بغداد/علي المعمريتعرّضت فاطمة ابنة الأعوام الثمانية والتلميذة في الصف الثالث الابتدائي بمدرسة خولة بنت الازور في قضاء المدائن للطالبة إلى ضرب مبرح من قبل مدرّسة التربية الدينيّة، بسبب عدم ارتدائها الحجاب. وقعت هذه الحادثة في مدرسة خولة بنت الأزور في قضاء المدائن في بغداد في 15 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وقد نشرت صور وتقارير مختلفة تبيّن آثار الضرب الشديد على وجهها، حيث برز اللونان الأحمر والبنفسجي بشكل واضح مع آثار لأصابع المدرّسة. وفاطمة واحدة من بين عدد كبير من الأطفال الذين يعانون العنف المدرسي في العراق، الذي تحوّل إلى ظاهرة مثيرة للقلق الشديد بالنسبة إلى الناشطين والمنظمات المدنيّة الذين يطالبون بوضع حدّ لها بشكل حازم وفرض عقوبة شديدة على المرتكب والكفّ عن فرض الآراء الدينيّة والشخصيّة على الأطفال في المدارس.
واللافت في الامر أن اللجنة التي تشكلت من قبل مدير التربية في المنطقة ومديرة المدرسة المعنيّة في 20 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، قامت بالتحقيق في الحادث من دون الإعلان رسمياً عن أي نتائج أو قرارات بهذا الخصوص. وجاء الإعلان عن تشكيل اللجنة عقب ضغوط إعلاميّة ومدنيّة واسعة في وسائل الإعلام المرئيّة والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي. لكن من المتوقّع ألا تتّخذ اللجنة أي قرار جاد بسبب النقص في التشريعات القانونيّة وعدم وجود إرادة حكوميّة جادة لمواجهة استخدام العنف ضدّ الاطفال في المدارس.وفي لقاء بثّته قناة "الشرقيّة" مع المدرّسة المذكورة، قالت الأخيرة إن المقصّرة في هذه القضيّة هي الطفلة نفسها بسبب عدم ارتدائها الحجاب، وإن العقوبة لم تكن شيئاً مبالغاً فيه، بل مجرّد ضربتَين على وجهها. أضافت أن والدَي الطفلة قد خوّلاها في الأساس تأديب البنت في حال أساءت التصرّف. وقدّمت المدرّسة تقريراً عن نتائج اللجنة المشكلة للبحث في القضيّة يفيد بأن اللجنة برأت المدرّسة من أي مسؤولية بشأن ما حدث. ولفتت إلى أنها ليست المدرّسة الوحيدة التي تضرب الأطفال، وأن الضرب القليل هو ضروري للتأديب ولا مانع منه، موضحة أنها استخدمت طرقاً أخرى لفرض الحجاب عليها فأرسبتها في بعض الامتحانات في مادة التربية الدينيّة لكن ذلك لم يؤثّر فيها.وهذه ليست القضيّة الأولى التي تسلّط عليها وسائل الإعلام الضوء، بل عمد الإعلام سابقاً إلى التركيز على ضرب تلامذة في المرحلة الثانوية والإساءة إليهم في مدينة الكوت العراقيّة، وذلك من قبل مدير المدرسة. وقد قام وزير التربية آنذاك بزيارة للمدرسة وندّد بما حصل قائلاً إن ذلك لن يمرّ من دون عقاب وإنه لا يحقّ لأي مدرّس أو موظف في مجال التربية أن يستخدم العنف ضدّ الأطفال.وفي لقاءات عديدة مع تلامذة في المدارس العراقيّة، خلص بعدها إلى أن استخدام العنف أصبح ظاهرة شائعة في المدارس وأن هذه الظاهرة لم تحصل على القدر اللازم من الاهتمام إلا في حالات دقيقة مثل ما جرى ذكره آنفاً. والعنف المستخدم يشمل حالات وأنواع مختلفة من الإساءة اللغويّة والاستهزاء والتمسخر وصولاً إلى الضرب بالأيدي وطرق عقاب أخرى. وعادة، لا يتقدّم التلامذة بشكوى ضدّ المدرّسين بسبب خوفهم من عقوبات إضافيّة من قبلهم مثل إرسابهم في موادهم التي يدرّسونها أو إهمالهم.وفي آخر مستجدّات هذه القضيّة، أفيدت وسائل الإعلام بأن وزارة التربية طردت المدرّسة، لكنها لم تصدر أي بيان في هذا الخصوص. إلى ذلك، فإن التعاطي مع هذه المشكلة، كلّ حالة على حدة، لن ينجح في وضع حدّ لهذه الظاهرة. والمطلوب هنا هو حلّ مدروس وشامل. ويبقى أخيراً أنه يتوجّب على وزارة التربية ووزارة العدل القيام بإجراءات أكثر جديّة تضمن عدم استخدام العنف في المدارس، منها: فرض عقوبات جادة مثل فصل المدرّس من العمل في مجال التربية والتعليم، وتخصيص محاكم خاصة بالعنف ضدّ الأطفال، وتعيين لجان وزاريّة تقوم بالكشف على المدارس بشكل مستمرّ ومفاجئ وتستلم التقارير من التلامذة الذين يقعون ضحايا للعنف، بالإضافة إلى اعتماد الإجراءات الأخرى ذات العلاقة والمعمول بها في الدول المتحضّرة.