اما مفهوم الدائن و المدين فهو مرتبط بنظرية القيد المزدوج
نعرض أولا لمعني القيد المزدوج المعروف لنا جميعا :
هو اثبات لعملية تجارية لها طرفان : أحدهما مدين ، والآخر دائن ......
الطرف المدين هو من تثرى ( تزداد ) ذمته بمقدار ما أخذ
والطرف الدائن هو من تفتقر ( تنقص ) ذمته بمقدار ما أعطي
فان كان القيد : من حـ / البنك الي حـ / العميل
فمعني ذلك أن ذمة (رصيد ) البنك قد أثريت ( زادت ) بمقدار ما دفعه العميل
وفي الوقت ذاته افتقرت ( نقصت ) ذمة العميل - أى أمواله - بمقدار ما سدده الي البنك
هذا أمر مألوف لنا جميعا ، ولكن ...
هناك حالات قليلة يكون فيها الاثراء ( الزيادة ) ، أو الافتقار ( النقصان ) لذمة واحدة فقط - أى لطرف واحد فقط - دون العثور علي الطرف المقابل الذى تأثر عكسيا بهذه العملية ، مثال ذلك :
عند جرد الخزينة ( الصندوق ) تبين وجود عجز ( نقص في الرصيد ) لم يعرف سببه ، أوزيادة في
الرصيد لم يتبين سببها ، في هذه الحالة سنضطر الي انشاء قيد محاسبي من طرف واحد لتسوية هذا الخلل في الذمم المالية ، فذمة الخزينة قد افتقرت ( نقصت ) أو أثريت ( زادت ) دون
الوقوف علي الذمة الأخرى - الطرف الآخر للعملية - التي تأثرت تأثرا عكسيا ،
فاذا كان الأمر "عجزا " أصبحت الخزينة دائنة - أى صرف منها مبلغ - لطرف مجهول ، أى كان يجب أن يكون هناك قيد كالآتي :
من حـ / ............... الي حـ / الخزينة
وشرح هذا القيد : اثبات عجز الخزينة دون معرفة نوع المنصرف ولا من صرف اليه
وهو ما نقوم باثباته فعلا لتحقيق توازن الحسابات .
وهنا يكون القيد مفردا لأننا لم نقف علي الطرف المدين ، واما أن تظهر قيمة هذا العجز كرصيد بالميزانية تحت مسمي " عجز الخزينة " أو يقفل في قائمة الدخل باعتباره خسارة نقدية .
وأحيانا يطلق عليه ( حـ / معلق ) ، ولا يعني اجراء القيد بهذه الصورة أنه قيد مزدوج ، لأن القيد المزدوج يشترط وجود طرفين للعملية لكل منهما ذمة مالية مستقلة وأثر العملية علي كل منهما
عكس الأثر علي الآخر .
والأمر كذلك عند معالجة الفروق الاستثنائية التي قد تظهر عند جرد الحسابات عموما .
مفهوم الدائن و المدين في القانون
يحصل كثيراً أن يقترض مواطن من مؤسسة مالية أو من مواطن آخر إلى أجل، ويكون ذلك بكفالة طرف ثالث هو الكفيل الغارم، ويحصل أيضاً أن يتأخر المدين عن سداد ما عليه للدائن، فيلجأ الدائن إلى الجهات الحقوقية المختصة، ويلاحظ أن هذه الجهات ابتداء من الحقوق المدنية لا تفكر سوى في استدعاء الكفيل وإلزامه بالتسديد، وقد يواجه حكما بالسجن، ولا خلاف على مسؤولية الكفيل في تسديد ما على المدين من التزامات للدائن إذا عجز المدين عن ذلك.. لكن الخلاف إن صح التعبير على كون الكفيل وحسب النظام المعمول به حاليا ملزما بالتسديد في حال امتناع المدين عن ذلك سواء كان امتناعه بسبب عجز حقيقي أو نتيجة مماطلة، وتوريط الكفيل واستغلال النظام الذي يسمح بذلك.. هذا النظام الذي يجعل الدائن وبمجرد توقف المدين عن التسديد يقوم بتقديم دعوى على الكفيل، وتنتهي الدعوى قضائياً بإلزامه بالتسديد أو سجنه، وكان الواجب إقامة الدعوى أولاً على المدين، فإذا ثبت عجزه ألزم الكفيل بالتسديد عنه فإن عجز وتقرر سجنه وجب سجن المدين معه لأنه هو الذي استفاد من القرض، وتسبب في هذه المشكلة على نفسه وعلى كفيله في قضية واحدة ومشتركة وما أكثر الكفلاء المسجونين في مثل هذه القضايا ومكفوليهم يسرحون ويمرحون ويتفرجون على ما يجري لهم من المعاناة.
والمرجو أن تعيد الجهات المختصة النظر في هذه الاشكالية إنصافا للكفيل في الوقت المناسب، وحتى لا تنقطع الشهامة والمروءة والفزعة بين أفراد المجتمع بسبب بعض التصرفات غير المسؤولة من بعض أفراده. إنها دعوة للجهات المختصة ودعوة أيضاً لإخواني المواطنين الذين يتهاونون بموضوع الكفالات أن يأخذوا العبرة مما يجري لبعض الكفلاء من المتاعب والغرابيل، لأن هذا من شأنه تقليل اندفاعية بعضهم لكفالة من هب ودب. ثم إن سهولة الحصول على كفيل قد تسبب في إغراق الكثير من الذمم بالديون.
فالكفيل من هذه الناحية يضر المدين من حيث لا يدري أو من حيث يريد نفعه، وعلى العموم فإن الدين منهي عنه شرعا إلا للضرورة، ولكن الناس مع الأسف الشديد تهاونوا في هذا الأمر فتضرروا بأنفسهم وضروا غيرهم من الكفلاء وضيقوا على أسرهم بسبب تراكم الديون عليهم. هذا في الدنيا.. أما في الآخرة فأمر الدين عظيم ويكفي أن الرسول- عليه الصلاة والسلام- امتنع عن الصلاة على الجنازة لما علم ان عليه دينا وقال: صلوا على صاحبكم..كما أن الدين من الأشياء التي استعاذ منها عليه الصلاة والسلام.