أمام رقعة الشطرنج جلست متململة في مواجهة أبي الذي قرر أن يعلمني الشطرنج =(
طوال سنين بكل عناد كنت أرفض تعلم اللعبة .. لم عليّ أن أضحي بالجميع من أجل أن يبقى الملك !! ولماذا أضيع وقتي بالتفكير و التخطيط !! لماذا لا أتصرف بشكل عفوي أليس ذلك أصدق ؟!!
رقعة من 64 مربعاً تتوضع أمامي .. 8 جنود قلعتين .. فيلين .. وزير وملك ... يستعدون لبدء المعركة .. لبدئ الحرب .. و لعبة موغلة في التاريخ احتار الناس من قدمها هل هية مصرية .. فارسية .. صينية أم هندية ... هل تحتاج الحياة لكل هذا التعقيد ..
كل هذه الشكاوى كان يسمعها والدي مبتسماً وهو يقول هل انتهيت الآن ؟ وهل أستطيع أن أبدأ بالكلام ؟؟
خجلت وسكت مندهشة حين بدأ أبي الحديث ... بنيتي .. أنت تلعبين الشطرنج ليس منذ اليوم .. بل منذ عصور .. منذ دهور ... بل ربما من قبل أن تولدي حين بدأناه جيلا ً بعد جيل ..
ظننت أبي يمزح فلا أذكر من عائلتنا بطلاً واحداً في اللعبة .. لكن وجهه لم يوح لي بالمزاح بحال من الأحوال .. صمتت وأنا أترقب المزيد من هذا الحديث الغريب!!
أتذكرين حين أيقظتك لصلاة الفجر البارحة ؟؟ حين قمت إلى الصلاة رغم أنك تشعرين بالنعاس ؟ كنت تلعبين الشطرنج .. وكنت قد ربحت الجولة ..
بدأت أحاول الفهم حين تابع .. ذاك اليوم حين أغضبت أمك بكلمة قاسية .. كنت تلعبين الشطرنج .. وللأسف كنت قد خسرت الجولة..
وهكذا يا ابنتي .. حياتنا رقعة شطرنج .. لعبة تنتهي بنا ..صراع بين الأبيض و الأسود .. بين الخير و الشر .. بين الواجب و الأمنية ..
ليس الملك مهماً لأنه هو الملك .. بل لأنه ذاتك و لأن انتصارك هو انتصار على ذاتك .. ولا يمكن أن يتم دون تضحيات..
ابتسمت .. توضح الدرس في ذهني أكثر .. سألت والدي .. مادام هذا هو الدرس الذي تريده مني فقد عرفته فلماذا عليّ أن أتعلمها
بصبر أجاب .. هل تعلمين طول مدة المباراة في الشطرنج ؟ أطول مبارة شطرنج تستغرق نظرياً 4949 نقلة بين الطرفين المتبارزين ..هذا يعني مدة طويلة من الزمن.. وبالتالي أريدك أن تتعلمي و تتذكري أن الصبر مفتاح النجاح..قد ينجح الباطل في جولة لكن المهم أن لا يربح المباراة !
وضعت الرقعة أمام أبي بفخر .. قلت له .. صعب أن أغلبك و أنت تعلمني الحق .. لكنني سأتعلم كيف أنصر الحق على يديك