صفحة 1 من 4 123 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 32
الموضوع:

حب الحسین وعلاقته بالفطرة، للأستاذ بناهيان

الزوار من محركات البحث: 224 المشاهدات : 2282 الردود: 31
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    صديق فعال
    تاريخ التسجيل: January-2013
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 609 المواضيع: 210
    التقييم: 146
    آخر نشاط: 22/June/2017

    حب الحسین وعلاقته بالفطرة، للأستاذ بناهيان

    هذا الذي بين يديك أيها القارئ الكريم هو ملخص الجلسة الأولى من سلسلة محاضرات سماحة الأستاذ الشيخ بناهيان في العشرة الأولى من محرم في عام 1434هـ. في موضوع «حب الحسين وعلاقته بالفطرة» حيث ألقاها في جامعة الإمام الصادق(ع) في مدينة طهران بين مجموعة من طلاب وأساتذة الجامعة وباقي شرائح المجتمع. تمت ترجمتها بحمد الله لما فيها من معان ومضامين رائعة جدا بشأن قضية الحسين(ع) ومدى علاقتها بفطرة الإنسان. أدعوكم لمتابعة هذه الأبحاث وهذه السلسلة العطرة علّها تقربنا شيئا إلى الإمام الحسين(ع) وقضيته.




    لابد لنا اليوم أن نرى أيّ مفهوم يحظى بالأولويّة دون غيره؟



    إن المجالس التي تقام بمحورية أهل البيت(ع) وذكرهم في مناسباتهم والتي تسمّى بمجالس الذكر أو مجالس أهل البيت(ع)، فإنها بالإضافة إلى كونها مجالا للفكر وكسب العلم والمعرفة وإحياء أمر أهل البيت(ع) وكونها تمكّن من إقامة الحق وتمهّد الناس لنصرة أئمة الهدى(ع)، لها أثر ممتاز آخر إلى جانب هذه الخصائص كلها لا ينبغي الغفلة عنه، وهو «تعیین الأولوية أو تحديد المفهوم الأكثر أولوية» على أساس مقتضى روحنا ومجتمعنا اليوم.
    عندما نجتمع معا في هذه المجالس لابدّ أن نتأمل ونرى أن من بين جميع المفاهيم الجيّدة، ما هو المفهوم الذي له أكثر أولوية وأكثر علاقة مع عصرنا الحاضر. في مثل هذه المجالس لابدّ أن نلتفت إلى أنه «ما الذي نطرحه في هذا اليوم؟» و أيّ مفهوم له دور استراتيجي في إنقاذ أنفسنا ومجتمعنا والعالم بأسره؟ إن من أهمّ فوائد أمثال هذه المجالس هو أن نعرف على أيّ مفهوم أضحى يدقّ نبض زماننا وتحولات عصرنا وأيّ المفاهيم له الدور الأهم في عبورنا من هذه المرحلة.

    ما هي المفاهيم التي كانت لها الأولوية في أيام الثورة وأيام الدفاع المقدّس؟

    من المهمّ جدا أن ينتبه الإنسان إلى أولويات زمانه من الأولويات الفردية والاجتماعية. فعلى سبيل المثال كان من المطلوب في أيام الثورة أن نلتفت إلى مفهوم الإيمان وقيمته وموقعه. ومن الخصائص البارزة للشهيد المطهري(ره) حينئذ هي أن شخّص هذه الأولوية ولفت أنظارنا في أيام الثورة إلى موضوع الإيمان وقيمته إلى جانب العلم، وكان ذلك، في تلك الأجواء العلمانية التي تَعُدّ الإيمان ضربا من الخرافة.
    وكذلك كانت الأولوية في زمن الدفاع المقدّس هو أن نلتفت إلى مفهومي الجهاد والشهادة، إذ كانت هي قضيتنا يومذاك وكان قد أصبح مجتمعنا الديني بحاجة حياتية إلى هذين المفهومين.
    بعد أيام الدفاع المقدس ـ قبل حوالي 18 عام ـ أقبلت الأنظار والأفكار بين الشباب المتدين والثوريّ تتوجه إلى الإمام الحجة(عج). فازدهرت بعدها مجالس دعاء الندبة وبدأ البحث والكلام عن المجتمع المهدويّ، وقد كان البعض يحاول أن يفرض «المجتمع المدنيّ» كأحد مثلنا في المجتمع. فإن الالتفات إلى المجتمع المهدويّ في ذاك المقطع من الزمن أنقذنا من السقوط. فبعدها أصبح الناس يتطلعون لمستقبل سعيد جدا وهذا ما زاد أمل الناس بالدّين وشحنهم لاستهداف القمم القادمة.

    إن أبا عبد الله الحسين(ع) اليوم هو موضوع استراتيجي لنا

    ما هو الموضوع الذي يحظى اليوم بالأولوية الأهمّ لأنفسنا ومجتمعنا وللعالم بأسره؟ أنا أتصوّر أن لابدّ لنا أن نرجع البصر مرة أخرى إلى أبي عبد الله الحسين(ع) وننظر إلى قضية عاشوراء كقضية استراتيجية ومفهوم استراتيجي للعبور من أزماتنا وحتى الأزمات العالمية. إن أبا عبد الله الحسين(ع) اليوم هو موضوع استراتيجي لنا.

    يتبع إن شاء الله...

  2. #2
    صديق فعال

    حب الحسين وعلاقته بالفطرة 2

    أصبحت قضية أبي عبد الله الحسين(ع) تهاجَم اليوم من قبل الأعداء بشكل خاص

    أحيانا بسبب الهجمات التي تستهدف أحد المفاهيم الدينية، يصبح هذا المفهوم ذا أولوية بشكل تلقائي وكذا يصبح الدفاع عن هذا المفهوم وتناوله بالبحث من الأولويات، كي لا تنال هذه الهجمات شيئا من هذا المفهوم الديني. أما عندما نقول يجب اليوم أن نضع قضية أبي عبد الله(ع) على رأس الأولويات، ليس ذلك بسبب الهجمات الشديدة التي أصبحت تستهدف قضية الحسين(ع) في هذا العصر، مع أن الهجمات قائمة على أوجها.
    في الأواني الأخيرة وفي الأوساط الدولية والإعلامية أخذت تنتشر بعض الظواهر التي لم نعهدها سابقا. لماذا نرى اليوم بعض التيارات والحركات في العالم قد أخذت على عاتقها أن تضرب المآتم ومراسم العزاء وتعدّها من الخرافات؟! إن هذا التيار المصنوع بيد الإنجليز في عالم الإسلام، أي التيار الوهابي يشنّ هجمة قاسية ضدّ قضية عاشوراء وكربلاء وإلى جانبه هناك جهات أخرى معادية للدين والثورة تضرب على هذا الوتر نفسه.
    ولكن على أي حال، مجرد هجماتهم على موضوع ما، لا يدلّ على كون الموضوع استراتيجيا، ولكنّ قضية أبي عبد الله الحسين(ع) مهمّة لكونها أصبحت هدف سهام الأعداء بشكل خاص، وكذلك يجب تناولها لأسباب مهمة ومختلفة أخرى. أحد هذه الأسباب هي أن محور قيام الإمام الحجة(عج) هو الأخذ بثأر الحسين(ع).

    لماذا ينسب الإمام المهدي(عج) نفسه إلى الإمام الحسين(ع)؟

    لماذا ينسب الإمام المهدي(عج) نفسه إلى الإمام الحسين(ع)؟ لقد ورد في الأخبار أنه يقف بين الركن والمقام وينادي أهل العالم جميعا؛ «إذا ظهر القائم(ع) قام بین الرکن و المقام و ینادی بنداءات خمسة: الأول: ألا یا أهل‏ العالم‏ أنا الإمام القائم، الثاني: ألا یا أهل‏ العالم‏ أنا الصمصام المنتقم، الثالث: ألا یا أهل‏ العالم‏ إن جدّي الحسین قتلوه عطشانا...» [إلزام الناصب/ج2/ص233] لماذا سوف تكون رايات أصحاب المهدي(عج) هي رايات عزاء الإمام الحسين(ع) السود؟ لماذا سوف يكون شعار الإمام «يا لثارات الحسين»؟[أمالي الصدوق/ص130] فيا ترى هل سيتمّ اختيار أنصار الإمام المهدي(عج) من بين اللاطمين ومقيمي عزاء الحسين(ع)؟ وهل سيكون ذاك القيام الأخير والقيام الموعود هو قيام مقيمي عزاء الحسين(ع)؟!

    لماذا توجّهت الأنظار اليوم بشكل خاص إلى كربلاء؟

    لماذا توجّهت الأنظار اليوم وبشكل خاص إلى كربلاء وتتوجه الملايين من الناس سنويّا إلى كربلاء الحسين(ع)؟ لأي سبب صار هذا التحوّل في النفوس؟ لماذا تجد العالَم المسيحيّ الذي سوف يكون في مقدمة الملتحقين والمسلّمين لحكومة إمام العصر(عج) بعد المؤمنين الخلّص، يحظى بتقارب ثقافي شديد تجاه قضية أبي عبد الله الحسين(ع)؟ فعندما تشرح قضية الإمام الحسين(ع) لأحد المسيحيين المؤمنين، يتبادر ذهنه إلى تعاليمه المسيحيّة خطوة بعد خطوة ويجد قلبه متوهّجا بقضيّة الحسين(ع). فقد التقينا وسمعنا بنماذج كثيرة من هؤلاء الناس. إنني قد التقيت ببعض هؤلاء حيث كان أحدهم يسمع قصائدنا الفارسية ومع أنه ما كان يفهم من مضامينها غير كلمة «الحسين» كان يشعر بلذة معنوية بسماعها.

    لماذا كل هذا التأكيد من قبل أهل البيت(ع) على زيارة الحسين(ع)؟

    بعد أن تلقى آدم(ع) كلمات من الله والتي جاء في الروايات أنها أسماء خمسة أهل الكساء، أخذ يذكر آدم أسماءهم... «فَلَمَّا ذَکَرَ الْحُسَیْنَ‏ سَالَتْ دُمُوعُهُ‏ وَ انْخَشَعَ‏ قَلْبُهُ وَ قَالَ یَا أَخِي جَبْرَئِیلُ فِی ذِکْرِ الْخَامِسِ یَنْکَسِرُ قَلْبِی وَ تَسِیلُ عَبْرَتِی قَالَ جَبْرَئِیلُ وَلَدُکَ هَذَا یُصَابُ بِمُصِیبَةٍ تَصْغُرُ عِنْدَهَا الْمَصَائِبُ فَقَالَ یَا أَخِي وَ مَا هِي قَالَ یُقْتَلُ عَطْشَاناً غَرِیباً وَحِیداً فَرِیداً لَیْسَ لَهُ نَاصِرٌ وَ لَا مُعِینٌ وَ لَوْ تَرَاهُ یَا آدَمُ وَ هُوَ یَقُولُ وَا عَطَشَاهْ وَا قِلَّةَ نَاصِرَاهْ حَتَّى یَحُولَ الْعَطَشُ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ السَّمَاءِ کَالدُّخَانِ فَلَمْ یُجِبْهُ أَحَدٌ إِلَّا بِالسُّیُوفِ وَ شُرْبِ الْحُتُوفِ فَیُذْبَحُ ذَبْحَ الشَّاةِ مِنْ قَفَاهُ وَ یَنْهَبُ رَحْلَهُ أَعْدَاؤُهُ وَ تُشْهَرُ رُءُوسُهُمْ هُوَ وَ أَنْصَارُهُ فِی الْبُلْدَانِ وَ مَعَهُمُ النِّسْوَانُ کَذَلِکَ سَبَقَ فِی عِلْمِ الْوَاحِدِ الْمَنَّانِ فَبَکَى آدَمُ وَ جَبْرَئِیلُ بُکَاءَ الثَّکْلَى.»[عوالم العلوم/ج17/ص104]
    وكذلك باقي الأنبياء كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى(ع) كلّ واحد منهم قد مرّ من كربلاء ذات يوم فتعرف على قضية كربلاء وتعرّف على الإمام الحسين(ع) وبكى عليه. وقد ورد في بعض كتبنا أنه: «مَامِنْ‏نَبِيٍ‏إِلَّاوَ يَأتِي إِلَيهَا وَيَزورُها»[بحار الأنوار/ج45/ص315].

    هل ينبغي أن نحدد الإمام الحسين(ع) مع كل ما يحظى به من أسرار، بهذه الفوائد المشهورة لحدّ الآن في مجتمعنا؟!

    هل أن هذا الكمّ الهائل من الثواب الذي خصّص لزيارة أبي عبد الله(ع) وإقامة العزاء والبكاء عليه أمر بسيط؟! لماذا كل هذا التأكيد من قبل أهل البيت(ع) على زيارة أبي عبد الله(ع) وخاصة مشيا على الأقدام؟ هل كل هذا بسبب مواجهة الظلم وحسب؟! هل أن الحسين(ع) مجرد سبب لتأليف القلوب وحسب؟! هل ينبغي أن نحدّد الإمام الحسين(ع) مع كل ما يحظى به من أسرار، بهذه الفوائد المشهورة لحدّ الآن في مجتمعنا؟! هل ينبغي للإنسان أن يتعامل مع هذه القضية المليئة بالأسرار والحقائق الخفية بهذه السطحية؟!
    أنا لا أعتبر أنفسنا بأنا عرفنا الإمام الحسين(ع) وأسرار عاشوراء كافيا. فإنّ البركات التي بيد الحسين(ع) والتي يقدر على إعطائها لنا أكثر بكثير من هذا القدر. فلابدّ لمجتمعنا أن يرجع إلى كربلاء ليدركها من جديد.

    يتبع إن شاء الله...


  3. #3
    صديق فعال
    تاريخ التسجيل: November-2013
    الدولة: العراق
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 487 المواضيع: 17
    التقييم: 133
    آخر نشاط: 10/February/2017
    بارك الله فيك
    طرح رائع

  4. #4
    من المشرفين القدامى
    ابو موسى
    تاريخ التسجيل: November-2013
    الدولة: Baghdad _Iraq
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 1,223 المواضيع: 462
    صوتيات: 136 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 428
    مزاجي: التواضع
    المهنة: Administrative
    أكلتي المفضلة: ما رزقني ربي
    موبايلي: iPhone
    آخر نشاط: 21/January/2022
    مقالات المدونة: 21
    شكراً جزيلاً بارك الله فيك

  5. #5
    صديق فعال
    عاشت أياديكم على مشاركتكم
    أعدكم إن شاء الله بمواصلة الموضوع

  6. #6
    عضو محظور
    الشاعره ام حر
    تاريخ التسجيل: September-2013
    الدولة: العراق
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 15,504 المواضيع: 1,798
    صوتيات: 0 سوالف عراقية: 2
    التقييم: 7236
    مزاجي: متفائله جدا
    أكلتي المفضلة: كل شيئ بي شوفان♡
    موبايلي: كلاكسي
    مقالات المدونة: 37
    عاشت الايادي موضوع قيم شكرا الك

  7. #7
    صديق فعال

    حب الحسين وعلاقته بالفطرة 3

    نحن وللأسف نقوم بنشاطات ثقافية في ألف مجال وندع قضية الحسين(ع)!

    نحن وللأسف نقوم بنشاطات ثقافية في ألف مجال وندع قضية الحسين(ع) حيث لم نقم بشيء يتناسب مع شأنها وأهميتها. نقوم بنشاطات ثقافية حول الصلاة والأمر بالمعروف والحجاب وكثير من الموضوعات الأخرى بيد أنّنا أهملنا تقريبا العنصر الثقافيّ الأكثر تأثيرا في المجتمع الديني وهو الإمام الحسين(ع) الذي يؤسّس ثقافة الشعوب ويصلح ثقافتهم. فأصبح شأننا تجاه قضية الحسين(ع) هي أن نذكرها ونقيم المأتم بذكرها تارة ونحسب أن هذا القدر كافيا.

    الركيزة الأهمّ في ديننا هي الفطرة

    الركيزة الأهمّ في ديننا هي الفطرة. فلولا وجود الفطرة لم يبق وجه لقول الله تعالى إلى رسوله؛ «إِنَّما أَنْتَ مُذَکِّرٌ»[الغاشية/21] فإن هذا التذكير بسبب وجود الفطرة.
    عندما نلتفت إلى الرؤية العرفانية للمروحوم الشاه­آبادي (أستاذ الإمام الخميني في العرفان) نجد أن ركيزة رؤيته إلى عالم المعرفة هي الفطرة وعمدة تركيزه كان على فطرة الناس. كما أن السيد الإمام(ره) قد قام بهذه الثورة اعتمادا على فطرة الناس. كان قد أجمع الجميع على أن هذه الثورة لن تنجح ولن تنتصر، بيد أن السيّد الإمام أصرّ مؤكدا على نجاحها، وسبب ذلك هو أن الإمام كان يعتمد على فطرة الشعب. كان ينظر الآخرون إلى ظواهر ممارسات الشعب ومشاعرهم السطحية، ولكن كان ينظر الإمام إلى فطرتهم.
    إن الفطرة هي الركيزة الأهم لديننا وليس شأن الأنبياء سوى إيقاظ الفطرة وإنعاشها. فإن الفطرة هي التي توصلنا إلى الله. وبسبب وجودها يحكم على بعض المرتدّين بالإعدام، إذ لا سبيل لسحق الفطرة والإسفاف إلى درجة الكفر والارتداد إلا بالخبث والرذالة الشديدين.

    أنشط قسم في فطرتنا هو الحسين(ع)

    لقد قال النبي الأعظم(ص): «إِنَّ لِقَتْلِ الْحُسَیْنِ‏ حَرَارَةً فِی‏ قُلُوبِ‏ الْمُؤْمِنِینَ‏ لَا تَبْرُدُ أَبَداً»[مستدرك الوسائل/ج10/ص318] من أين اكتسبنا هذه الدموع على أبي عبد الله الحسين(ع)؟! فواقعا نحن لا نعلم مصدر هذه الدموع والحرقة.
    أنتم الذين تحبّون الحسين(ع) هل أن حبّكم هذا بسبب استماع مظلوميته ومصائبه؟ أم إنّكم تحبّونه ابتداء وبسبب علاقة فطرية، ثم عندما تسمعون بمصائبه تلتهب قلوبكم حزنا؟!
    إن هذا الحديث لرسول الله(ص) يكشف في الواقع عن علاقتنا الفطرية بأبي عبد الله الحسين(ع). كما أن الإيمان هو أمر فطري، فعندما يزدهر جزء من فطرة الإنسان المؤمن، يتحول إلى هذه الحرارة المودعة في قلوب المؤمنين تجاه الإمام الحسين(ع). بإمكاننا أن نقول إن الحسين(ع) هو أنشط قسم في فطرتنا وإنه يمثل معجزة الفطرة.

    إن الحسين هو اللسان البليغ للفطرة وليس لدينا كلام مع أهل العالم غير الحسين(ع)

    هل ينبغي للإنسان أن ينطلق في حركته صوب الكمال من غير الأجزاء اليَقِظَة في فطرته؟ هل للإنسان سبيل نحو السعادة سوى أن يرجع إلى الأقسام اليقظة والنشطة في فطرته وأن يوقظ باقي نواحي قلبه عبر هذا الطريق؟ وهل يشير العقل إلى طريق غير هذا؟ ثم كيف يتسنّى للإنسان أن يبدأ باكتساب الفضائل من غير هذا الطريق؟
    لماذا سوف يكون منطلق الإمام المهدي(عج) في حركته هو ذكر الحسين(ع)؟ لأن الحسين(ع) هو لسان الفطرة البليغ. و ليس لدينا كلام مع أهل العالم غير الحسين(ع). كل من له قلب سليم غير ملوّث فإن فطرته حيّة وفعالة تجاه الحسين(ع) وبات الانطباع الفطري للشعوب تجاه الإمام الحسين(ع) يكتسح العالم.

    لقد انتهى أهل العالم إلى طريق مسدود وإن المخلص هو الحسين(ع)

    في هذا العصر الذي بان فيه انسداد الطرق وأقبلت الشعوب تبحث عن سبيل جديد، لابدّ أن يعرّف هذا السبيل لأهل العالم عن طريق الحسين(ع). إن هذا العصر هو عصر الإمام الحسين(ع) ودور الرجوع إلى أبي عبد الله(ع). إن شعوب العالم تبحث عن طريق للخلاص وطريق خلاصهم هو الحسين(ع). «إِنَّ الْحُسَیْنَ بْنَ عَلِیٍّ فِی السَّمَاءِ أَکْبَرُ مِنْهُ فِی الْأَرْضِ وَ إِنَّهُ لَمَکْتُوبٌ عَنْ یَمِینِ عَرْشِ اللَّهِ مِصْبَاحُ‏ هُدًى وَ سَفِینَةُ نَجَاة»(عیون أخبار الرضا/ج1/ص60).
    وكذا الإمام المنتظر(عج) سوف يكلّم الناس بلغة الفطرة كما كان يفعل الأنبياء. إذن لابدّ أن تُفَعّل هذه اللغة. حتى إنّ لغة العلم ولا سيما العلم الجدلي فرع لهذا الأصل، والأصل هو لغة الفطرة. إن العلم الجدلي الذي يستخدم كثيرا في علم الكلام ترسيخا لعائدنا الحقّة غالبا ما يستعان به لردّ العدوّ اللجوج وشبهاته.

    إن قناة التواصل مع أهل العالم هو لغة الفطرة وأبلغ شيء في لغة الفطرة هو «الحسين(ع)»

    لیست القضايا العلمية هي قناة التواصل مع أهل العالم، بل الطريق الأول هو لغة الفطرة وأبلغ شيء في هذه اللغة هو «الحسين(ع)». كما أن الحسين(ع) قد اتخذ نفس هذا الأسلوب في التأثير علينا وجرّنا إلى هذا الطريق الروحاني.

    إن هذا العصر هو زمن عالميّة الإسلام ولابدّ أن ننطلق من الحسين(ع)

    في هذا العصر الذي فشلت فيه جميع المدارس وانتهت المذاهب فيه إلى طرق مسدودة، أتى دور الكلام الجديد، فلابدّ أن نكلّم العالم بلغة الفطرة، وإن أكثر قسم مزدهر في هذه الفطرة هو الحسين(ع). إن هذا العصر هو زمن عالميّة الإسلام ولابدّ أن ننطلق من الحسين(ع).
    إن الحسين(ع) يقع في أهم موقع فطريّ في قلب الإنسان فيا له من تأثير عميق على حركة الإنسان والمجتمع صوب الكمال. فإيّانا أن نتوهّم بأنا قد اجتزنا دروس معرفة الإمام الحسين(ع) وأتى دور مواضيع أخرى.

    يتبع إن شاء الله...


  8. #8
    صديق فعال

    حب الحسين وعلاقته بالفطرة 4

    صلى الله عليك يا أبا عبد الله


    بودي أن أجعل منطلق ذكر مصيبة الحسين في هذه الليلة سؤالا لنقف عنده ونتأمل فيه. أنتم الذين تحبّون الحسين(ع) هل أن حبّكم هذا بسبب السهام التي أصابت جسم الحسين(ع)، أم إنّكم تحبّونه ابتداء وبسبب علاقة فطرية، ثم عندما تسمعون بالسهام قد استهدفت جسمه الشريف تلتهب قلوبكم وتحترق حسرة؟!
    إنكم تبكون على الحسين(ع) في هذه الليلة ولم يستقر الحسين(ع) في كربلاء بعد. فكأنكم تبكونه قلقا. لو نظرتم إلى الحسين(ع) هذه الليلة لرأيتموه مشرّدا من منزل إلى منزل فلا يسمح له بالذهاب إلى الكوفة ولا بالرجوع إلى المدينة ولا بالذهاب إلى أي نقطة أخرى...
    ما السبب في بكائكم هذا؟ فلا يمكن أن يكون السبب ثقافيا، فمتى تركت الثقافة تأثيرا بهذا المستوى من العمق على النفوس؟ وكذلك لم يكن السبب فكريّا وإنما هو سبب فطريّ. ولهذا ما إن ترون غربة الحسين(ع) لا تكادون تطيقون. فساعد الله قلوبكم يوم عاشوراء. أنا لا أدري ولكن أحتمل أن يوم عاشوراء تأتي ملائكة السماء وتمسح بجناحها على قلوب شيعة الحسين(ع) لتسكنّها وتخفف عليها لوعة المصاب. فما إن تقتربوا من مقتل الحسين(ع) لعل الملائكة تأتي وتحرف قلوبكم عن ذاك المشهد حفاظا عليكم. الشخص الوحيد الذي سُمح له بمشاهدة المقتل وتجرّع هذا البلاء العظيم إلى آخره هي العقيلة زينب(س) حيث كانت تنظر من التلّ الزيني ما يفعل بسبط رسول الله(ع).
    إن مجلس عزاء الحسين(ع) هو مجلس ازدهار فطرتنا ولهذا السبب نشعر باللذة والانتعاش في هذه المجالس. وهي لذة لا يذوقها أهل العيش والطرب في العالم.
    إنكم لا رأيتم الحسين(ع) ولا سمعتم بصوت الحسين(ع) ولا عشتم غربته عن قرب، ومع ذلك تسكبون الدموع وتنوحون وتصرخون عليه. فلا تلوموا مسلم بن العقيل لبكائه الشديد في دار الإمارة بمرأى أعدائه. حيث رأوه يجهش بالبكاء في قصر عبيد الله بن زياد وكأنه وحيدا لا يراه أحد من أعدائه. كونوا على ثقة بأنه حاول أن يتمالك نفسه ولكنه لم يستطع فقد كان قد سلب ذكر الحسين(ع) قراره وهدوءه. أنتم تعلمون أنه ليس من شيمة الرجل أن يبكي أمام عدوّه ولاسيّما إن كان مكبّل اليد أسيرا بيد عدوّه. وكان مسلم عزيزا باسلا شجاعا؛ حيث لم يجد الحسين(ع) أفضل منه لإعطائه هذه المسؤولية، إنه شخصية عظيمة ولكنه مع ذلك لم يستطع أن يتمالك نفسه عند ذكر حبيبه الحسين(ع)، خاصة وإنه كان قد شاهد الحسين(ع) وأنس بصحبته.
    قال له اللعين عبيد الله: أتبكي فمن يطلب الحكم لابدّ له أن يوطّن نفسه لمثل هذا؛ «إن من يطلب مثل الذي طلبت إذا ينزل به مثل ما نزل بك لم يبك». وكان يعرف مسلم بأنه إذا بكى أمام أعدائه سيستهزأ به ويهان، ومن جانب آخر ما كان بإمكانه أن يفهّم عبيد الله من هو الحسين. كيف يفهّمه مدى تأثير الحسين(ع) على قلوب الناس حتى بعد 1400 عام فضلا عمّن عاش مع الحسين سنين طوال وأنس به وعشقه؟ ماذا يقول مسلم وماذا يجيب؟ فأجاب بما يفهم القوم وقال: «والله إني ما لنفسي بكيت، ولا لها من القتل أرثي... ولكنّي أبكي لأهلي المقبلين إليّ، أبكي للحسين وآل الحسين عليه السلام.»

    ألا لعنة الله على القوم الظالمين

    التعديل الأخير تم بواسطة قبسات ; 14/December/2013 الساعة 9:05 am

  9. #9
    في رحمة الله
    من اهل الدار
    تاريخ التسجيل: November-2013
    الدولة: العراق - بغداد
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 12,348 المواضيع: 179
    التقييم: 5797
    مزاجي: متقلب
    المهنة: طالب قانون
    أكلتي المفضلة: همبركر B|
    موبايلي: IPhone
    الاتصال: إرسال رسالة عبر Yahoo إلى كرار الغراوي
    مقالات المدونة: 12
    دمتم .... لمؤازرة الدين والمذهب

  10. #10
    صديق فعال

    حب الحسين وعلاقته بالفطرة 5

    إليك ملخص الجلسة الثانية من سلسلة محاضرات «حب الحسين وعلاقته بالفطرة» لسماحة الأستاذ بناهيان:




    لقد أقبل الزمان يعود إلى الفطرة/ لابدّ أن نمهد للظهور عبر ثقافة عاشوراء

    نحن نعتبر أحد أهم فوائد هذه المجالس الدينية هو تشخيص ما له الأولوية من بين مختلف المعارف الدينية. ولهذا يحقّ لنا أن نسمي هذه المجالس بمجالس إحياء أمر أهل البيت(ع)، كما عبّر عنها الإمام الرضا(ع). فإن إقامة العزاء في الواقع يعني إقامة الحق، فتارة نتحدث عن الصلاة وتارة نقيم الصلاة وشتان ما بينهما. إن المحاضرات الدراسية في الصفوف ومطالعة الكتب في المكتبات هي كلام وحديث عن الحق، بيد أن أمثال هذه المجالس تهدف إلى إقامة الحق ولا الحديث عنه فحسب. أو على الأقل توفّر أحد أهمّ مقدمات إقامة الحق وهو الحديث عن أهمّ الأولويّات والضروريّات في زماننا وعصرنا هذا. فلم يعد من الفنّ بعد أن لا نتحدث غير الصواب، بل ما نعانيه في هذا الزمان هو عدم تشخيص ما له الأولوية من المواضيع والأحاديث. ولا يخفى أن ضرورة هذا التشخيص لا ترتبط بالقضايا الاجتماعية والدولية أو الإقليمية، بل حتى في مسار حركتنا في السير والسلوك نحو الكمال والقرب الإلهي أيضا نحن معنيون في تشخيص الأولويات.
    إنّ ما له الأولوية اليوم هو أن نعود لمعرفة عاشوراء من جديد. لابدّ لنا من العود إلى أبي عبد الله الحسين(ع) وأن نقوم بتعريف عاشوراء لنا من جديد. لابد أن نستوعب أسرار عاشوراء ونجعل سلوكنا على أساس هذه الأسرار ثم نمهّد للظهور على أساس الأحكام والأوامر التي توجهه لنا واقعة عاشوراء. لابدّ أن نجعل من أسرار عاشوراء رمزا لحركتنا الفردية والاجتماعية في سبيل نيل القرب الإلهي وتحقيق ظهور الإمام(عج).
    أما لماذا أصبح عصرنا اليوم بحاجة إلى الحسين(ع) ولماذا حان وقت عود المجتمع البشري إلى أبي عبد الله(ع)؟ وبعد أن أخذ يعود الإنسان إلى فطرته لماذا لابدّ أن يرجع إلى الحسين الفطري من بين مختلف نزعاته الفطرية؟ فجواب كلا هذين السؤالين هو الحديث النبوي الشريف حيث قد اعتبر حبّ الحسين(ع) وحرقة القلب من أجله أمرا فطريا. وذلك قوله: «إِنَّ لِقَتْلِ الْحُسَیْنِ‏ حَرَارَةً فِی‏ قُلُوبِ‏ الْمُؤْمِنِینَ‏ لَا تَبْرُدُ أَبَداً»[مستدرك الوسائل/ج10/ص318] فكأن قلب المؤمن يبتغي حِجة ليذكر عنده اسم الحسين(ع) لتنهمر دموعه قبل أن يسمع عنه شيئا، وبعد ذلك يتساءل كما تساءل أبوه آدم(ع) عن الحسين(ع) أن يا ترى من هو الحسين(ع) الذي ملأ قلبي حرارة وحرقة؟! ثم بعد ذلك يأتي دور ذكر مصائب الحسين(ع)، من بعده يروى له ما جرى في التاريخ. لماذا قال النبي(ص): «... لا تبرد أبدا»؟ لأن النزعات الفطرية هكذا خالدة لا تبرد ولا تزول، ولكنها مزدهرة وفعّالة في قلب المؤمن دون غيره.
    ولكن في سبيل أن يتضح الموضوع أكثر، لابدّ لي من الإشارة إلى أمرين؛ أحدهما هو علاقة الزمان بالفطرة، والآخر هو علاقة الفطرة بأبي عبد الله الحسين(ع). وهناك موضوع آخر لن نتطرق إليه وهو علاقة أنفسنا بأبي عبد الله الحسين(ع)، إذ أنتم الآن تعيشون هذه الحقيقة ولكم بها علم حضوري، فلا داعي لأن نتحدث ونبرهن لبديهيات.
    لعلك تسألني كيف أحب الحسين(ع) ويحترق قلبي من أجله فطريا؟ فحسبك أن تتأمل في نفسك كي تجد هذه الحقيقة. حيث إنك لا تبكي على أي مظلوم حتى وإن قطّع جسده مثل ما تبكي على الحسين(ع). حتى قد يعترض البعض ويقول لماذا لا نقيم العزاء على باقي أئتمنا(ع) الذين استشهدوا ظلما وعدوانا مثل ما نقيم العزاء على الحسين(ع). والجواب هو أن هذه الظاهرة تعود لحقيقة فطرية مختصّة بالحسين(ع) دون غيره من أولياء الله. إنها معجزة إلهية تعيشها بكل وجودك ولا داعي للحديث عنها كثيرا. فلنتحدث عن الفطرة وأن هل قد حان في هذا العصر وقت عودة الناس إلى الفطرة؟ وإذا كانت فطرة الإنسان تنطوي على شتى المعارف والنزعات لماذا لابدّ لهذا العصر حين عودته ورجعته إلى الفطرة أن يعود إلى الحسين الفطري؟!
    أحد المواطن التي تجعل الإنسان يعود إلى فطرته هو مواطن الفشل والخيبة والانتهاء إلى طريق مسدود. وأساسا يبتلي الله عباده ويصبّ عليهم البلايا والرزايا لعلهم يرجعون إلى فطرتهم. فقد قال الله سبحانه وتعالى: (وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى‏ أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ)[الأنعام/42]. وهذا هو التضرع الذي يأخذ بيد الإنسان إلى الخلوص.

    وكذا المجتمع البشري شأنه كشأن الفرد الواحد عندما ينتهي إلى طريق مسدود يعود إلى فطرته/ وقد حان وقت عود المجتمع البشري إلى فطرته

    يقال في البراهين الفطرية لإثبات الله سبحانه: عندما تتنقطع بك جميع السبل تبقى تبحث عمّن يأخذ بيدك وينقذك من ورطتك وهذا هو الله الرحيم. كما عندما تنقطع السبل بالإنسان وتغلق بوجهه الأبواب ويقنط عن كلّ شيء حينئذ يرجع إلى فطرته، كذلك المجتمع البشري عندما ينتهي إلى طريق مسدود، يعود إلى فطرته. إن أصل العودة إلى الفطرة عند انقطاع السبل سواء بين الفرد والمجتمع، ولكن يمكن أن يحصل هذا في أيّ وقت لأفراد الناس، بينما لا يحصل للمجتمع إلا بعد دهر طويل من حياة وحركة وتطوّر، وقد حان اليوم وقت هذه العودة إلى الفطرة للمجتمع البشري.
    إن فلسفة البلايا والرزايا هي شروق الفطرة في قلب الإنسان المظلم. إن الطرق المسدودة وحالات الخيبة والكآبة تُرجِع الإنسان إلى فطرته، وحسب الإنسان في هذا الوقت شيء يسير من الهداية والتوعية والإرشاد. لقد حان اليوم للبشريّة أن يعودوا إلى فطرتهم وإنّ الجمهورية الإسلامية المقدسة وهذه الثورة العظيمة إنما هي من أجل الأخذ بيد الناس لإرجاعهم إلى فطرتهم وبعبارة أخرى إنما دورها هي «بناء الإنسان». لقد قال الإمام الخميني(ره): «... إن لثورتنا الإسلامية أبعادا مختلفة: هي ثورة من أجل الإطاحة بالنظام الفاسد، وثورة من أجل إقامة نظام حق، ونأمل أن تكون ثورة لبناء الإنسان وبناء حكومة إنسانية».[صحيفة الإمام(الفارسية)/ج8/ص317].

    يتبع إن شاء الله...

صفحة 1 من 4 123 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال