بسم الله الرحمن الرحيم
((ياتي ترتيب هذا الحدث بعد النفخ يالصور ))
فإذا انصدع وجه الشمس وظهر الصوت فحينئذٍ تأخذ الأرض في الرجفة والزلزال حتّى تتمزّق ، قال الله تعالى في سورة الحج {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} أي حادث عظيم الوقع في النفوس ، والساعة هي القيامة ـ والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة الزلزال {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا . وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} ـ
{يَوْمَ تَرَوْنَهَا} أي ترَون زلزلة الأرض وتشاهدون ذلك الحادث الذي بعده تتمزّق الأرض والمجموعة الشمسية وتقوم القيامة حينئذٍ {تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا} أخبر الله سبحانه عن أهوال يوم القيامة وما يحدث فيها من تقلّبات كونية وخوف وفزع بأنّ كلّ امرأةٍ مرضعة في الكواكب السيّارة تذهل عن ولدها ولا تلتفت إليه وذلك لِما يُصيبها من الخوف والعذاب ، فهي مشغولة بنفسها عن غيرها ، وكلّ امرأة حامل تضع حملَها ، أي تُسقط جنينها لِما يلحقها من العذاب {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} من شدّة الخوف والعذاب {وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} . أمّا أهل الأرض فيموتون قبل يوم القيامة إلاّ بعض من سكن منطقة الشفق وذلك بعد أن تقف الأرض عن دورتِها المحورية ولا يبقى فيها أحياء ، ولكن الكواكب السيّارة التي أكبر من أرضنا يبقى فيها أحياء لأنّها تبقى على دورتِها المحورية لا تقف إلى يوم القيامة فحينئذٍ يُصيبها ما يُصيب الأرض من الاهتزاز أوّلاً والتمزّق أخيراً .
وقال جلّ جلاله في سورة المزّمل {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلًا} والمعنى : ترجف السيّارات وجبالُها في ذلك اليوم ، وقال تعالى في سورة الزلزال{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا . وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} ، وقال عزّ من قائل في سورة النازعات {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ . تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} أي تتبعها المصيبة الثانية التي تردفها ، ويريد بالثانية تشقّق الأرض ؛ لأنّ الأولى رجفتها والثانية تمزّقها وانتشار أجزائها في الفضاء .
وقال تعالى في سورة الواقعة {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ . لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ . خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ . إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا . وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} فالواقعة التي تقع في ذلك اليوم هي تمزّق المجموعة الشمسية ، وقوله {خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ} أي تخفض جرماً وترفع آخر ، والمعنى أنّها تقلب النظام ، لأنّها تشقّق الشمس لتجعلها سيّارات ، وتمزّق السيّارات فتجعلها نيازك ، وتفتّت النيازك فتجعلها تراباً ، وهلمّ جراً . ثمّ بيّن سبحانه متى تكون تلك الواقعة فقال {إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا} أي اهتزّت الأرض هزاً شديداً ، {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} أي وفُتّتت الجبال تفتيتا ً {فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثًّا} أي فكانت تراباً منتشراً على الأرض .