شبكات «واي فاي».. لتحديد المواقع داخل الأبنية والعمارات
نظم ملاحية دقيقة تصلح للمستشفيات والمتاجر الكبرى
لندن: أدى وصول مستقبلات إشارات «جي بي إس» إلى الهواتف الجوالة إلى انتعاش التطبيقات والخدمات التي تعتمد على المواقع، ابتداء من الخرائط التي تظهر مكان وجودك، إلى الأنواع الجديدة من الشبكات الاجتماعية.. لكن خطوة واحدة داخل الأبنية والعمارات، وإذا بنظام «جي بي إس» يتوقف عن العمل، غير أن خدمة ناشئة أضحت مجهزة بتقنية قادرة على تحديد موقع الشخص داخل الأبنية حتى حدود خطوات قليلة، ومن المؤمل أن يؤدي هذا إلى موجة ثانية من الخدمات التي تحدد المواقع داخل الأبنية. ومن شأن شركة «واي فاي سلام»، التي عرضت مؤخرا لأول مرة تقنيتها علانية، أن تمكن جهاز الهاتف من تحديد الموقع عن طريق دمج «بصمة الإصبع» لشبكات «واي فاي» القريبة، مع المعلومات المستمدة، أو التي مصدرها بوصلات ومقاييس الحركة والتسريع. وقد أسس الشركة طلاب من جامعة ستانفورد بمساعدة مشروع لتشجيع الشركات الإلكترونية الناشئة.
دقة كبيرة
* وتستخدم الأجهزة الجوالة سلفا شبكات «واي فاي» لتعزيز تحديد المواقع خارج الأبنية من قبل أجهزة «جي بي إس»، عن طريق الوصول إلى قواعد المعلومات التي تحتفظ بها الشركات، بما فيها شركة «سكايهوك» و«غوغل»، التي جرى جمعها عن طريق قيادة سيارات تجوب هذه المناطق بحثا عن الشبكات اللاسلكية. إلا أن هذه التقنية لا تسمح اليوم بدقة تبلغ 10 أمتار فقط في أفضل الأحوال، كما أن هدفها الرئيسي هو استخدامها خارج العمارات.
أما دقة التقنية الجديدة فتصل إلى حدود خطوتين من موقع الشخص الفعلي، وفقا إلى أناند أتريا، المؤسس المشارك لـ«واي فاي سلام» WiFiSLAM. ومثل هذه الدقة من شأنها أن تغير كيفية تفاعلك مع البيئة الخارجية، وتساعد على الملاحة داخل الأبنية والمجمعات الكبيرة كالمستشفيات والمطارات، كما نقلت عنه مجلة «تكنولوجي ريفيو» الأميركية، متابعا أن من المحتمل أن يعثر المطورون على استخدامات أخرى لها أكثر خيالا.
وأضاف: «إذا فكرت في الذهاب إلى المتاجر الكبرى يمكننا تزويدك بالمعلومات ذات الصلة بالمنتوج الذي هو أمامك مباشرة. والإمكانية الأخرى هي السماح للمستخدمين بالعثور على موظف المخزن الأقرب إليك، شرط أن يكون هذا الشخص الآخر قيد التعقب أيضا».
تحليل الشبكات
* وعندما يرغب الجهاز الذي يستخدم «واي فاي سلام» معرفة موقعه، يقوم بتحليل مقدار قوة الإشارة والهوية الفريدة لجميع شبكات «واي فاي» المحيطة بالمكان. وتجري مقارنة هذه مع بيانات المرجع التي خصصت للمكان، سواء عن طريق الإنترنت، أو إذا كانت مخزنة بالجهاز ذاته. ويمكن زيادة دقة تقديرات الموقع إذا جرى تحريك الجهاز قليلا، لكون الحسابات الكومبيوترية الخاصة بـ«واي فاي سلام» يمكنها عند ذاك تجميع الكثير من البصمات. كما يجري أيضا استخدام البيانات الخاصة بالبوصلة وإشارات مقياس التسارع والحركة التي تتعقب خطوات الشخص المعني، لزيادة دقة المواقع اللاحقة خلال تجوله في المكان.
وتحتاج «واي فاي سلام» إلى جمع بيانات مشابهة مسبقا عن داخل مبنى محدد، قبل أن تتمكن من تحديد الموقع. أما الشخص الذي يشغل تطبيقا متخصصا آخر فعليه أن يتجول في المبنى مرات عدة داخلا إلى كل غرفة مرة واحدة على الأقل. وكانت هذه الحسابات الكومبيوترية قد طورت أساسا لأغراض ملاحة الروبوتات التي تعالج النمط المتغير لبصمات «واي فاي» وخطواتها لإعادة إنتاج الممر الذي يسلكه الشخص. ويجري ربط هذا المسلك بعد ذلك يدويا مع خريطة للمكان، بحيث يمكن لـ«واي فاي سلام» إبلاغ المستخدم مكان وجوده في تلك البيئة.
أما التقنية الأخرى التي تستخدم «واي فاي» لتحسس المواقع، فتعتمد على معدات إضافية غالية الثمن، وفقا إلى أتريا، الذي أضاف: «يمكنني السير داخل أحد المباني وجعل تحديد المواقع عبر (واي فاي) يعمل خلال ساعة»، زاعما إمكانية اعتماد «واي فاي سلام» بسرعة من قبل الكثير من الأماكن.
ويقوم إلدانو مارتن، الباحث أحد أفراد فريق في جامعة بيركلي في كاليفورنيا، بتطوير تطبيق آخر لتحديد المواقع اعتمادا على «واي فاي»، الذي تبلغ دقته 1.5 متر. وعلى غرار «واي فاي سلام» يستخدم فريق مارتن بصمات «واي فاي»، ولا يحتاج هنا سوى إلى هاتف جوال، على الرغم من أن هذا العمل لا يزال حاليا مشروعا أكاديميا.
ويقول مارتن: «إن الأبنية العامة، خاصة تلك التي تخص العناية الصحية، هي بعض الأبنية الرئيسية المرشحة لتطبيق هذه التقنية عليها». وتنوي «واي فاي سلام» نشر تقنيتها هذه في عدد من المستشفيات، بما فيها مستشفى ستانفورد والمتاجر الكبرى. وستأخذ هذه التقنية أساسا شكل تطبيقات قائمة بذاتها لأغراض الملاحة، تؤمنها متاجر كبرى معينة. وفي أي حال قد يجري تشييد هذه التقنية في نهاية المطاف في تطبيقات لها مهام عامة فيما يتعلق بالخرائط.