TODAY - 28 June, 2011
خطر يداهم المدينة دون أن يحظى بالاهتمام الرسمي
جرذان بحجم القطط تفتك ببغداد والناس نيام
الجرذان ابتلعت الفئران الصغيرة
حينما يحل الظلام ويخلد الناس إلى مضاجعهم، تنتشر الجرذان في الشوارع وتهدد المدينة وسكانها، ليس هذا مشهداً من فيلم هوليودي، وانما حقيقة باتت العاصمة العراقية بغداد تعيشها في الفترة الأخيرة، وسط استغاثات لا تلقى استجابة من الجهات الرسمية.
أعرب مواطنون بغداديون عن تخوفهم الشديد من ظاهرة انتشار الجرذان بشكل لافت في بيوتهم ومناطقهم السكنية، مؤكدين أن الحجم الذي شاهدوه لهذه الجرذان غير طبيعي!، وأشاروا إلى أن هذه الظاهرة باتت تهدد حياتهم لاسيما أن الجرذان اصبحت تدخل البيوت وتلهو في الارجاء ولا يمكن لأحد أن يفعل لها شيئاً، في حين اختفت الفئران، وقد أكد كثيرون ممن سألتهم "إيلاف" أنهم لم يروا فئرانا منذ أمد بعيد، معتقدين أن الجرذان الكبيرة باتت تلتهم هذه الفئران المسكينة، فيما أعرب احد العاملين في امانة بغداد أن أفضل علاج للقضاء على الجرذان هو تربية القطط بعدد كبير، مما يجعلها تستقوي ببعضها وإلا فالقطة الواحدة ستنهزم أمام الجرذ!.
ولم اصدق عيوني وأنا أشاهد كائنا غريبا يلهو على سطح المنزل وقت الفجر، كانت الظلمة تمنعني من الرؤية الواضحة، لكنه حجمه الكبير جعلني أتمعن فيه، رغم أنني لم شاهد غير حركة راقصة تدور في المكان، وظل يتبختر، وسرعان ما نزل على السلم، وقد اتضحت لي صورته، انه جرذ كبير، أدهشني فعلا حجمه، ولم أتمالك نفسي من الدهشة وقد توقفت عن الحركة، وبقيت اراقبه الى أن دخل في فتحة المجاري التي كان احدهم نسيها مرفوعة الغطاء.
عجبت فعلاً .. مما رأيته وهو ما جعلني، ابحث وأسأل لاعرف أي حال هو حالنا لاسيما أن الجرذ ارتقى السلم واسترخى ومرح بلا خوف، راقبت الفتحات التي تسمى (المني هول) في الشارع الذي نحن فيه وجدت أن الأغطية غير موجودة، واكتشفت أن اغلب الأغطية في المنطقة غير موجودة، وسألت الجيران فوجدت أن حكاية الجرذان هذه، أنا آخر من يعلم بها، وان شكواهم وصلت إلى القائمين على مجاري المدينة، ولكنهم لم يجدوا أي حلول تذكر، فأمر العلاج كما قيل لهم صعب، أصعب من مسألة معالجة وقتية، إذ أن القدرة على ذلك أصبحت صعبة لعدم توفر ما يمكن به معالجة الظاهرة التي لم يعد لديهم ما يواجهون به جيش الجرذان.
وعلل الكثيرون مما سألتهم "إيلاف" أن السبب في خروج الجرذان هو عدم وجود أغطية لفتحات المجاري، الأمر الذي جعلنا نبحث عن السر، فاخبرنا مصدر في أمانة بغداد أن هذه الأغطية المصنوعة من مادة (الآهين) تتعرض الى السرقة، وتباع لانها تصهر ثانية وتعاد إشكالا أخرى!.
حاولنا البحث أكثر ومن الغريب أننا وجدنا بعد اسبوع من السؤال في كل مكان نكون فيه أن الشكوى عامة، لا يمكن أن تكون منطقة في بغداد خالية منها، سألنا في مناطق مختلقة في كرخ بغداد ورصافتها، فلم نجد أحداً يستغرب من السؤال، بل أنه يعضد بمشاهد وصور، وأن الجميع يتفق على ان الحجم غير الطبيعي للجرذان هو أكثر ما يخيف.
ويقول مؤيد سالم من أهالي مدينة الشعب (الرصافة/شمالي بغداد): "ما رأيته في مدينتنا ليس له شبيه في أي منطقة كما اعتقد، فالجرذان حجمها اكبر من القطة، بل أنني رأيت القطة تخاف منه وتهرب!، وهي بأعداد كثيرة جدًا وقد وجدتها في العديد من الامكنة التي تحوي النفايات وتابعتها بفضول مني ووجدتها ترتع في مكبات النفايات والقمامة بأعداد أخافتني، وحين احاول أن اطردها لاتخاف إلا حين اضربها فتركض نحو فتحات المجاري"، وأضاف: "صرنا نخاف على أطفالنا منها".
اما في منطقة البتاويين، فالأمر لا يصدق، والشكوى خطيرة، يكاد المرء لا يصدق ما يسمعه من كلام مخيف، وكيف أن الجرذان تتجول في كل الأماكن بحرية، ويؤكد الناس هناك أن هذه الجرذان لاينفع معها السموم ولا المبيدات التي يبدو أنها أصبحت لديها مناعة منها، وبالفعل في أماكن النفايات ترى الجرذان كما ترى القطط، تجدها بالعشرات في مكان واحد، وبالأحجام التي تثير الخوف، هناك الناس أكدوا أن البيوت جميعها لا تخلو من الجرذان التي حفرت في الأرض بيوتًا أخرى لها تحت مستوى سطح المنزل!.
يقول الطبيب احمد بركات: "من المعروف إن المناطق القديمة في بغداد هي التي تكون مرتعًا للجرذان، وكنا نسمع آن مناطق البتاويين والفضل والكرخ والدهانة والميدان والكاظمية القديمة هي أكثر المناطق، ويبدو أن هذه المناطق بعد إهمالها أصبحت مخازن تفريخ للآلاف من الجرذان، ولكن الغريب أن الجرذان التي كنا نعرفها في السابق، ونرى الكثير منها في (شارع النهر) مثلا اختلفت الآن، أصبح حجمها أكبر وشاهدت بعضها لونه أحمر!، أنا استغربت فعلاً.
وحين أضاف الدكتور قائلا متسائلاً: (هل لفت نظرك آن الفئران اختفت!) اسقط من يدي وابتسمت غير مصدق لما قال، فهذه نكتة ليس إلا، لكنه علل السبب الذي أكد أنه انتبه إليه بأن الجرذان الكبيرة التهمت هذه الفئران بعد آن شح طعامها!.
الطبيب بركات أشار إلى خطورة الأوبئة التي تتركها هذه الجرذان على الإنسان، أنها ما دامت تدخل كل البيوت فبالتأكيد ستصل الى الطعام، وهنا تكمن الخطورة.
في منطقة الكرادة، حيث هنالك البيوت البغدادية القديمة، ضحك سرمد علي، حينما سألناه: هل لديكم جرذان؟ ثم قال: "لدينا أفضل أنواع الجرذان، وأفضل الأشكال بحجوم مختلفة، وفي كل الأوقات، لقد نصحونا آن نشتري مجموعة من القطط، ولكن يبدو ان القطط كانت تخاف منها، يا أخي.. لقد سمعت هناك عن حوادث غريبة مثل تعرض بعض الأطفال إلى العض من قبل هذه الجرذان التي تتوالد بالآلاف وتخرج إلى الناس من فتحات المجاري، وحين سألناه عن الفئران، توقف ثم كأنه تذكر، فقال: "حقا لم أر فئرانا منذ زمن بعيد، فهل تعتقد آن الجرذان أكلتها؟!".
وحتى في منطقة السيدية سمعنا شكوى مواطنين من انتشار واسع للجرذان، وأصبح من الطبيعي على الناس في هذه المنطقة أن يشاهدوا جرذا، وأشاروا إلى أنهم وجهوا اشتغاثات إلى البلدية وامانة بغداد لتخليصهم منها، ولكن دون جدوى.
وفي ظل هذه الظاهرة الخطيرة يتسأل العراقيون: هل يمكن لهذه الجرذان أن تفتك ببغداد وسكانها فعلا، أو أن تفتك بمكانها ذاته فتنخسف بها الأرض بعد أن تتحول إلى فراغات شاسعة، الجواب : لا احد يمكنه أن يخمن ما سيحدث إزاء الحجوم الكبيرة للجرذان وأعدادها الهائلة.