بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

العلاقة بين عبادة الهوى والغفلة عن الله

الروح الإِنسانية تخضع إِمّا لله تعالى أو للأهواء، حيثُ لا يمكن الجمع بين الإِثنين، فعبادة الأهواء أساس الغفلة عن الله وعبادة الله; عبادة الهوى هي سبب الإِبتعاد عن جميع الأُصول الأخلاقية; وأخيراً فإنَّ عبادة الهوى تُدْخل الإِنسان في ذاته وتبعده عن جميع حقائق العالم.

إنَّ الإِنسان الذي يعبد هواه لا يفكِّر إلاَّ في إِشباع شهواته، ولا يوجد لديه معنى للفتوّة والعفو والإِيثار والتضحيه والشيم المعنوية الأُخرى.
وقد اوضحت الآيات محل البحث الربط والعلاقة بين الإِثنين بشكل جلي في قوله تعالى: (ولا تُطع مَن أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فُرطا).
لقد طرحت الآية أوّلا (الغفلة) عن الله تعالى، ثمّ ذكرت بعدها (أتباع الهوى)، والطريف أنّ نتيجة هذا الأمر هو الإِفراط وبالشكل المطلق الذي ذكرته الآية.
لماذا يكون عابد الهوى مُصاباً بالإِفراط دائماً؟
قد يكون السبب أنَّ الطبيعة الإِنسانية تتجه في الملذات المادية نحو الزيادة دوماً، فالذي كان يشعر بالنشوة بمقدار معين مِن المخدرات، لا يكفيه نفس المقدار في اليوم التالي لبلوغ نفس درجة النشوة، بل عليه زيادة الكمية بالتدريج، والشخص الذي كان يكفيه في السابق قصر واحد مجهَّز بجميع الإِمكانات وبمساحه عدة آلاف بين الأمتار، يصبح اليوم إِحساسه بهذا القصر عادياً، فينشد الزيادة. وهكذا فى جميع مصاديق الهوى والشهوة حيث أنّها دائماً تنشد الزيادة حتى تهلك الإِنسان نفسه.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء التاسع