رحلتي مع البارود ( الحلقة الثالثة )
كان ولعي بالملح الاسود البارود هو ما جعلني مصراً على انتاجه وهو ما ترتب عليه محاولات عديدة كان مصيرها الفشل الا انه وبالنهاية قمت بانتاجه والغور فى اسراره .
نتابع اليوم حلقاتنا السابقة ( الحلقة الاولي - الحلقة الثانية ) عن رحلتي مع البارود
وصلنا فى الحلقة الماضية اننى توصلت الى تصنيع بارود كانت قوته فاشلة لخلل فى المكونات وعليه استمر البحث فى انتاج المادة المشتعلة الا اني وصلت فى الغالب لطرق مسدودة , خاصة واننى فى مجتمع مدني ومسالم ولا تتوفر به ما يتوفر فى دول العالم ذات الطابع العسكري او من مرت بحروب وانتشار السلاح والمتفجرات .
كنت اقوم بزيارة عجوز من الجنسية الباكستانية كان يملك محل متواضع وبسيط يقوم به بممارسة عمل تصليح الاسلحلة الخاصة بالصيد , كنت اذهب له لتعيير نيشان بندقيتي الهوائية او تصليح بعض القطع بها او شراء اكسسوارات بسيطة .
كان الرجل لا يعيرني اهتمام بواقع سني ولاسئلتي الكثيرة وايضاً لاشغاله فى مهمات لا تدر الكثير من المال عليه , وعليه فكرت فى طريقة اقوم باستمالته وان اكون معه صداقة لاستحوذ على معلوماته وخبرته الطويله فى الاسلحة .
وبما انى لا املك اي شيئ ممكن ان يلفت انتباهه فقد فكرت فى اثارة شهيته بالمأكل وعبر اهدائه شئ نادر وعليه قمت باعطائة زبدة الغنم النادرة والتي لا يأكلها الا مربين الاغنام وعلى نطاق ضيق لما تحتاجه من جهد فى انتاجها ولتوفر الزبد المستورد .
بهر الرجل بما احضرته له وكان سعيداً جداً بهذا العطاء وقد وعدته ان احضر له المزيد فى كل زيارة لى , تحول الرجل من وجهه المتجهم الى السعادة فى رؤيتي وانا احمل له كميات قليلة من الزبدة حتى انه اخذ يقدم لى خدمات مجانية فى تصليح بندقيتي او صيانتها .
كانت الاجواء لدينا متكهربه بسبب وجود اعمال ارهابية ضد مصالح الدولة والمصالح الاجنبية وقد حدثت انفجارات قام بها مناصرين ايران بسبب مناصرة بلادي للعراق فى حربها مع ايران , كانت اعين الدولة متشددة وتقوم بين فترة واخري بضبط الجناة مما خلق وضع مرعب راح ضحيته العشرات وعليه الحديث عن البارود مع الخبير الباكستاني لا بد ان يكون بحذر وحيلة .
احضرت له فى يوم من الايام بارود قمت بتصنيعه وطلبت منه اظهار اسباب فشلة , صعق الرجل بالبداية وانتابه شعور بالخوف الا انى شرحت له انها مسابقة مدرسية فى علم الكيمياء مع مدارس اخري لمن يقوم بتصنيع افضل نوعية من البارود , ضحك الرجل وقال مسابقة فى تصنيع البارود , الا انه ولجهله انطلت عليه الحيله وقام بتجربة البارود , ثم قال لى كيف صنعته وعند شرحى له ضحك كثيراً وقال انها طرق بدائية لا يمارسها اليوم حتى الجنكل ( الجنكل هي فئة من الشعب الباكستاني متخلفه وبدائية وعدائية ) جاملته بالضحك رغم امتعاضى من تشبيهه فقال لى اين المواد التي جمعت منها البارود , فاحضرت له لاحقا الكبريت والملح الصخري والفحم المنعم , الرجل بخبرته قال لى ان كبريت مدارسكم مخفف جداً وهو العله الاساسية وكذلك الملح المنتج من الروث كانت نسبة البوتاسيوم به ضئيلة وغير مستخلصه بشكل جيد اما الفحم فكان اعتيادياً ان يكون جيد .
قلت له وكيف احصل على النوع الجيد من الكبريت والملح الصخري , قال لى ان الكبريت الجيد يعرف من مجرد مسكه حيث انه يتفاعل مع حرارة اليد ويصدر اصوات لو وضعته على اذنك , اما الملح الصخري فهو ينتج بشكل جيد وموجود بالسوق هو والكبريت الجيد ويباع لانعاش الاراضى الزراعية .
لقد ادت زبدة الغنم التي تنتجها والدتي من اغنامنا اكتشاف عظيم ومذهل عبر سرقة اسرار الصنعه من الخبير الباكستاني وبسبب الزبدة كلفته باحضار كميات قليلة من صديقه بائع المستلزمات الزراعية
عملياً يستخدم البوتاسيوم لاعطاء الحراره وتدعيم التربة الصحراوية بالمكونات الغذائية اما الكبريت فهو لمحاربة الآفات الزراعية وخاصة سوسة النخيل
واعدته للعودة بعد ثلاثة ايام وانا اعبر له عن امتناني لمعلوماته وانى ساتقاسم معه مبلغ المئة دولار للناجح فى المسابقة المدرسية وانى ساحضر له زبدة غنم طازجة الا انه قال باحراج بانه يشتهي الدهن الحر معها وهنا ضحكت وقلت له هو جيد لكبار السن من امثالك وساحضره لك
كنت انتظر على جمر انتهاء مدة الثلاثة ايام وقد رتبت افكاري لاسئلة اخرى وكانت مطالبي هي افضل الصنعات للبارود والاهم كيف انتج الفتيل الذي يشعل البارود عن بعد
وبعد انتهاء المدة ذهبت له واخترت وقت الظهيرة حتى اخلو به ويبيح لى بالمزيد من الاسرار وقد كان سعيد برؤية العلبة التي تحتوي الزبدة وكذلك القنينة المغلقة باحكام والتى تحتوي على الدهن ذو الرائحة النفاذه , شعرت انه اسعد بمقدمي من سعادتي لاستلام المواد ومباشرة قام باخراج اكياس تحتوي على مواد احدها يحتوي على بودرة صفراء والاخر بودرة بيضاء الى سكرية اللون
شرح لى باسهاب عن خطورة التعامل معها ويجب ان تكون تحت اشراف المعلم ونبهنى عن عدم اخبار احد بانه احضرها لى وهنا بادرته بالسؤال عن الفتيل فقال لى ايضا تصنعه من البارود عبر انقاع خيط من القطن بالبارود السائل وان كنت تريد فتيل لا ينطفى بالظروف الجويه الماطرة غلفه لاحقاً بالشمع فهو يمنع وصول الرطوبه والماء للفتيل وكذلك يكون اشتعاله بشكل جيد
شكرته وذهبت مباشرة لمعملي الكيميائي البسيط وباشرت العمل وبعد ساعات كانت التجربة ، وعند التجربة كانت النتيجة مذهلة الى ابعد الحدود
اخيرأ لدي بارود يشتعل بشكل مذهل ومباشرة فكرت بتصنيع مفرقعه بدائية من افكاري .
قمت باعادة تصنيع البارود بكمية اكبر واحضرت مستلزمات المفرقعة وهي علبتين معدنيتين للمشروبات الغازية وخيط من القطن لانتاج الفتيل المشتعل
بعد انتاج الفتيل والذي ظهر بشكل جيد وفعال قمت بملئ العلبتين بالبارود وانزال الفتيل بهما ومن ثم عزلها بالنهايه بمادة السليكون بشكل جيد .
فى اليوم التالي اخذت المفرقعات المصنعة لتجربتها وذهبت الى اغنامنا فى جو شتوي غائم وفى معزل عن اي عيون تري او آذان تسمع ، كانت تجربتي الاولى فى الهواء الطلق حيث اشعلت العبوة وركضت كثيراً مبتعداً عنها لجهلي بمدى قوتها , ووقع انفجار كبير تردد صداه كثيراً مع احداث زوبعة من الرمال والغبار وقليل من الحصى المتطاير وصل الي
فكرت ماذا افعل بالاخري ولا بد من تجربة عملية اكثر تطوراً وقد انتبهت الى جحر بالارض علمت بخبرتى انه مشغول بكائن ثديي بسبب اثار اقدامه , كانت فتحت الجحر عميقة ولم اشاهد اي شيئ بالداخل فقمت بوضع العبوة بداخلها ومن ثم ردم الفتحة مع اعطاء مجال للفتيل للوصول الى العبوة
كانت الفكرة رهيبة حيث ان الانفجار سيقع بمنطقة محصورة مما سيتسبب بحدث اكبر من سابقه , اشعلت الفتيل وركضت مجدداً وبت اراقب من بعيد اشتعال الفتيل ودخوله الى الحفرة مع العد العكسي لوقع الانفجار ، وحدث الانفجار وكان رهيباً جداً حيث انتزع الجحر بكامله وارسله بالهواء ، لقد كان انفجار بمعنى الكلمة صوت وطاقة ودخان ، ذهبت للجحر الذى كان جحر فى ما مضى وهالنى ما شاهدت ، انها اشلاء ابن اوي ( واوي او ثعلب صغير ) متناثره حول الانفجار ، اطرافه ورأسه وحاشيته والدماء تقطر منها ، لقد فتكت به المفرقعة بشكل رهيب وبت اتأمل ماذا يحدث لى لو انفجرت بي اثناء تصنيعها بالخطأ
نتابع لاحقاً احداث رحلة البارود