TODAY - 23 June, 2011
المحاصصة الحزبية تدخل بورصة التعيينات بقوة
17الفا يتنافسون على 100 وظيفة في احدى الجامعات.. و«المقربون أولى..»
بغداد -جريدة العالم
يبدي آلاف الشباب والعاطلين عن العمل خيبتهم من الدرجات الوظيفية التي اعلنها رئيس الوزراء في شباط (فبراير) الماضي، مؤكدين انها دخلت في "روتين الوزارات" و "محاصصة الاحزاب"، واستفراد "المقربين".
وكانت الحكومة العراقية اعلنت في 27 شباط (فبراير) الماضي عن اطلاق مئات الآلاف من الدرجات الوظيفية وحصر التقديم لها عبر المواقف الالكترونية لكل وزارة بهدف منح المتنافسين فرصة متساوية و الحد من حالات الفساد.
وفي حديث لـ "العالم" يؤكد استاذ في الجامعة المستنصرية، طلب عدم الكشف عن هويته لحساسية الموضوع، ان "80 % من حصة الجامعة ذهبت لتثبيت اصحاب العقود"، لافتا الى ان "الجميع يعلم ان العقود هم من شريحة (المقربون اولى بالمعروف) فلا يمكن لمواطن عادي الحصول على عقد في دائرة، فما بالك بجامعة"، ويضرب مثالا على ذلك بالقول "انا شخصيا قدمت للحصول على وظيفة بعقد لأحد ابنائي، لكن المعنيين رفضوا الطلب بشدة".
ويضيف ان "نسبة النسبة 20 % المتبقية مشمولة بالمحاصصة، فالمستنصرية موزعة كحصص بين احزاب وميليشيات".
وفيما يصف الاستاذ في الجامعة المستنصرية، عملية التقديم القانونية بالـ"بدعة"، يؤكد ان "اللجان، التي ستناقش عملية المفاضلة والاختيار، شكلية".
وفي السياق ذاته، كشف مسؤول حزبي لـ "العالم" عن "تلقي وزير يشغل وزارة خدمية كبيرة، طلبات من اعضاء البرلمان لحصر جميع الدرجات باعضاء الحزب فقط"،
ويضيف المسؤول الحزبي، الذي طالب بعدم كشف هويته، ان "المشكلة التي نواجهها حاليا هي عدم وجود تخصصات معينة داخل حزبنا"، ويؤكد ان "التعيينات في اغلب الوزارات تتم بهذه الصيغة، أي ان كل حزب اقتطع حصة الوزارات التي يسيطر عليها لصالح اعضاء حزبه".
المتحدث باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، قاسم محمد، قال لـ "العالم" ان "عدد الدرجات الوظيفية التي خصصت لوزارة التعليم لعامي 2010 و2011 بلغت 4263 درجة موزعة على 22 جامعة ومكتب المفتش العام، وحصة مركز الوزارة 63 درجة فقط والبقية للجامعات التي تعين في ضوء احتياجاتها والتخصصات المطلوبة".
واوضح محمد ان "التقديم للوظائف اعلن في 14 من نيسان (ابريل) من العام الجاري، واستمر التقديم شهرا واحدا وعلى وفق استمارة الكترونية"، الا انه يقر ان "بعض الجامعات اعتمدت حضور المتقدم مباشرة، والآن نحن في مرحلة مقابلة المتقدمين".
واضاف المسؤول في وزارة التعليم العالي بالقول "بعض الجامعات تحتاج لتخصصات محددة، مثل الجامعات الهندسية، اما الوزارة فخصصت 40 % من الدرجات لتثبيت العقود".
وبشأن معايير المفاضلة بين المتقدمين، يوضح مدير اعلام التعليم العالي، ان "من بين درجات المفاضلة الأولوية لخريجي الاعوام السابقة، اما الاعمار فهي شروط قانونية تحكم جميع الدوائر العراقية باستثناء حملة الشهادات العليا التي حددت بدورها لاعمار معينة".
ولافتا الى وجود "كوتا نسوية في توزيع الدرجات"، لكنه يقول "اننا في مرحلة المقابلة ولا يمكن التوصل للنسبة الا بعد ظهور اسماء المعينين، لكن بشكل عام سيتم تخصيص نسبة عالية للمرأة".
وعن وجود شكاوى من عدم اعتماد مبدأ الشفافية في التعيين، قال محمد ان وزارته "راعت مبدأ الشفافية وتم الاعلان عن جميع الدرجات من خلال المواقع الالكترونية، وحتى اعلن عنها في محطات تلفزيونية، بحسب الضوابط، وتم تشكيل لجان داخل كل جامعة وممثل عن المفتشية العامة وممثل عن الوزارة للنظر في الطلبات وبحسب النقاط التي تتناول التخصص وسنة التخرج ومحل السكن وغيرها".
وعن ابرز المعوقات التي تواجهها وزارة التعليم، يوضح المتحدث باسم الوزارة "مشكلتنا في التعيين تكمن في الاعداد الكبيرة للمتقدمين على التعيين، وعلى سبيل المثال، فإن احدى جامعاتنا خصصت لها 100 درجة ووصل عدد المتقدمين 17 الفا، وهذا ينطبق على جميع المؤسسات التعليمية والبالغة 42 معهدا و22 جامعة، كلها اشتركت بـ 4236 درجة".
وينتقد مئات الخريجين والباحثين عن فرص العمل في المؤسسات الحكومية آليات التعيين التي وضعتها كل وزارة، معتبرين انها لا تتمتع بـ"الشفافية"، لا سيما طريقة التقديم الالكتروني. وتترد احاديث، لم يتسن لنا التحقق من صدقيتها، بشأن قيام بعض الجامعات بحجب درجاتها الوظيفية المخصصة من قبل الوزارة وابقائها "طي الكتمان".
وليس حال التعيينات في الوزارات الاخرى بافضل من التعليم، التي اخذت حصة الاسد كما يقول البعض، فقد اعلنت مصادر برلمانية مؤخرا عن اكتشاف "19 الف درجة وظيفية وهمية" في وزارتي الدفاع والداخلي، فيما يتوقع مراقبون ان يتم اضعاف هذا الرقم اذا ما تم تفعيل عمل المفتشين العموميين بشكل حقيقي.
ويتحدث ابراهيم سعيد، احد الباحثين عن فرصة عمل في احدى الوزارات، لـ "العالم" بمرارة بالقول ان "السخرية تكمن في ان بعض مواقع الوزارات وضع فقرة تشير الى اشتراط عدم التقديم الى أي وزارة اخرى، وكأن تعيين المتقدم امر مفروغ منه ".
ويضيف ابراهيم "العكس هو الصحيح، فهم متيقنون جدا من انها عملية تمويه، فالملايين قدموا من خلال الانترنت، لكن المعينين محددون سلفا".