كانَ النشاط التجاري في بغداد في عشرينات القرن الماضي يتمركز في محلة الدنكجية
وباب الاغا بحيث اصبحت مركزا لبيع وشراء البضائع والمواد الغذائية ومقرا لمعظم
التجار العراقيين والعرب مما ادى ذلك الى كثرة عدد الخانات وتنوعها لغرض خزن
وتصريف البضائع. وان اغلب التجار واصحاب الحرف والبائعين لهم حجرات ومخازن
في تلك الخانات لادارة وممارسة اعمالهم التجارية كذلك كان اكثر الناس على مختلف
الوانهم واجناسهم وتقاليدهم يزورون تلك الخانات لاجل البيع والشراء والقسم الاخر
منهم ينامون فيها بحيث توجد في الخانات غرف تؤجر للذين يقيمون في بغداد اياما
واسابيع. ومن اهم تلك الخانات المعروفة في ذلك الوقت هي:ـ خان الرماح الصغير وخان
الرماح الكبير في سوق السراي وقد اشتعلت فيه النيران في ليلة سقوط بغداد وكانت
تخزن وتباع فيه مختلف انواع الخردة فروش وخان الجبن في شارع الجسر واسمه يدل
على البضاعة التي تخزن وتباع فيه وخان محمود افندي شارع الجسر ويستعمل
لاغراض مختلفة وخان التتن (وقف عادلة خاتون استملك لتوسيع شارع المامون) وخان
الكمرك وخان عبد الهادي الشهربنلي وخان بيت الجلبي وخان البرواري وخان المنكنة
والخانات الخمسة التي تعود الى بيت درويش علي (آل العطار) والخان الذي تأسس فيه
البنك العثماني وكلها تقع في الطريق المؤدي الى سوق الصفافير وفي شارع السمؤال
يوجد خان الباشا الكبير وخان الباشا الصغير (شيدت بمكانه عمارة اوقاف بغداد) وخان
السبتي وخان الشابندر الصغير وفي السوق العريض يوجد خان دلة الكبير الذي كان
مركزا للشرطة في عهد الاحتلال البريطاني وخان دلة الصغير وخان مرجان (او خان
الاورطمة) في شارع السمؤال وخان كية وخان مخزوم مدخل سوق العريض من جهة
شارع الرشيد وخان العدلية (وقف عادلة خاتون) المتخذ سابقا مخزونا للكمرك ثم ادمج
بالمدرسة المستنصرية بعد تملكه من قبل مديرية الاثار العامة وخان الباججي المجاور
لجامع الخفافين وخان احمد اغا الكر**** في مدخل شارع الجسر واخيرا خان جغان وهو
سوق للصياغ وليس خانا كالخانات الاخرى وقد نقل سوق الصياغ الى دربونة الدنكجية
(ملك بيت الشابندر) في اواخر العشرينيات وشيد محل خان جغان القديم سوق للبزازيين
وباعة الاقمشة النسائية وفساتين العرايس.لقد ورد ذكر اسم خان جغان كثيرا في الامثال
والقصص البغدادية الفلكلورية ومنها قصة الصائغ اليهودي وصانعه... فيروى ان صائغا
يهوديا كان منهمكا في عمله يصوغ حلية ذهبية وامامه (الكورة) لاذابة الذهب والى
جانبه صانعه ماسكا بالمنفاخ يشده ويرخيه لضخ الهواء الى النار فجرى الحديث بين
الصانع واستاذه حول اهل الكتاب ويوم الحساب والجنة والنار والحشر والنشر واحتكار
العنصر اليهودي للجنة!!! فسأل الصانع استاذه:ـ "ابداعتك استاذي، بقا المسلمين، ليش
ما يخشون الجنة؟" فاجابه الاستاذ بغضب:ـ "انفخ ولك ليش الجنة خان جغان كل من
يجي يخش بيها...
“ فذهب قوله للاستدلال على شعور الاستعلاء اليهودي على باقي الناس واصبح مضربا
للامثال البغدادية ولا يزال راسخا في ذاكرة البغداديين..