المحنة في الدنيا ابتلاء ، وفي الآخرة عقوبة .
أمّا أنّها في الدنيا ابتلاء ؛ فلأنّ الدنيا ليست دار الجزاء أساساً ، ولم تُصمّم بالشكل الذي يؤهّلها لكي تكون محلّاً مناسباً لمنح المثوبات والعقوبات ، وإعطاء كلّ شخص جزاءه المناسب له ، بل هي دار الابتلاء ، والامتحان ، والعمل ، والزرع ، أمّا الحصاد ففي الآخرة .
طبعاً هذه المحنة التي يواجهها الإنسان في الدنيا من دون أن يكون السبب في إيجادها .
أمّا المحنة الناتجة من العمل الذي قام به الإنسان ، فهي أثر عمله شاء أم أبى ، فإنّ الدنيا يسوده نظام العلّية ، وهي دار الأسباب والمسبّبات ، فلكلّ عمل نتيجته طبيعيّة وحتميّة ، فإذا كانت المحنة نتيجته طبيعية لعمل الإنسان ، فهي لا امتحان وابتلاء إلهي ، ولا عقوبة إلهية .
وأمّا أنّ المحنة في الآخرة عقوبة ؛ فلأنّ الآخرة هي دار الجزاء أساساً ، وليست دار العمل والابتلاء ، فكلّ محنة يواجهها الإنسان هناك هي في الواقع لون من ألوان العقوبة الإلهية ، والله العالم .