قال الأمام الحسين عليه السلام ,, لم أخرجَ آشراً ولا بطراً... ولا مفسداً ولا ظالماً...وإنما خرجتُ لطلب الصلاح في أمة جدي محمد صلى الله عليه واله وسلم ...أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر ..وأسير بسيرة جدي محمد بن عبدالله وأبي علي بن أبي طالب ؟ فمن قبلني ..يقول الحق , فالله أولى بالحق وهو خير الحاكمين ؟
إن استشهاد الإمام الحسين عليه السلام واهل بيته وشيعته فوق ثرى كربلاء تجعلنا جميعاً نأخذ من مناهجها الدروس والعبر بتلك ألقيم الإيمانية ومناهج تطور الفكر الإنساني نحو إرساء عالم متحضر متأخى لدحر الاستبداد والظلم والإرهاب الأسود و محاربة الفساد و الفاسدين، مستلهمين ذلك من مواقع وسلوك ومنهج ثورة الأمام الحسين ومن مصادق جهاده المحمدي النقي الذي رفض الظلم من اجل الحق
أن واقعة ألطف أثبتت للعالم أجمع إنها ثورة ومسيرة حق من الحجاز إلى العراق وكان لاستشهاد الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء المقدسة تحمل بين طياتها منطق العقل والمنطق المستنبط من واقع الدفاع عن الحق ورفض للظلم مهما كانت عقيدته ومذهبه وقوميته. وتمثل نموذجاً فريدا سيظل حياً ما بقي الزمن.
عندما رفع الإمام الحسين بيرق الثورة، واشهر السيف في وجه الحاكم المستبد الجائر، كانت غايته إنسانية عميقة، تتمثل في إصلاح أحوال المجتمع والناس، التي تدنت بسبب ظلم الحاكم وفساده وإفساده، وفي تحقيق العدالة وترسيخ مثل الحرية والكرامة.
والحسين أنما جسد بذلك الحقيقة الساطعة للثوار العظام وقادة الثورات على مر التاريخ، وها هو سفر التراث الإنساني المديد والحافل، يفخر بمأثرة الحسين المجاهد بالقول والفعل لأسقاط راية الباطل الجائر المتجبر، الحسين الذي أحال دمه المسفوح ظلما.. نارا تطوق الطغاة وتؤرق المستبدين في كل عصر ودهر، واطلق باستشهاده دعوة متجددة تستنهض المظلومين والفقراء والمسحوقين وتحثهم على مقارعة العسف والطغيان، والتمسك بقيم العدالة والكرامة الإنسانية.
نعم، ليست مأثرة الإمام الحسين، ولم تكن شأنا كربلائيا محليا محدودا، ولا عربيا ـ إسلاميا مجردا، إنها أمثولة إنسانية، ذات بعد عالمي، وعلى امتداد العالم وعبر الأجيال، وجد المناضلون من اجل الحرية والعدالة في أخلاقيات الحسين ومبدئيته ونكرانه الذات، وفي رفضه المغانم والإغراءات، وتحديه الترهيب وتفضيله الموت على الهوان.. وجدوا في ذلك وغيره من خصال الحسين الإنسانية الأصيلة، نموذجا يحتذى، ومحفزا لاندفاعهم على طريق التحرر والحرية لشعوبهم، والدفاع عن حقوق الفقراء، ونصرة الحق والعدل في كل حين وكل رقعة، ولم تكن هذه الأخلاق والصفات الرفيعة، إلا ثمرة مدرسة ونهج ثابتين في حب الإنسان واحترامه، ومعارضة الظلم واغتصاب الحقوق، وفي رفض الأنانية والجشع والفساد الأخلاقي والسياسي، وشجب التلاعب بالقيم الدينية السامية أو توظيفها لخدمة الحاكم المستبد الجائر أو تصيد المكاسب و خداع الناس، والوقوف ضد نهب ثروات الشعب وممتلكاته، واستغلال الكادحين والاعتداء على حقوقهم، لقد كانت جريمة عظمى، تلك التي اقترفها الجلادون في حق الحسين وأهله وصحبه الأوفياء.. جريمة ظل جبين البشرية يندى لها على مر القرون، وفي المقابل بقيت مأثرة الحسين في مواجهة الجلادين، معينا ثرا لكل المناضلين الساعين إلى صلاح المجتمع وخير الإنسان، يستلهمون أمثولته في الجرأة والشجاعة والصمود في وجه المكاره، وفي مقارعة الظلم والظالمين، والاستبداد والمستبدين، وكل أعداء الإنسان والإنسانية.
واعتبارا بدروس مأثرة الحسين الشهيد نصرح بملء الفم:
كونوا مع الناس ومطالبهم، تكونون مع الحسين..
انصروا الفقراء والمحرومين، تنصرون الحسين..
قفوا مع المظلومين المهضومين، المهانين في عيشهم والمستباحين في حقوقهم، تقفون مع الحسين..
امنوا العمل للعاطلين، والمستشفى للمعلولين، والمدرسة للجاهلين، تنالون رضا الحسين..
ارفعوا رايات الحرب على الفساد والمفسدين، وعلى سارقي قوت الشعب وناهبي ثروات البلاد، ترفعون رايات الحسين.
حاربوا رذائل الكذب والنفاق والطمع، والاحتيال والتزوير، والكيد والغدر، والتعصب الطائفي والقومي، تصونون ذكرى الحسين.
لاحقوا الإرهابيين وسافحي دماء الأبرياء، وحلفاءهم من رؤوس الجريمة والفساد، واقطعوا دابرهم، تعظمون مأثرة الحسين.
و إلا فأنتم تجار تتاجرون بدم الحسين، و الحسين برئ منكم و من أفعالكم الشنعاء.