إن أسرار عاشوراء هي التي تبين لنا مراحل الظهور
طبعا نحن سوف نتحدث عن الإمام الحجة(ع) في محله، ولكن لابدّ لنا أن نصل إلى الإمام الحجة(عج) عن طريق الإمام الحسين(ع). فالإمام الحسين(ع) هو الذي يأخذ بأيدينا إلى شاطئ الظهور. من الذي يصلح لأن يكون معلمنا في التمهيد لعصر الظهور غير أبي عبد الله الحسين(ع)؟ فلا أحد في العالم يستطيع أن يقوم بدور المعلم في هذا الطريق غير الحسين(ع).
لابد أن نستوعب أسرار عاشوراء فإنها تنطوي على أوضح رسالات النبي الأعظم(ص) وأكثرها صراحة. إن أسرار عاشوراء هي التي تبيّن لنا مراحل الظهور. فإن هذه القضية ليست بطريق حلّ للمجتمع وحسب، بل حتى إذا أردنا نحن كأفراد أن نرتقي معنويا وأخلاقيا في هذا الزمان، فالطريق هو الإمام الحسين(ع) ومعرفة أسرار ورسالة عاشوراء.
الحسين محور للوحدة
نظرا إلى الظروف التي يعيشها العالم اليوم، إن شبابنا ومجتمعنا والعالم الإسلامي بأجمعه في أمسّ الحاجة إلى موضوع أبي عبد الله(ع) أكثر من أي موضوع آخر، فلابد أن نستوعب ملحمة عاشوراء، ونستشفّ أسرارها ورسالاتها بعمق.
روي عن رسول الله(ص) أنه قال: (إِنَّ حُبَّ عَلِیٍّ قُذِفَ فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ فَلَا یُحِبُّهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَ لَا یُبْغِضُهُ إِلَّا مُنَافِقٌ وَ إِنَّ حُبَّ الْحَسَنِ وَ الْحُسَیْنِ قُذِفَ فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُنَافِقِینَ وَ الْکَافِرِینَ فَلَا تَرَى لَهُمْ ذَامّا؛ مناقب آل ابیطالب/ج3/ص383). ولهذا لا يوفّق كل امرء لحبّ أمير المؤمنين(ع) ولكن بإمكان أي إنسان أن يحبّ الحسين(ع) حتى وإن كان كافرا أو منافقا.
إن أبا عبد الله(ع) هو محور الوحدة ولكن أخذ الأعداء يصرفون مليارات الدولارات ليجعلوا منه محورا للفرقة، فيجب علينا أن لا نسمح لهم بتحقيق ما يهدفون إليه. إن الحسين(ع) يحظى بهذه القابلية فبإمكانه أن يستهوي الجميع ولكننا في حال تضييع هذه الفرصة. ومن جانب آخر نجد الصهاينة يسعون لتحريض بعض المسلمين ضدّ الحسين(ع)، في حين أن المقاتل التي ألفها أهل السنة لأبي عبد الله(ع) لا تقلّ عن مقاتل الشيعة.
إن للحسين(ع) موقعا في فطرة الإنسان يقدر بها على إنعاشها
إن شبابنا ومجتمعنا والعالم الإسلامي وحتى العالم البشري برمّته في أمسّ الحاجة إلى أبي عبد الله(ع). وهمزة الوصل بين هذه الفئات الأربع وبين الإمام الحسين(ع) هي الفطرة. حيث إن للحسين موقعا في فطرة الإنسان يقدر بها على إنعاشها.
إن الفطرة بمعنى العشق الشديد المصحوب بالحماس المطلق والقويّ تجاه «الله والأعمال الصالحة والصالحين بأجمعهم». الفطرة يعني أنّني في ذاتي وضميري ـ الكامن والخفي طبعا ـ أعرف الله أبرار والبرّ وأعشقهم بشدّة. فإن أزيح الحجاب عن فطرتنا، لرأينا أننا نعشق الله أشدّ عشق ولا نريد شيئا غيره، حتى ولو قطّعونا بالسيوف ألف قطعة كل يوم. وكذلك لرأينا شدّة تعلقنا برسول الله(ص)، فإنّها أشدّ من تعلّق الطفل الرضيع بأمّه.
لم يخلق الله الإنسان كإناء فارغ، بل قد أودع في ضميره كثيرا من الحسن والجمال ولكنها كامنة، فلابدّ للإنسان أن يسعى طيلة حياته لإزاحة الستار عنها من أجل ازدهار الفطرة.
أما كيف تزدهر الفطرة؟ الواقع هو أن لا يمكن بيان لذّة ازدهار الفطرة حتى نتحدث عنها مع الجميع ونحفزهم على العمل في سبيل تجربة ازدهار فطرتهم. فمن أجل إدراك لذتها لابدّ للإنسان أن يعيش هذه التجربة ويشعر بحرارة نار الفطرة، وإنها لممكنة الحصول في مجالس أبي عبد الله الحسين(ع). فعندما يدخل الإنسان في مجلس أبي عبد الله(ع) يشاهد حرقة قلبه واحتراق غيره من الموالين ثم يرجع إلى نفسه متسائلا من أين أتى هذا؟ ثم يكتشف أنه حدث فطري وإنه نموذج من مصاديق ازدهار الفطرة في وجود الإنسان.
يتبع إن شاء الله...