طـــــــار الحمامُ وراعني عَجَبا
كيف اســـتقلَّ طريقهُ سرَبـــَــــا
ولمحتُهُ فـــــــي أوج نشوتِـــــهِ
يطوي الفِجاج ويمتطي السُحبا
وأجَلتُ طرفي صوب وِجهَتِهِ
فارتدَّ مني الطرفُ مُنقلبـــــــا
وســـــــألتُ أهل الحيّ كلِهمُ
من شطَّ منزلهُ ومن قرُبـــــــا
يا من رأى سـربًا على عجلٍ
من فوره قد فارق الزَغَبـــــا
فيبُثهُ نجوى " مُطوقــــــــةٍ"
تُهدي إليهِ الشوقَ والعتَبـــــا
لم تَبتئِس لشراك صائـــدِها
بل ربما التمست له سَببــــا
ما غالَها إلا يـــــــدٌ وجَفَتْ
ما لوّحت من وَجدِها طربا
مقرورةٌ أبــداً وخائفــــــــةٌ
و تخالها في يُبسها حطبــا
ذوالمحبسين يقضُّ مضجعها
ويبث فـي أعماقها الرِيَبــــــا
والنفسُ توغِلُ عبر ظلمتهــا
كم أوقدت من مشعلٍ فخَـبــا
جرحٌ يسابقني فيسبقنـــــــي
مهمـا تراني ممعناً هرَبــــــــا
هذا هــو الجرح الذي أمِلت
أشواكه أن تُثمر العنبــــــــــا
لكنه من غيظه نغَــــــرَتْ
جَنَباتُهُ وتدفقت عَرَبــــــــــا
فوق الرمال على مطيِّهُــمُ
لا يسأمون الغزوَ والحَرَبــا
يتفاصحون بملءِ شِدقِــهُمُ
كلُّ يلمعُ عجلهُ الذهبــــــــا
وعلى تُخوم القرنِ خيمتُهمْ
قد ركّزوا الأعواد والطُنُبــا
تزهو بحادي العيس منتشيًا
قد فاخر الأقوام وانتسبـــــا
إني ابن ذاك الحيِّ من "مُضَرٍ"
وعلى الأباعرِ أشددُ القَتَبــــــا
الماء فوق الظهر أحملُـــــهُ
لا أشتكي ظمأ ولا سَغَبــــــــا
عذراً بني عمي ومغفــــــرةً
إن خفّ ركبي نافرًا خَبَبــــــا
ومضيتُ لا ألوي على أحــدٍ
أماً نَبذتُ بربْعِكُمْ و أبـــــــــا
هذا العُقوق ورثتهُ حِقَبـــــــاً
فاستوطن الأنساغ والعصـا
وحدي أعانقُ نخلةً جَنَحــتْ
وأحُزُّ من سعَفاتها صُلُبـــــا
لما أظلتني غدائـــــــــــرها
وهمَت عليَّ قطوفها رُطَبـا
أقسمتُ هذا الجذعُ جذعُ أبي
ما كان يومًا جذعهُ خشَبـــــا
وصرختُ من وجدي ومن لهفي
فليبقَ هذا الجذعُ منتصبـــــــا
ليُقال يومًا كان شاهدَهُــــــــمْ
لما حنوا الهاماتِ وهو أبــــى
ولتعذروا إن متُ من عجبـــي
هل مات قبلي ميتٌ عجبـــــــا ؟!