جميعنا بشرٌ، وجميعنا له هفواته وأخطاؤه، كما أنَّنا لسنا كاملين، فالكمال لله وحده ولذلك فقلَّما نجد شخصاً لا يمتلكُ عيباً، أو أكثر في شخصيته، وهذا أمرٌ طبيعيٌّ جداً، وصحِّيٌّ، فالمثالية حلمٌ يصعبٌ تحقيقه ولكن ونظراً لأنَّ هناك بعض العيوب التي يمكنُ أن نتغلَّب عليها ببعض الطرق...
فهناك أيضاً عيوبٌ يكاد يكون مستحيلٌ التخلُّص منها، ومن هنا أوضحت الباحثة الاجتماعية (نجوى صالح) بأنَّ الحقد أحد عيوب البشر الشائعة، ولكنَّها قدَّمت نصائح وطرقاً تخلِّصكِ من أحقادكِ أو على الأقلِّ جزء منها..
افترضي حُسن النِّية أولاً
تنصحُ الباحثة الاجتماعية من تشعرُ بأنَّها تُكِّن الأحقاد، والكره للآخرين بسبب موقفٍ ما، أو حادثةٍ معينةٍ أن تفترض حُسن النِّية، وأن لا تحكم على الأمور بطريقةٍ متسرِّعةٍ، وسيئةٍ دائماً، بل عليها أن تفترض أنَّ من تتعامل معه لا يقصدُ الإساءة ولا حتَّى جرح مشاعرها،
وأنَّ ما حدث قد يكون زلَّة لسانٍ أو تصرُّفاً خاطئاً عن غير قصدٍ، وذلك بالنظر ـ أحياناً للأمور بطريقةٍ إيجابيةٍ فقد يكون ذلك أسلوباً جيداً، ومجدياً للتخلُّص من الأفكار السيئة تجاه الآخرين والتي قد تتحولُ دون أن نشعر إلى الكره، والحقد الذي سيكبر، ويزداد مع مرور الأيام.
لا تُدقِقي على الأمور البسيطة ( توافه الأمور)
إذا كنتُ من النَّوع الذي يُدقِقُ على أبسط الأمور، وأدقِّها فتأكَّدي أنَّكِ لن ترتاحي أبداً، ولن تتخلَّصي من أحقادكِ على الآخرين، وسوف تتنقلين من حقدٍ إلى آخرٍ بشكلٍ مستمرٍ، ولذلك عليكِ ألَّا تُعيري توافه الأمور أكبر من حجمها،
وأن تحاولي تحكيم عقلكِ، وأخذ الأمور بعقلٍ، وحكمةٍ أكبر حتَّى تستطيعي تجاوز الكثير ممَّا حولكِ من الأمور التي قد لا تُؤثِّر علينا إذا ما أهملناها ولكنَّها قد تشعلُ ناراً لا تنطفئ إذا ما دققنا عليها بشكلٍ مبالغٍ فيه،
فيمكنكِ في أحيانٍ كثيرةٍ ـ مثلاً ـ أن تتجاوزي تعليقات حماتكِ «والدة زوجكِ» إذا ما صدر منها تعليقٌ، أو كلمةٌ ما، دون أن تأخذي الأمر وكأنَّها تعمَّدت إغاظتكِ أو مضايقتكِ،
وبذلك ستسير الأمور ولن تتوقف عند تلك الكلمة التي يمكنها أن تمرَّ بسلامٍ دون أن تترك أثراً سيئاً عليكِ، لأنَّكِ تصرَّفتِ بحكمةٍ، وأهملتها، وتذكَّري أنَّكِ قد تضايقينها أيضاً في بعض الأحيان بكلماتٍ، أو تصرفاتٍ لم تعنيها حقاً.
ضعي نفسكِ مكان الآخرين
في كثيرٍ من الأمور، والمواقف نصدرُ حكمنا دون أن نفكِّر بطريقة الآخر، وهذا في أحيانٍ كثيرةٍ يتسبَّب في حقدٍ، وكرهٍ لا ينتهي، ولكن إذا ما وضعنا أنفسنا في الجهة الأخرى، ونظرنا للمواقف من وجهة نظر الآخرين فقد يكون في ذلك أسلوبٌ، وطريقةٌ ناجحةٌ في تفهُّم مواقفهم،
وما الذي دفعهم إلى التَّصرف بطريقةٍ معينةٍ، ففي أحيانٍ كثيرةٍ تصدر بعض التَّصرفات ممَّن حولكِ وأحياناً منكِ أنتِ أيضاً تحت ضغوط العمل، أو مشاكل الحياة المختلفة، وهذا لا يعني أن تسمحي بأن تكوني كبش الفداء لكلِّ من أراد التنفيس عن مشاكله وهمومه لينفث بها على وجهكِ،
ولكن قد تحتاج الحياة والتَّعامل مع الآخرين إلى نوعٍ من السياسة والصبر لتفادي الكثير، وفي أحيانٍ كثيرةٍ يكون هذا أكثر الأسباب التي تولِّد الضغينة والحقد بين النَّاس.
تعلَّمي فنَّ التَّسامح وأنَّ العفو عند المقدرة
التَّسامح فنٌّ لا يتقنه الكثيرون منَّا، رغم أنَّه أنجح الطرق للتخلُّص من أحقادنا وضغائننا على الآخرين، فالبعض يتصرَّف بطريقةٍ تفتقر للعدل والتَّسامح، فيُنصِّبون أنفسهم الحكم، والجلَّاد في ذات الوقت،
ولا يعترفون بالتَّسامح والغفران رغم أنَّنا جميعاً بشرٌ، وكلُّنا خطَّاؤون، وإذا ما فكَّرنا بالأمور من هذا المنطلق فسنعلم أنَّ التَّسامح ـ وهو ما أوصى به ديننا الإسلاميُّ الحنيف ـ يفسح مجالاً لجو من الألفة، والمحبة بين النَّاس ويبعد الضغائن، والأحقاد.
وفي أحيانٍ كثيرةٍ نتناسى أنَّنا نحن أيضاً نُخطئ في ـ بعض الأحيان ـ في حقِّ الآخرين، ونتصرَّف وكأنَّ الخطأ مسموحٌ به، وأحياناً نظنُّ أنَّنا ملائكةٌ لا نُخطئ أبداً ولا نتسببُ بضيق، أو غضب للآخرين،
ولكنَّ هذا أكبر خطأ قد نقعُ فيه، فليس منَّا من هو معصومٌ عن الخطأ، ولذلك فكما نرجو العفو ممَّن نتعامل معهم في حال صدر منَّا ما يزعجهم، فعلينا بالمقابل أن نكون أكثر عفواً، وتسامحاً حتَّى لو كان الخطأ مقصوداً، ولا بدَّ أن نتذكَّر أنَّه «كما تدين، تدان».
اعلمي أنَّ الحقود هو من يخسر أخيراً
هذه حقيقةٌ لا فصال، أو نقاش فيها، تأكَّدي أنَّ حقدكِ لن يعود على أحدٍ بالتَّعب أو الألم سوى على شخصكِ فقط، فغالباً لن يعلم الطرف الآخر بأنَّك تُكنين له الحقد أو الكره، وقد لا يبالي أحياناً حتَّى وإن علم بذلك،
ولكنَّكِ أنتِ فقط من ستحترق بنار الكره والحقد التي ستأكلكِ، وستأخذ حيزاً كبيراً من مشاعركِ، وأفكاركِ، وكلَّما زاد عدد من تحقدين عليهم سيزداد ذلك الشعور السيئ لديكِ، وسيزداد بالمقابل عدد الحاقدين عليكِ، والكارهين لكِ دون أن تدركي ذلك.
لا تفكِّري في الموضوع أكثر من اللازم
حاولي تجنُّب التفكِّير في الأمور، والمواقف التي تضايقكِ، وتزعجكِ ممَّن حولك بشكلٍ كبيرٍ، بل عليكِ أن تكوني أكثر بساطةً من ذلك، حيث إنَّ التفكِّير في موقفٍ معينٍ أكثر من اللازم قد يصلُ بكِ لأمور وتشعُّباتٍ لا تتوقعينها،
ولذلك فالأفضل إعطاء الأمور قدر حجمها، وألَّا تأخذ حيزاً كبيراً لا تستحقه، فلن تكون النتيجة من هذه الطريقة في التفكِّير إلَّا أنَّها ستصل بكِ إلى الحقد على الآخرين، والسبب يكمن في عقلكِ وحدكِ لأنَّك أنتِ من سمح للحقد والضيق أن يتسلَّل إلى تفكيركِ بهذه الصورة.
تعلَّمي مواجهة الآخرين
لا تخفي غضبكِ، أو تضايقكِ من موقفٍ، أو تصرُّفٍ معينٍ فهذا من دوره أن يزيد الأمور سوءاً حتَّى بعد أن تنتهي، ولذلك فعليكِ بمواجهة من صدر منه موقفٌ ما أدَّى إلى غضبكِ، أو جرح مشاعركِ،
فقد تكون الأمور مغايرةً تماماً لما فهمته، أو وصل لكِ، وأنَّه لا يتعدَّى مجرَّد سوء فهمٍ من قبلكِ أو سوء تعبيرٍ من الآخر، والمواجهة ستكون الفيصل في تلك المواقف، وستضع حدّاً لأفكاركِ التي قد تقودكِ إلى الضغينة، والحقد، والتَّحامل اللامبرر له سوى أنَّكِ تكتَّمتِ على مشاعركِ، وردود أفعالكِ، ولم تتقدمي بخطوةٍ تخلِّصكِ من ذلك عن طريق معرفة السبب وراء موقفٍ أو كلامٍ ما.