" لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال " قال : فإن بحرا كان من اليمن وكان سليمان أمر جنوده أن يجروا لهم خليجا من البحر العذب إلى بلاد الهند ، ففعلوا ذلك وعقدوا له عقدة عظيمة من الصخر والكلس حتى يفيض على بلادهم ، وجعلوا للخليج مجاري ، وكانوا إذا أرادوا أن يرسلوا منه الماء أرسلوه بقدر مايحتاجون إليه ، وكانت لهم جنتان عن يمين وشمال عن مسيرة عشرة أيام فيمن يمر لاتقع عليه الشمس من التفافها ، فلما عملوا بالمعاصي وعتوا عن أمر ربهم ونهاهم الصالحون فلم ينتهوا بعث الله على ذلك السد الجرذ وهي الفأرة الكبيرة ، فكانت تقلع الصخرة التي لايستقلها الرجل وترمي بها ، فلما رأى ذلك قوم منهم هربوا وتركوا البلاد ، فما زال الجرذ تقلع الحجر حتى خربوا ذلك السد فلم يشعروا حتى غشيهم السيل وخرب بلادهم وقلع أشجارهم وهو قوله : " لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال " إلى قوله : " سيل العرم " أي العظيم الشديد " فبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط " وهو أم غيلان " وأثل " قال : هو نوع من الطرفاء " وشئ من سدر قليل * ذلك جزيناهم بما كفروا " إلى قوله : " باركنا فيها " قال : مكة " فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث " إلى قوله : " شكور " .