كثيراً من المؤمنين جربوا هذا البكاء وما تؤول إليه حالهم بعد الانتهاء من البكاء من حصول الطمأنينة في قلبه سكون الراحة في نفسه تلذذ بحلاوة المناجاة ولا شك أن أشد لذة للعبد وهو يذكر الله ساجداً مجسداً عبوديته لله تعالى.
قال الإمام الباقر (ع)
(إن أقرب ما يكون العبد من الرب عز وجل وهو ساجد باك )

- حزن وبكاء حسرة الفضيلة
هو حزن وبكاء الإنسان على نفسه لفقره لكثير من المحاسن الأخلاق وابعاده عن فضائلها , فيتألم لما هو عليه وخروجه عن بعض أوصاف المتقين بسبب إهماله وغفلته وقضائه جل عمره في السهو واللعب وجمعه لزينة الدنيا .
وهذا البكاء والحزن يتجلى في دعاء الإمام السجاد (ع)
(وأعني بالبكاء على نفسي فقد أفنيت بالتسويف والآمال عمري )
وأحياناً يكون البكاء لعدم التوفيق لما يحبه الله تعالى من فعل الخيرات والجهاد والإنفاق ولو لعذر وجيه كأولئك الذين رغبوا في الجهاد بين يدي رسول الله (ص) لكنهم عجزوا عنه لكن الرسول (ص) أعذرهم من الجهاد لقلة العدة فحزنوا وبكوا وجاءت فيهم الآية (لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع)

هذا وصلى الله على محمد وآل محمد
اللهم لا تخرجنا من الدنيا حتى ترضى عنا وتقر أعيننا بزيارة قبر أبي عبدالله الحسين عليه السلام
نسألكم صالح الدعاء

منقــــــــــــــــــــول

خآدمــــــــــــــــة صآحب العصر والزمــــــــــــــــــآن

المصادر:
-كتاب أوجه الإرتباط و الشبه بين الإمامين الحسين والمهدي,للمؤلفة الفاضلة أم مهدي الموسوي حفظها الله تعالى
-بحار الأنوار :ج 90,ص 344
-دعاء أبي حمزة الثمالي.
-سورة مريم الآية 58.
سورة المائدة الآية 83.
-الكافي :ج2 ,ص 475 ح 3127.
-دعاء أبي حمزة الثمالي.