قُلوبُ العاشِقينَ لَها عُيونٌ تَرى ما لا يَراهُ الناظِرونا
وَأَلسِنَةٌ بِأَسرارٍ تُناجي تَغيبُ عَنِ الكِرامِ الكاتِبينا
وَأَجنِحَةٌ تَطيرُ بغَيرِ ريشٍ إِلى مَلَكوتِ رِبِّ العالِمينا
وَتَرتَعُ في رِياضِ القُدسِ طَوراً وَتَشرَبُ مِن بِحارِ العارِفينا
فَأَورَثَنا الشَرابُ عُلومَ غَيبٍ تَشِفُّ عَلى عُلومِ الأَقدَمينا
شَواهِدُها عَلَيها ناطِقاتٌ تُبَطِّلُ كُلَّ دَعوى المُدَّعينا
عِبادٌ أَخلَصوا في السِرِّ حَتّى دَنَوا مِنهُ وَصاروا واصِلينا
يا رب كيف نفتقر في غناك؟!
وكيف نضل في هداك؟!
وكيف نذل في عزك؟!
وكيف نضام في سلطانك؟!
وكيف نخشى غيرك؟!
والأمر كله إليك
يقول سيدنا علي رضي الله عنه: « قوام الدين والدنيا أربعة رجال، عالم مستعمل علمه، وجاهل لا يستنكف أن يتعلم، وغني لا يبخل بماله، وفقير لا يبيع آخرته بدنياه، فإذا ضيع العالم علمه، استنكف الجاهل أن يتعلم، وإذا بخل الغني بماله، باع الفقير آخرته بدنيا غيره
لقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وكرمه أعظم تكريم، سخر له الكون تسخير تعريف وتفضيل، وهبه نعمة العقل، وفطره فطرةً تنزع إلى الكمال، وأودع فيه الشهوات ليرقى بها صابراً وشاكراً إلى رب الأرض والسماوات، ومنحه حرية الاختيار ليثمّن عمله، وأنزل له كتاباً أحل له الطيبات وحرم عليه الخبائث، كل ذلك ليعرف ربه فيعبده، ويسعد بعبادته في الدنيا والآخرة.
الناس على اختلاف مللهم ونحلهم نموذجان ؛ إنسان عرف الله ، فانضبط بمنهجه ، وأحسن إلى خلقه ، فسلم وسعد في الدنيا والآخرة ، وإنسان غفل عن الله ، وتفلت من منهجه ، وأساء إلى خلقه ، فشقي في الدنيا والآخرة ، ولن تجد نموذجاً ثالثاً
الأمة لمجرد أن تتخلى عن رسالتها وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصبحت كأية أمة خلقها الله، لا شأن لها عند الله
الشيخ د . محمد راتب النابلسي